WikiLeaks and Its Negative Effects on America’s Role

<--

اذا كانت السلطات البريطانية القت القبض على مؤسس موقع ويكيليكس ، جوليان اسانج في لندن وهو يستعد للسفر الى السويد فان تسريبات موقعه الشهير ستظل لها آثارها الكبيرة والسلبية على الدور الامريكي في العالم وخاصة في منطقة الشرق الاوسط حيث اظهرت ملايين الوثائق تجسس الولايات المتحدة عبر دبلوماسييها وصحفييها على العالم العربي واظهار التقارير الصحيحة وغير الصحيحة عن هذا العالم وكأنه يسعى من اجل تحقيق مصالح امريكا ويؤيدها في سياستها غير العادلة وغير المتسامحة حسب هذه الوثائق ، وان كان العديد من السياسيين العرب قد نفاها باعتبارها ليست مواقف رسمية”.

اعلان وزير العدل الامريكي اريك هولدر منذ بدء نشر هذه التقارير الدبلوماسية والتي وصفها بأنها تضر بالجنود الامريكيين المنتشرين في القارات الاربع ودعوته للانتربول بملاحقة اسانج مؤسس الموقع وتجميد ارصدته لكشفه عن اسرار هذه الاتصالات بعد نشر برقية تكشف عن مواقع حيوية امريكية تعتبر كما رأى المسؤولون الامريكيون هذا النشر بمثابة تزويد الارهاب بالذخيرة من اجل ضرب هذه المواقع لكونها كما يقول الامريكيون نشرت برقية تضم مواقع بتسوية تحتية في انحاء العالم واتصالات مع دول في اوروبا لاقامة قواعد امريكية جديدة واخرى لتجنيد جواسيس لمتابعة “القاعدة” والتحرك الجاري ضد ايران.. والموقف من العراق حيث خصه باكثر من اربعمائة الف وثيقة وحوالي سبعين الف وثيقة عن افغنستان.

لقد سعت الولايات المتحدة عندما سمعت ان هناك تسريبا لوثائقها البالغة مبدئيا 500″ الف” وثيقة سُطرت خلال الاعوام من 2003 – 2010 فبدأت وزارة الدفاع الامريكية التحرك للتحذير من نشر هذه الوثائق لانها ترى انها تمثل تهديدا لحياة المدنيين والجنود الامريكيين على السواء.. وهذا قبل ان يعرف احد محتواها.. هذه التسريبات أشعلت عاصفة او “تسونامي” جديدا لكنه بطريقة دبلوماسية وفكرية لم تنج منها اية عاصمة عربية او دولية لان الجواسيس او الدبلوماسيين الامريكيين لعبوا دورا بارزا في نقل الصورة عن عالمنا العربي بشكل مغاير عن الحقيقة فضلا عن كونهم زادوا في هذه التقارير ، ما دعا اميرا سعوديا بارزا هو الامير تركي الفيصل امام مؤتمر حوار المنامة الذي نظمه المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية مؤخرا الى المطالبة بانزال اقصى العقوبات بصاحب هذا الموقع مشيرا الى ان الإنترنت اصبح الآن مبعث قلق متزايد على الصعيد الدولي.

ويمكن القول: إن الولايات المتحدة ربما تكون هي وراء هذه التسريبات لاطلاق بالون اختبار للوقوف على معرفة صدى مواقف مسؤولين عرب واجانب ازاء القضايا الراهنة العربية والدولية وهذه التسريبات التي نشرها موقع ويكيليكس الإلكتروني تظهر بشكل مباشر اسرار الدول ، لان كشف هذه القضايا السرية تهدف لإضرار بعض الدول ضمن دعاية محددة وربما تهدف التشويش على سياسيين عرب ومسلمين حيث قالت احدى هذه الوثائق من سفير امريكا في تركيا عام 2004 ما يلي: “سمعنا من مصدرين ان اردوغان لديه ثمانية حسابات في بنوك سويسرية وتفسيراته ان ثرواته جاءت من هدايا زواج اعطاها مدعوون لابنه وان رجل اعمال تركياً يدفع تكاليف التعليم لاولاد اردوغان الاربعة في الولايات المتحدة” وهذه التسريبات التي نفاها اردوغان هي تسريبات امريكية القصد منها النيل من شخصية ومواقف هذا القائد التركي والاسلامي الذي استطاع مقارعة اسرائيل وامريكا عبر مختلف المحافل لكونه يدعو الى اقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف والى انسحاب اسرائيل من الاراضي العربية المحتلة. وهذه التسريبات الامريكية تمثل مؤامرة من واشنطن بغية تحسين صورتها عبر كل الصعد بعد ان وصلت الى الحضيض مؤخرا خاصة في عجزها عن اقناع اسرائيل بوقف تجميد المستوطنات لثلاثة شهور لاجراء المفاوضات المباشرة بين الفلسطينين والاسرائيليين.

