The Role of U.S. Collusion with Regional Powers in Returning al-Maliki to Power

<--

دور التواطؤ الأمریكي الإقلیمي في إعادة المالكي للسلطة .. أمیر المفرجي

كتبھا أمیر المفرجي

11:44 الخمیس, 18 نوفمبر 2010

أخیرا، انتهى مسلسل مسرحیة ما یسمى بالأزمة السیاسیة العراقیة بوعكة (دستوریة) عن طریق انتخاب السید جلال طالباني بنسبة ثلثي عدد الحضور بدلا من ثلثي العدد الرسمي الكامل

للنواب، بعد اختلاف متوقع بین الأطراف المشاركة في العملیة السیاسیة، الذي ھو في الواقع صراع داخلي من أجل السلطة، كرست من خلاله الولایات المتحدة وبمشاركة الدول الإقلیمیة،

الجهود لتهمیش العراق وأقلمة سیادته، بما فیها التأثیرعلى استقلالیة الدولة والنظام السیاسي المراد إعادة بنائه في المستقبل، تمشیا مع نظریة إعادة ترتیب أوراق المنطقة التي جاءت بها

مؤامرة تدمیر العراق وإخراجه من خارطة الجغرافیة السیاسیة المؤثرة. وللمساھمة في إنجاح ھذه اللعبة نسقت الدول الإقلیمیة وبأعلى المستویات في ما بینها وتواطأت على حساب السیادة

الوطنیة للعراق، بهدف التأثیر على ساحته السیاسیة، فلم یعد ھناك مجال إلى من یمثل القوى الوطنیة المستقلة. لقد انقسم الداخل العراقي وانجذب اثنیا وسیاسیا مع مراكز القوى الطائفیة

التي تمسك بزمام الأمور في العراق، بعد أن تحولوا إلى دمى بعد الرھان الإیراني الأخیر على نوري المالكي وبمساعدة مقتدى الصدر. وفي الوقت الذي شجع النظام الإیراني الكتل الطائفیة

القریبة من إستراتیجیته اثنیا، تحركت سوریة وتركیا والسعودیة ومصرعلى المحور الطائفي السني والقومي واقنعته قصرا بضرورة توفیر القبول بصیغة حكومة جدیدة تضمن لهم ربما

مواقع مهمة في مراكز القرار. ولیس ھناك أي مبالغة في قراءة وتفسیر ھذا العراك الداخلي على إنه مؤامرة إقلیمیة بضوء أخضر أمریكي لتهمیش العراق وتقسیمه لصالح دول الجوار

المارقة. فثمة حقیقة لا جدال حولها تتمثل في الدور المهم للاحتلال الأمریكي في ترجیح كفة التوافق الإقلیمي على حساب الإرادة الوطنیة العراقیة. وبهذا أصبح من الواضح أن نجاح

الأطراف العراقیة في اختیار حكومة عراقیة لم یعتمد على إرادة وطنیة داخلیة أساسها عملیة توافق العراقیین ووحدتهم، بل العكس فقد أصبح حكم العراق شأنا أمریكیا وإقلیمیا. فلطهران

وتركیا ودمشق والقاھرة أدوار أساسیة في تمریر أي حل ترتجیه واشنطن، بعدما ثبت لها بما لا یدعو مجالا للشك أن الإدارة الأمریكیة الجدیدة ذھبت لتفاوضها وتطلب مساعدتها لضمان

أمن قواتها التي یستعجل سحبها من التراب العراقي لاستكمال انسحابها العسكري والاستمرار في ھیمنتها على منابع النفط لثالث أكبر احتیاطي في العالم . في المقابل تسعى الإدارة

الأمریكیة بصعوبة في إیجاد صیغة مرضیة لدول الجوار المتصارعة على العراق في اتخاذ مواقف مشتركة من قضیة تشكیل الحكومة ھذه المرة، مقارنة بسابقتها انطلاقا من فكرة النیة

المشتركة التي تجمع دول المنطقة قاطبة في كسب ود القوة الكبرى في الشرق الأوسط وانتظار لحظة خروجها من العراق للانقضاض على فتات الكعكة العراقیة التي سیتركها لهم الغرب

وعلى حساب ضحایا وخراب ھذا البلد الغني بثرواته. لقد أثبتت أحداث توزیع المناصب الرئیسیة الأخیرة في لعبة اقتسام السلطة وفشل تحالف اللحظة الأخیرة بخروج القائمة العراقیة من

قاعة البرلمان، بحقیقة وجود تقاسم اقلیمي في ما یتعلق بالعراق، على الرغم من اختلاف أھدافه. ففي الوقت الذي تتبلور أولیات السیاسة الدبلوماسیة السوریة التركیة في المشهد العراقي

على المستویین الاقتصادي والسیاسي، لا یزال الهدف الأول للسیاسة الإیرانیة في العراق ھو ضمان قیام نظام تابع لها وقریب منها اثنیا، بما یمكن الإیرانیین من ضمان السیطرة على

السلطة وإبعاد العراق من دائرة عدوھا الأول في المنطقة والمتمثل في النفوذ السعودي وعلاقته الوثیقة بالقائمة العراقیة التي یترأسها ایاد علاوي. وفي ھذا السیاق لابد من القاء نظرة

عمیقة على أسباب فشل علاوي، على الرغم من علاقته الحمیمة بواشنطن ونجاح نوري المالكي، الذي یعود بدون شك للرفض الإیراني، الذي كان سببه عمق ومتانة علاقات أیاد علاوي

مع المملكة العربیة السعودیة ولیس لكونه (عمیلا أمریكیا). وقد عززت زیارة المالكي لأخیرة للجمهوریة الإسلامیة والاھتمام الواضح الذي حظي به واستقباله من جانب قمة الهرم

الثیوقراطي الحاكم المتمثلة بخامنئي وأحمدي نجاد، ھذا الطرح الذي ھو بمثابة تصریح واضح لتتویج المرشح نوري المالكي زعیما رسمیا شیعیا (للجمهوریة الإسلامیة) لحكم العراق.

