America … the Liberation of Afghanistan

<--

شؤون سياسية

الخميس 30-12-2010م

أحمد برغل

رغم اعترافه بفشل الحرب الأميركية على أفغانستان وهشاشة تقدم قواته هناك، مازال الرئيس الأميركي باراك أوباما يزعم أن استراتيجيته تسير بنحو جيد، و أنه لن يطرح استراتيجية جديدة لهذه الحرب،

أبعد من تلك التي أعلنها في عام 2009، و أن السياسة الأميركية هناك ستستمر كما هي، لكن مع تفعيل بنودها، كالالتفاف على قدرات باكستان والتأكد من السيطرة على هذه الدولة التي تمتلك سلاحاً نووياً بني بدعم أميركي.‏

ولعل ما كشفته تسريبات وثائق ويكيليكس حول أفغانستان، وكذلك الحرب على الإرهاب يظهر بوضوح التوجهات الاستراتيجية الأميركية تجاه هذه المنطقة بشكل خاص وحول العالم بشكل عام.‏

فلا تنظيم «القاعدة» تم القضاء عليه، ولا ملامح انتصار محتمل على ما يسمى الارهاب يلوح في الآفق، في وقت تزايدت أعداد الضحايا وخصوصاً في الجانب الأميركي، حيث كان عام 2010 دموياً بالنسبة للقوات الأميركية.‏

ومع ذلك، يبدو أن الذين يخططون للحروب الظالمة من أجل تحقيق أهداف محددة لا تهمهم الأثمان، وأعداد الضحايا، إلا إذا زادت على المنافع المتوقعة.‏

فالحرب في أفغانستان باتت غير مقبولة، ليس لدى الأفغان الذين اكتووا بنارها و شاهدوا بأم أعينهم الخراب والدمار والقتل الذي حل ببلادهم، بل أخذت في الغرب ترتفع أصوات تطالب بإنهاء هذه الحرب، لأنها في نهاية المطاف ستلحق المزيد من الأضرار بالمصداقية الأميركية في تلك المنطقة ولعل أقوى الأصوات، صوت المعارض لهذه الحرب أريك مارغوليس، الذي كتب مقالاً نشره على موقع «اني وور» الإلكتروني، منتقداً هذه الحرب و النفقات التي صرفت عليها قائلاً «تنفق الولايات المتحدة سبعة مليارات دولار شهرياً على احتلالها لأفغانستان، ما عدا مليارات إضافية تنفق لمحاولة بناء جيش أفغاني مطيع، ولدفع أموال لسياسيين و جنرالات باكستانيين.‏

ومرة أخرى يقول الكاتب: أظهر الرئيس باراك أوباما بصورة مؤلمة أنه لا يمسك بمقاليد السياسة الخارجية الأميركية، إذ إن جنرالاته والجمهوريين الفائزين حديثاً في الكونغرس ناقضوا باستهزاء تعهده ببدء سحب بعض القوات الأميركية من أفغانستان بحلول تموز 2011.‏

وهنا يلاحظ الكاتب أن أوباما يرغب في الخروج من المستنقع الأفغاني لكنه يفتقر إلى الشجاعة لكي ينفذ الانسحاب، ومراهنته النهائية على ارسال 30 ألف جندي إضافي إلى ساحة الحرب أخفقت حتى الآن في تحقيق الفوز الحاسم الذي يأمل فيه.‏

عدا ذلك، فإن مجموعات نافذة ومؤيدة للحرب بما فيها البنتاغون وصناعة الأسلحة والجمهوريون اليمنييون، كلها مجتمعة تحبط محاولاته لإغلاق فصل الحرب..‏

إضافة إلى أن السياسيين الأميركيين والأطلسيين يخافون اليوم الاعتراف بأن الحرب كانت هدراً هائلاً للأرواح و المال و الثروات وحياتهم السياسية باتت معلقة في الميزان.‏

وبينما تعوض الولايات المتحدة أكثر فأكثر في الحرب فإن حلفاءها المكرهين سئموا من تواصلها بعدما شعروا بأنهم قد تورطوا في حرب كلية ضد قبائل الباشتون الأفغانية، ما آثار ذكريات مثيرة للاضطراب عن عمليات ما سمي بإقرار عمليات السلام الاستعمارية في القرن التاسع عشر.‏

وهذا ما دفع وزير الدفاع الفرنسي الجديد (آلان جوبيه) إلى وصف النزاع الأفغاني بالشرك، داعياً إلى تبين استراتيجية خروج من المستنقع الأفغاني. الذريعة التي استخدمتها الولايات المتحدة لغزو أفغانستان، كانت القضاء على تنظيم القاعدة، المتهم بتفجيرات أيلول 2001 نيويورك، لكن بعد فرار بقاياهم الذين يقدرون ببضع مئات إلى باكستان ماذا يفعل 110 آلاف جندي أميركي و 40 ألف جندي أطلسي في أفغانستان؟‏

بالتأكيد ليس لبناء دولة كما يزعمون أو لتخليص الأفغانيين من الفقر والجهل، إذ إن التقارير تظهر أفغانستان في حالة فقر أسوأ ما كانت عليه قبل الغزو. إنه الخوف من الفشل، الذي دفع الولايات المتحدة إلى استخدام نفس الأساليب العقابية التي تستخدمها ربيبتها «اسرائيل» في الضفة الغربية المحتلة من اغتيالات وتشكيل فرق موت، وهدم منازل وأحياء بكاملها في قطاع غزة عن طريق الطائرات والدبابات.‏

المؤسسة العسكرية الأميركية مصممة على عدم السماح بهزيمة قواتها المسلحة على أيدي رجال القبائل الأفغان، فالهزيمة في أفغانستان ستثير مطالب بتخفيضات كبيرة في ميزانية الجيش المنتفخة والتي تقدر بـ 50٪ من حجم الانفاق العسكري العالمي.‏

كما أن الفشل في أفغانستان سيهدد مجمل التحالف الأطلسي الذي كان الأداة الرئيسية للسيطرة الجغرافية- السياسية على أوروبا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية في أربعينيات القرن الماضي.‏

فهل يكون مصير قوات الاحتلال الأميركية. كمصير الجيوش السوفييتية التي خرجت من أفغانستان في عام 1989، وأدى خروجها إلى انهيار الاتحاد السوفياتي السابق وتفككه؟‏

الأميركيون يخشون ذلك وخصوصاً وأن أفغانستان معروف عنها أنها مقبرة الغزاة وعبر التاريخ الطويل، والطالبان ليسوا إرهابيين دوليين، بل قوة مقاومة للاحتلال الغربي- الأميركي.

About this publication