لقد استطاع الاسترالي اسانج البالغ من العمر 39 عاما وهو ناشط معروف في مجال المعلوماتية وقرصان انترنت سابق ان ينشر هذه الوثائق الكثيرة حيث يطالب المحافظون الامريكيون “بهدر دمه” ويصورونه على انه يمثل شخصا شريرا معارضا للسلطة والنظام والاستقرار الدولي غير ان هذا الانتقاد المتواصل لاسانج لا يخضع لالتزام اخلاقي يجبره على حماية المصالح الامريكية او حماية مصالح الحلفاء المنخرطين في الحروب.. فالمطالبة بمعاقبة صاحب هذا الموقع الذي تم اعتقاله في لندن او تكميم أفواه المسؤولين عنه ، بمن في ذلك رئيسه بحجة انه خطر على السلم العالمي ويهدد حياة الاميركيين في كل من العراق وافغانستان وغيرهما من بلدان العالم هو بمثابة الزعم بان الولايات المتحدة تضطلع “بكل هذه الحروب من اجل المصلحة العامة ولخدمة العالم باسره”، ولعل اعتبار اسانج بأنه شخص يشكل تهديداً خطيراً للدبلوماسية ويؤثر على الدبلوماسيين الاميركيين ، هو امر بعيد عن الحقيقة لأن كثافة التعامل المتراكم بين الدول خلال القرون السابقة لا يمكن ان يعكر صفو العلاقات ببضعة آلاف او بملايين الوثائق من هذه التسريبات ، التي تنشرها عادة الدول الكبرى بعد مرور خمسة وعشرين عاماً على صدورها ، وهي ما تحتويها ايضا كتب الرؤساء العرب والاجانب وخاصة كتاب الرئيس الاميركي بوش الجديد الذي كتب العديد عن لقاءاته مع الرئيس المصري حسني مبارك حول الحرب العراقية والاسلحة البيولوجية والتي زعم من خلالها ان الرئيس المصري أوضح له في مقابلات عدة من ان العراق يمتلك اسلحة بيولوجية. ويجب وضع حد لذلك ، وهو ما نفته الرئاسة المصرية جملة وتفصيلا.

واذا كانت هذه الوثائق المسربة يُتهم بها العريف في الجيش الاميركي “مانتغ” حيث زود الموقع بوثائق عن الحرب في العراق وافغانستان لأن هناك من الاميركيين من يمقت السياسة الاميركية في انخراطها بالحروب بالخارج لكونها أسهمت في تدهور الاقتصاد الاميركي بشكل كبير،.

هذا الموقع الذي يعتبر الاخطر في العالم من وجهة النظر الاميركية احدث تصدعات في اوساط النخب الاميركية ومختلف السياسيين في شأن قضية الحروب والتهديد بشن مثل هذه الحروب على العديد من الدول ، لانه أوضح وجهة النظر الاميركية المستقبلية حتى ولو كانت على شكل تحليلات لكونها اماطت اللثام عن خطط اميركية ، من اجل التوسع او الهيمنة او ضرب بعض التوجهات القومية العربية او الاسلامية ، فموقع ويكيليكس لم يلجأ الى بيع او مقايضة بنوك معلوماته السرية الكبيرة الى اولئك القادرين على تسديد ثروات طائلة من اجل الحصول على الاموال القادرة على ابتزاز الاخرين ، بل ان البوح عن “المكتوم” كما يقول سوليرام كشوليا نائب عميد مكتبة جندال للشؤون الدولية في سونيان بالهند في الفضاء المفتوح على نحو لا يسعى الى تحقيق الربح ، ورفع مستويات المساءلة الاجتماعية للمؤسسات الحكومية يجعلان من “اسانج” رجلاً يستحق الحماية وليس الملاحقة القضائية،،.

About this publication