New World Maps

<--

ويكيليكس :عالم في خرائط جديدة

إضاءات

الاثنين 13-12-2010م

إضاءات

شاشة الرادار الذكية التي اخترقت الذاكرة السياسية الأمريكية عبر موقع ويكيليكس تنبئ بعالم جديد يتشكل وفق خرائط جديدة ربما لم تأخذ ألوانها درجة وضوح نهائية ولكنها بالتأكيد حددت طبيعته النهائية

وعلى الرغم من أن تداعيات تسريبات ويكيليكس لم تأخذ مرتسماتها وانعكاساتها السياسية على علاقات الدول مع الإمبراطورية الأمريكية وآليات التعاطي مع السياسة الأمريكية في الدبلوماسيتين السرية والعلنية إلا أن الأكيد وهو ما بدأ يترسخ في الرؤية العالمية للعلاقة مع أمريكا أن ذلك البلد العجيب في كل الأشياء يعيش عالمه الخاص ويتعامل مع كل ما عداه برؤيته ومصالحه مهما بدت ضيقة ومحدودة للآخرين والأكثر من ذلك أن التسريبات مهما كانت درجة صدقيتها وحياديتها السياسية وهو أمر مشكوك فيه تعكس بشكل او بآخر رؤية أمريكية او انطباعات شكلها ساسة او سفراء ودبلوماسيون أمريكيون عن الآخر صديقا كان ام عدواً ولا تعني بالضرورة رؤية مشتركة بأي مستوى كان وبالعودة للعنوان وبعد الذي جرى يمكن للمحلل لما جرى في عالمنا الجديد ان يقرأ السياسة الدولية في آلياتها المتبعة وفق الحقائق التي فرضتها تسريبات ويكيليكس أن ثمة مفاهيم جديدة قد بدأت تفرض وجودها على الواقع وتزيح او تقصي مفاهيم سابقة فحدود الدول وسيادتها وقوتها العسكرية ونفوذها الاقتصادي وسطوتها السياسية لم تعد هي الوحيدة في الميدان فنحن أمام عالم يتحرك باتجاهات أخرى تبدو فيها قدرات الأفراد المزودين بأسلحة العصر الحديث ومنظومته التقنية أقوى بكثير مما يتصوره البعض وان الحديث عن عالم منظومات سرية بدأ يهتز أو يتلاشى أمام قوة التقانة وان القوة العسكرية لم تعد قادرة على استدعاء من يمثلها دون منظومة جيش من العلماء وان نظرية البقاء للأقوى ربما بدأت تنزاح باتجاه البقاء للأذكى وهو ما نلمسه في قراءة خارطة الصراع في عالم اليوم حيث نلحظ ان الإمبراطوريات الكبرى لم تعد تمتلك إلا أدواتها التقليدية وهي _ وهو من حسن الحظ- لم تعد قادرة على التأثير في الأحداث إلا في حدودها الضيقة في عالم سمته الأساسية المزيد من التغير والتبدل في مراكز القوى .‏

في خرائط العالم الجديد نكتشف ان ميزان القوى قد بدأ يميل باتجاه القوة الاقتصادية المتكئة إلى قوة المعرفة عاملاً اساسياً في تحديد خطوط طولها وعرضها لذا نرى ان الفاعلين الأساسيين في رقعة الشطرنج الدولية شركات وأفراد يقبعون على عروش شركات عملاقة كبرى ولا يفضلون الظهور في المناسبات السياسية لأنهم مولعون بطريقة الروموت كنترول بعيداً عن الأضواء الكاشفة لثقل التبعات المترتبة على ذلك وانعكاساتها الاجتماعية وتداعياتها السياسية لذلك كله بدأنا نلمح أفراداً عابرين للقارات والدول والحكومات عبر قوتهم النارية تلك ؟إننا أمام عالم أصبح وهج المال فيه هو الأقوى والأشد تأثيراً وفتكاً ربما؟ وإلا ماذا يعني ان يكون حجم الفساد في احدى الدول الكبرى حسب تسريبات ويكيليكس يعادل بل يتجاوز موازنة عشرات الدول وما تفسير أن يصرع الصغار الكبار في عالم المنافسات الكبرى وكيف لجوليان اسانج الشاب الاسترالي أن يهز امبراطورية العم سام ؟ في عالم الخرائط الجديدة يبدو أن الكثير من الدول الكبرى ستصبح نموراً من ورق ؟‏

About this publication