Obama’s Return

<--

أوباما العائد

يعود باراك أوباما إلى آسيا التي عاش فيها طفلا، وفيها رأى أوائل صور الحياة، وقد تغيرت جميع بلدانها من عالم إلى عالم، ومن تخلف ومجاعة وفقر إلى منطلق مذهل للتقدم والكفاية. عاش أوباما من السادسة إلى العاشرة من العمر في جاكرتا، في ظل زوج أمه الإندونيسي لولو سوويتورو، الذي تزوجت منه الأم بعدما طلقها والده الكيني حسين أوباما الثاني، الذي التقته في درس اللغة الروسية في جامعة هاواي. يمتلئ بيت أوباما بالأسماء الأفريقية والآسيوية، وكان يردد دائما على سبيل الفكاهة، أنه عندما أفاق على العالم وجد نفسه بين أب شديد السمرة وأم شديدة البياض.

جاكرتا التي عرفها أوباما كانت خارجة للتو من مذابح سياسية سقط فيها نصف مليون قتيل. والهند التي بدأ فيها جولته الآسيوية الأولى، كانت في ذلك الوقت لا تزال تعيش على المعونات والمساعدات المهينة. والصين كانت غارقة في «الثورة الثقافية» التي أودت بثمانية ملايين قتيل، فيما هي تهتف بحياة ماو وزوجته السيدة ماو، التي أدخل اسمها على النشيد الوطني في المدارس والثكنات. وكانت كوريا الجنوبية بلدا تحت حزام الفقر تصارع في دنيا الزراعة ومواسم القحط. ولم تكن ماليزيا وسنغافورة قد دخلتا عالم الصناعة والترقي. البلد الوحيد الذي قاوم كل تغيير وتقدم وكفاية، كوريا الشمالية التي اكتفت بالانتقال من عهد كيم إيل سونغ الزعيم المبجل لأربعين مليون كوري، إلى الزعيم المبجل كيم جونغ إيل، وهي تستعد الآن للانتقال إلى زعيم مبجل من أبنائه، على أن يبقى اسمه مفاجأة سعيدة للعالم أجمع وللأربعين مليون كوري الذين لن يعرفوا من سيعبدون إلا عندما يبلغون بذلك.

انقلبت آسيا منذ طفولة أوباما إلى الآن، حتى أصبحت قارة الأمل بالمستقبل. «فالمسيرة الكبرى» التي حققتها الصين في السنوات الأربعين الماضية، تجاوزت ما حققته الولايات المتحدة وألمانيا واليابان في قفزاتها المذهلة. والهند الرملية القدمين والساعدين، استطاعت النهوض بين الأمم على نحو لا يتوقعه أحد. وتحولت ماليزيا على يد مهاتير محمد، وسنغافورة على يد لي كوان يو إلى نماذج نهضوية صغيرة تحسدها عليها أوروبا. وتبدو كوريا الجنوبية اليوم مثل اليابان في أيام نهضتها الصناعية الأولى. أما إندونيسيا، بلد أوباما بالتبني، فقد عادت تتقدم «نحو آسيا» الاقتصادية. وتنعم باستقرار سياسي واضح منذ نهاية عهد سوهارتو الذي أقام 500 جمعية «خيرية» جمع من خلالها المال لزوجته وولديه.

يؤسف طبعا أن هذه الصورة لا تنطبق على ركنين آخرين في آسيا: أفغانستان التي كانت غارقة في حرب السوفيات فصارت غارقة في حرب الأميركيين، وباكستان التي يبدو أنها لا تمل من دور وكيل الحروب في الداخل والخارج معا.

About this publication