Lessons for America in the Tunisian Revolution

<--

الدرس الأميركي في ثورة تونس

الخميس, 20 يناير 2011 07:09 باسل محمد

باسل محمد الولايات المتحدة و فرنسا تصدرتا خريطة الدول المرحبة بثورة الشارع في تونس و الاطاحة بنظام زبن العابدين بن علي، رغم ان الدولتين كانتا من ابرز الداعمين لهذا النظام في السنوات الطويلة السابقة.

يعني هذا الترحيب الاميركي بشكل خاص، ان هناك تغيراً ستراتيجياً في السياسة الاميركية تجاه الانظمة الشمولية في العالم العربي. وهذا التغير له دلالتان سياسيتان الاولى، من الآن، الاميركيون يمكنهم التخلي عن حلفائهم من الانظمة العربية التي ساندت و اتفقت مع السياسة و المصلحة الاميركية لعقود، و الثانية، ان الاميركيين دخلوا على خط القوى المعارضة العربية باستثناء تنظيم القاعدة و التنظيمات المتطرفة الاخرى بالطبع و ان المرحلة المقبلة ستشهد تقارباً كبيراً بين الولايات المتحدة و بين المعارضين العرب.

عملياً، يمكن للدرس الاميركي في تجربة ثورة تونس ان يشكل ورقة ضغط استثنائية على الانظمة العربية الشمولية و هذه الاخيرة تحت وقع هذه الورقة، مستعدة لتقديم المزيد من التسهيلات و التنازلات و التفاهمات عن ادوار ومواقف مقابل ان لا يتخلى الاميركيون على هذه الانظمة كما تخلوا عن نظام بن علي في تونس.في كل الاحوال، على هذه الانظمة العربية الشمولية، ان تختار التنازل المفرط للأميركيين او التنازل لشعوبها.

المشكلة الاخلاقية التي عانى منها النظام السياسي العربي برمته، انه كان دائماً ومازال يتحدث عن الحكمة و ضرورات التنازل و خفض الرؤوس امام العواصف مع الاميركيين و الاسرائيليين لكن لم يكن هذا النظام ليؤمن و لو لمرة واحدة بضرورة التنازل و التعامل بصورة واقعية و عادلة و شفافة وحكيمة مع مطالب و تطلعات الشارع العربي.

بعد تجربة ثورة الشارع في تونس، على هذا النظام العربي ان يسارع في تغيير نفسه من الداخل باتجاه تنمية صادقة و نزيهة يستفيد منها المواطن لا الحاكم و حاشيته و عائلته و نظام حكمه كما هو حال نظام حكم بن علي في تونس .. الصحيح و الواقعي ان نظام بن علي، حقق تنمية اقتصادية لتونس لكن فوائد هذه التنمية ذهبت الى الحاكم و حاشيته وهذا التشخيص يمثل في الوقت الراهن اسوأ انواع الفساد في النظام السياسي في العالم العربي.في تجربة ثورة الشارع في تونس، الاميركيون من اكثر المتعلمين و المجدين لأستخلاص دروس هذه التجربة الفريدة في المنطقة العربية و في سر الدرس الاميركي من هذه التجربة ان الانظمة العربية الشمولية لم تعد خياراً رابحاً للولايات المتحدة بل اصبحت عبئاً على المصالح الاميركية.

وفي سر الدرس الاميركي من ثورة الشارع في تونس، ان الاميركيين بعد هذه الثورة و هذه التجربة الناجحة سيفضلون التحيز للشعوب العربية لسببين الاول، ان الانظمة العربية الشمولية شارفت على الانهيار و السقوط بفعل تفاقم آثار التنمية الفاسدة وهي التنمية التي يستحوذ على ثمارها نظام الحكم والمقربين منه حصراً بدليل تصاعد معدلات البطالة و الفقر بين مواطني العالم العربي. و الثاني و هذا المهم و الحيوي ان الخبراء الاميركيين في علوم النفس و الاجتماع السياسي سيقترحون بعد تجربة ثورة الشارع في تونس ان تؤيد حكوماتهم الشعوب العربية بدلاً من تأييد الانظمة السياسية وهذه سياسة ذكية.

في الدرس الاميركي بعد ثورة تونس، نعم للديمقراطية و نعم للاطاحة بالأنظمة الشمولية و نعم لرحيل الحلفاء السابقين من انظمة جمهورية او ملكية لأن ذلك يشكل مخرجاً فطناً لاستمرار النفوذ الاميركي في العالم العربي لكن الاهم هو اجهاض مشروع تحول الشارع العربي الى مجندين في تنظيم القاعدة بسبب نتائج التنمية الفاسدة واحتمالات تكرار تجربة ثورة الشارع في تونس في دول عربية اخرى.علمياً، الاميركيون اذكى بكثير من الانظمة العربية الشمولية على تشخيص تداعيات التنمية الفاسدة و في كيفية التعامل مع مخاطرها، كما ان الاميركيين بعد تجربة ثورة تونس حسموا امرهم و قرارهم بعدم تأييد وجهة النظر القائلة في بعض الدوائر الامنية العربية انه يمكن قمع اية ثورة شعبية بسبب اتساع موجة المآسي الناتجة عن التنمية الفاسدة.

بعد ثورة الشارع في تونس، الرسالة الاميركية الى الانظمة الشمولية العربية، ان القناعة السياسية الاميركية بأن المصلحة الاميركية و الامن القومي الاميركي يرتبطان بالدفاع و التحيز لها، قد انتهت و تلاشت، كما ان في مفردات هذه الرسالة ان التنمية الفاسدة في العالم العربي باتت مصدر تهديد لمصالح الولايات المتحدة في المنطقة و العالم و باتت مصدر قوة لأعداء الولايات المتحدة وان هذه التنمية الفاسدة في الدول العربية هي مكافأة لتنظيمات التطرف و العنف و ان الاميركيين لم يعد بامكانهم ان يتحملوا ان يرتبط اسمهم بهذه التنمية الفاسدة او ان يدفعوا ثمناً ما بسبب ثورات الشارع العربي.

About this publication