Why Reward Israel?!

<--

اذا صح ما تناقلته وسائل الاعلام امس حول موافقة اسرائيل على تجميد جزئي ومحدود للاستيطان في الاراضي المحتلة مقابل تعهد اميركي باستخدام «الفيتو» في مجلس الامن ضد أي قرار يتناقض مع الموقف الاسرائيلي وضمانات امنية بعيدة المدى بما في ذلك تمكين اسرائيل من الحصول على احدث المقاتلات الاميركية، أذا صح ذلك فانها المرة الاولى في تاريخ الدبلوماسية العالمية التي يتم فيها مكافأة قوة احتلال غير مشروع على القيام بخطوات جزئية محدودة كالتوقف المؤقت عن جزء من ممارسات غير شرعية أصلا والسكوت عن ممارسات اخرى غير شرعية دون أخذ رأي صاحب الحق الاساسي، الطرف الخاضع للاحتلال أيضا في سابقة خطيرة لا تمس فقط سلامة النظام العالمي والاسس والمبادىء التي يقوم فيها، بل وايضا تمس مبادىء العدل والانصاف وكل ما هو متعارف عليه دوليا.

وما يدفع الى هذا القول ان التعامل الاميركي او الدولي في سوابق دولية لاحتلالات غير مشروعة لم يكن على هذا النحو بل ان الطرف او الاطراف المحتلة ليس فقط انها كان مطلوبا منها انهاء احتلالها غير المشروع والانسحاب فورا من اراضي الغير بل انها تعرضت لسلسلة من العقوبات وغالبا ما ردد القادة الغربيون مقولة ان لا مكافأة للاحتلال. ولدينا بهذا الشأن سوابق فيما يتعلق بالعراق وغزوه للكويت وكذا حرب يوغوسلافيا السابقة وغير ذلك من الاحتلالات التي تم التعامل معها بحزم.

لقد اعلن الجانب العربي والفلسطيني عبر القمم العربية الاخيرة ولجنة مبادرة السلام العربية وعلى ألسنة القادة العرب والفلسطينيين مطلب الوقف الشامل للاستيطان كأساس لا بد منه لانطلاق مفاوضات السلام. والكل يدرك ان استثناء القدس من وقف الاستيطان يعني السماح لاسرائيل بمواصلة الاستيطان على نطاق واسع في المدينة المقدسة وفرض وقائع من جانب واحد بما يتناقض مع خطة خريطة الطريق التي تبناها المجتمع الدولي للتحرك نحو تحقيق السلام. كما ان الحماية الاميركية لمواقف اسرائيل وممارساتها غير الشرعية في مجلس الامن والجمعية العامة يعني فيما يعنيه خللا في الدور المفترض لاي وسيط نزيه في عملية السلام وهو خلل يمس رؤية المجتمع الدولي تماما كما يمس الحقوق الفلسطينية عدا عن انه يمس حقوق الدول والكيانات السياسية في التوجه لمجلس الامن في مواجهة ممارسات غير شرعية حسب القانون الدولي.

ويدرك الجميع خدعة التجميد المحدود والجزئي للاستيطان التي لا تستثني فقط القدس العربية المحتلة بل وايضا تستثني انشطة استيطانية غير مشروعة في مناطق واسعة من الضفة الغربية كاستثناء بدايات البناء الاستيطاني او استكمال وحدات سكنية استيطانية يجري العمل فيها او ما يسمى البناء الاستيطاني للاغراض العامة وهي تسميات تضليلية تقصد اسرائيل من ورائها اضفاء شرعية على مثل هذه الانشطة الاستيطانية.

ولذلك نقول ان هناك فرق شاسع بين المطلب العربي والفلسطيني بوقف الاستيطان وبين ما تم التوصل اليه بين الولايات المتحدة واسرائيل من اتفاق تجميد جزئي ومحدود للاستيطان لا يلبي الحد الأدنى المطلوب لانطلاق مفاوضات جادة ولهذا فان الكرة الآن في ملعب الجانب العربي الذي أقر اولا المفاوضات غير المباشرة ثم المفاوضات المباشرة ثم دعم الموقف الفلسطيني من وقف هذه المفاوضات على ضوء استمرار الاستيطان.

فاذا كان لنتنياهو ان يحدد شروطا ويحصل على مكافأة مقابل تجميد وهمي وجزئي ومحدود وهو في موقع قوة الاحتلال غير الشرعي، فان الجانب العربي والفلسطيني له بالتأكيد ان يحدد شروطا وهو في موقع ضحية هذا الاحتلال غير المشروع وهو الأجدر بالمكافأة وضمان أمنه وتقدير تجاوبه مع جهود السلام.

About this publication