كان الرئيس الروسي ديمتري مدفيديف ضيف فلسطين أمس الأول، وهي زيارة رحب بها الفلسطينيون ليس فقط بحكم العلاقات المتينة التي ربطت روسيا الاتحاد السوفياتي السابق بالقضية الفلسطينية، والدعم الذي تلقاه الشعب الفلسطيني من روسيا في ذلك العهد على كافة الصعد، بل أيضا لأن روسيا ما بعد الحرب الباردة تبذل قصارى جهودها للإبقاء على هذه العلاقات المتميزة في أطر جديدة تتفق مع مرحلة ما بعد السوفياتية، حيث المصالح الوطنية هي التي تسير العلاقات الدولية، وتحدد توجهات مختلف الدول في هذا العالم.
ومن الواضح أن الجانبين الفلسطيني والروسي يتفقان على أن لهمامصلحة مشتركة في تعزيز علاقاتهما، خصوصا وأن روسيا تنتهج سياسة مستقلة في تعاملها مع دول وشعوب العالم، وخصوصا في منطقة الشرق الأوسط.
وفي هذا السياق فقد تقدمت بمبادرات لتفعيل العملية السلمية، كان منها دعوتها لعقد مؤتمر في موسكو لمتابعة نتائج مؤتمر أنابوليس الذي عقد أواخر عهد الرئيس الأميركي جورج بوش في الولايات المتحدة.
ومع أن مؤتمر موسكو للمتابعة لم ينعقد بسبب الممانعة الاسرائيلية لعقده في الأساس، فإن روسيا لم تتوقف عن بذل جهودها لتحريك المسار السياسي للنزاع. ولعل التصريح الايجابي الذي أدلى به الرئيس مدفيديف في أريحا أن يكون مؤشرا على المواقف الروسية الثابتة في مساندة كفاح الشعب الفلسطيني للحصول على حقوقه المشروعة، وهو نفس الموقف الذي اتخذته موسكو خلال الحرب الباردة، وبعدها.
ومع أن المقارنة بين الموقفين الروسي والأميركي، والدولتان كلتاهما عضوان في اللجنة الرباعية الدوية للسلام في الشرق الأوسط، ليست هي مجال التعليق هنا، خصوصا في ضوء فشل واشنطن في الضغط على اسرائيل لتجميد الاستيطان، واحتمال استخدامها حق النقض ضد مشروع قرار فلسطيني قادم يدين الاستيطان سيعرض على مجلس الأمن- فإننا نشير هنا إلى تطور إيجابي وهو رفع العلم الفلسطيني فوق مقر البعثة الفلسطينية في واشنطن،
هذا التطور وإن كان بسيطا، لكنه يأتي في سياق أكبر يتعلق بسلسلة الاعترافات الدولية بالدولة الفلسطينية العتيدة في حدود العام ١٩٦٧، ورفع مستوى عدد من البعثات الفلسطينية في عواصم غربية.
ومن المؤكد أن الطريق طويل وشاق قبل أن تعترف دول العالم كلها بفلسطين الدولة في حدود العام ١٩٦٧، وسيكون الهدف التالي هو اعتراف الولايات المتحدة نفسها بدولتنا فوق كافة الأراضي الفلسطينية المحتلة عام ١٩٦٧.
وما يريده الشعب الفلسطيني هو توافق كامل بين موسكو وواشنطن على الحل العادل والشامل والدائم للقضية الفلسطينية، وفقا لما أجمعت عليه الأسرة الدولية كلها. هذا الحل هو إنهاء الاحتلال والاستيطان، وإقامة الدولة الفلسطينية في حدود ١٩٦٧، وعاصمتها القدس الشرقية الفلسطينية.
وسيحصل الفلسطينيون على حقوقهم كاملة غير منقوصة، طال الزمان أم قصر.
Leave a Reply
You must be logged in to post a comment.