وھكذا تظهر لكل من له بصیرة زوایا لعبة أمریكیة في وضع حكومة عراقیة بشروط وتوافق إقلیمي لدول الجوار تحقق وتفرض من خلاله رؤى ھذه الدول وتحقیق أجندتها في العراق،

طالما إنها تشترك في بلورة وتشكیل حكومة لا تحمل الملامح الوطنیة. وبتحصیل حاصل أثبتت أحداث جلسة البرلمان الأخیرة نجاح المالكي في البقاء في منصب رئیس الوزراء ووجود

توافق أمریكي- إیراني متفق علیه عن طریق تنصیب شخصیة قریبة من إیران لضمان تحقیق انسحاب آمن للقوات الامریكیة من العراق مع نهایة العام 2011 على شرط قبوله في الوقت

نفسه من قبل القوى الإقلیمیة، وقد عززت ھذا الطرح أیضا الزیارات التي قام بها المالكي لسوریة والأردن ومصر وبعض دول الخلیج، وامتناعه عن زیارة السعودیة. ناھیك عن الفشل

الذي لاقته المبادرة السعودیة الأخیرة ورفض حلفاء أمریكا وإیران من الأكراد وحزب الدعوة لها، واستطاعة مسعود بارزاني في النهایة، وبدعم من وزیر الخارجیة التركي أحمد داود

أوغلو من النجاح في تثبیت اللقاء النهائي ومن ثم التوافق بین الأطراف المتنازعة (على المناصب) في القبول في حل قدیم جدید لتقاسم السلطة لم تكن الولایات المتحدة الأمریكیة غریبة

عنه. ان الاتفاق الأخیر الذي توصلت إلیه الأطراف السیاسیة كان نتیجة لصفقة أمریكیة مع الدول الإقلیمیة المحیطة بالعراق بعد تفعیل الدور التركي ومثیله الإیراني، حیث لم یكن لهما أن

یتفاعلا وینجحا في الساحة العراقیة لولا الغطاء الامریكي للجانب التركي والسماح له من التقرب من الشارع العربي بعد أحداث أسطول الحریة وما لاقاه من صدى جماھیري لدى شعوب

الدول العربیة من جهة ومراكز القوة الإیرانیة المنتشرة في المنطقة عن طریق حركات حماس في فلسطین وحزب الله في لبنان من جهة ثانیة. وبالتالي الموافقة من دون أي شرط بالدور

التركي ودخوله على خط المنطقة، خصوصا في العراق بعد تهمیش السعودیة أمریكیا ووضعها خارج اللعبة. في المقابل تم تنشیط الحوار الرسمي مع طهران، وھو حوار لم ینقطع یوما، بل

استمر على مناسبات وفق الحاجة الضروریة التي تتطلبها سیاسة العصا والجزرة، أي غض النظر الامریكي عن النشاط النووي الإیراني، والسماح لطهران بتشغیل مشروط لمفاعل

بوشهر النووي في مقابل تأیید طهران لحكومة یرأسها المالكي وتأھیله للمرحلة التالیة التي تلي الانسحاب الامریكي. وبانتظار مرحلة ما بعد الانسحاب، فقد ترجع الاوضاع في العراق

وتتعقد من جدید، انطلاقا من مصلحة نفس القوى الاقلیمیة كالسعودیة وإیران وتركیا التي تقتضي ابقاءه ساحة صراع لضمان استمرار النفوذ والمصالح، في الوقت الذي ینتظر فیه

العراقیون أمل العیش بسلام في وطنهم بعد ان فقدوا مصیره في 2003 غداة الاطاحة به. لقد استطاعت الولایات المتحدة الأمریكیة في تأمین خروجها (سالمة) من المستنقع العراقي

بتوافقها مع دول الجوار العراقي انطلاقا من معادلة المصالح القومیة والقطریة المشتركة لكل دولة. وقد نجح الاتراك والسوریون والایرانیون في انتهاز الفرص بالسیطرة على الاحزاب

العراقیة وتجییرھا لصالحهم بعد غیاب الاستقلالیة السیاسیة العراقیة. لقد فشلت القائمة العراقیة في إنجاح بلورة الارادة الوطنیة العراقیة، رغم مصداقیتها ونزاھتها لانها لم تكن صاحبة

القرار المستقل في بناء دولة وحكومة في عراق تحتله أمریكا وإیران.

دور التواطؤ الأمریكي الإقلیمي في إعادة المالكي للسلطة .. أمیر المفرجي http://www.aliraqnews.com/new/index.php?view=article&catid=19:artic…

1

About this publication