Afghanistan and Pakistan in American Strategy

<--

تغير جذري في الإستراتجية الأمريكية للتعامل مع أفغانستان وباكستان معاً ، حيث وافقت الإدارة الأمريكية على فتح قنوات حوار بين طالبان وحكومة كابول وأمنت الممرات للمفاوضين عبر قوات الأطلسي ، وفي نفس السياق تشدد قبضتها في التعامل مع طالبان باكستان بالاستمرار بالعمليات العسكرية ودفعها بذلك الاتجاه ، فمنذ ان تسلم الرئيس اوباما مسؤولياته الدستورية أعلن الاستمرار في مواجهة الإرهاب والتطرف في كل من أفغانستان وإقليم وزيرستان الذي تسيطر عليه قوى باكستانية مؤيدة لحركة طالبان او ما يسمى طالبان باكستان ، وقد واجهت استخدامات القوة العسكرية فشلا ذريعا على مدار الثلاث سنوات الأخيرة حيث ان الفترة القوة العسكرية لم تجلب الأمن والاستقرار لتلك الدولة ، بل زادت المقاومة وحققت انتصارات في حرب غير متكافئة وسيطرت على المناطق الشرقية المحاذية لباكستان وبالذات إقليم هلمند ، ومما تجدر الإشارة له هنا عدم الإدراك للواقع التاريخي والاجتماعي والقيمي والثقافي السائد بالبلاد وان مقاومة المحتل هي جزء من الثقافة السياسية التاريخية ابان محاولات الانجليز قديما والسوفييت لاحقا وكيف منيت تلك القوات بالهزائم ، وها هي الإدارة الأمريكية بعد تسع سنوات من الفشل تلو الأخر تدفع باتجاه تركيع كرازي للقبول بالتفاوض مع حركة طالبان والوصول الى قواسم مشتركة أن هذه المحاولة لن تصل الى اتفاق حيث ان شروط حركة طالبان تبدأ بانسحاب القوات الأمريكية والاطلسية المرابطة على الأرض وتطبيق الشريعة الإسلامية واستلام زمام الحكم في هذه الدولة المنكوبة ، وعليه فان استمرار حالة انعدام الأمن والاستقرار هي الأكثر احتمالاً ، وهذا سيقود لمزيد من الخسائر البشرية والمادية للقوات الأمريكية وقوات الأطلسي “ايساف” على الأرض الأفغانية حيث ان الفاتورة بالاتجاهين غالية وباهظة الثمن في ظل الازمة المالية والاقتصادية العالمية التي تؤثر على الاقتصاد الأمريكي والأوروبي معاً فان الاستمرار مكلف مادياً وبشرياً وهذا دعا للبحث عن حلول أخرى منها حالة التفاوض الجديدة.

اما على الساحة الباكستانية فان العلاقة بين الطرفين متوترة جداً وهذا الذي دعا الى محادثات مباشرة برئاسة وزيرة الخارجية الأمريكية على مدار الأيام الماضية وذلك لبحث الشراكة بين الطرفين فمكافحة الإرهاب القادم من منطقة القبائل امر مهم للإدارة الأمريكية ويدفع باستمرار حالة عدم الاستقرار في باكستان.

وتعتمد الإستراتيجية الأمريكية على الاستمرار بالعمليات العسكرية ضد طالبان باكستان وإبقاء خطوط الإمداد من الأراضي الباكستانية باتجاه القوات الأمريكية والاطلسيه المرابطة في أفغانستان مفتوحة ومؤمنة ، وهذه الإستراتيجية تضع باكستان في مواجهة مباشرة مع سكانها في إقليم وزيرستان والمناطق القبلية المؤيدة لطالبان ، وتشرط حكومة باكستان مزيدا من الدعم الاقتصادي والمالي والعسكري وبالحصول على أسلحه ومعدات عسكرية وقطع غيار لطائراتها ، بالإضافة لمطالبتها بالضغط على الهند لحل مشكلة كشمير الازلية ، وقد ادت المفاوضات التي استمرت ثلاثة أيام الى تقديم 7,5 مليار على عدة سنوات منها ثلاثة مليارات مساعدة عسكرية عاجلة.

إن الحالة في تلك المنطقة تشير الى تورط الولايات المتحدة في حرب لا نهاية لها ، وان الخسائر المادية والبشرية في ازدياد ولا قدرة لديها في حسم الصراع الدائر عسكرياً ، وبالتالي فهي تلجأ الى تغيير إستراتيجيتها وقبولها التفاوض بطريقة غير مباشرة مع حركة طالبان وذلك من خلال حكومة كرازي في كابول علّ وعسى يكون ذلك طوقاً للنجاة والانسحاب في حالة نجاح المفاوضات والتخلص من حالة التورط وترك البلاد وشأن أهلها ، فمنذ البداية كانت إستراتيجية الأمريكية خاطئة في احتلال دولة والبحث فيها عن متطرفين هم جزء من السكان وليس بالسهولة التعامل مع حرب لمجموعات لا ناس لديهم المعرفة والدراية بالأرض وتضاريسها وبالحروب وبالتالي فشلت الإدارة الأمريكية في كسب المعركة وهي مضطرة اليوم الى التفاوض للوصول الى حالة الخلاص الكلي من هذا المستنقع.

About this publication