The Egyptian Army Still Considers Israel the Enemy

<--

لا يصدق الرئيس حسني مبارك ما تراه عيناه في شوارع القاهرة والمدن المصرية الكبرى والصغرى على السواء. ولا يصدق أيضاً أن ما نسجه في ثلاثين عاماً من الحكم شبه المطلق يمكن أن ينهار في ثلاثين يوماً أو أقل. وفي اصراره على القول إن مصر ليست تونس ولا لبنان انعكاس لاقتناعه الضمني الراسخ بأن شعب مصر الوديع لا يمكن ان يتغير مزاجه العام بين عشية وضحاها. والثورة الشعبية المصرية في الداخل ترددت أصداؤها على الفور في عدد كبير من دول العالم فخرجت تظاهرات منددة بنظام حسني مبارك وتطالبه بالتنحي، ولم تخرج تظاهرة واحدة في أي مكان في العالم تدعم هذا النظام وتدافع عنه. وأطلق الرئيس مبارك جملة من الوعود والعهود للمتظاهرين في الكلمة اليتيمة التي وجهها الى الشعب المصري، كما كان يفعل من قبل، وكانت الناس تصدقها أو تتظاهر بذلك وتسكت. ولسان حال الناس اليوم يقول إنهم صبروا طويلاً على الكلام المعسول والعهود وأهي غلطة ومش ح تعود!

ورقة الأجهزة الأمنية خرجت اليوم من يدي الرئيس حسني مبارك، ولكنه لا يزال يراهن على الخارج الدولي ولا سيما الولايات المتحدة الأميركية، وللايحاء بأنه لا يزال يمسك بورقة الجيش. والتعيينات الأخيرة التي اجراها قصد منها انها تصب في هذا الإتجاه. وقد فشل عهد الرئيس مبارك خلال حكمه الطويل في أمور كثيرة منها التردّي للأحوال المعيشية والاقتصادية بسبب الفساد الشرس الذي مارسته الطبقة الحاكمة والقريبة منها. ومنها القمع للحريات العامة وحقوق الإنسان. غير ان الفشل الأعظم الذي مني به هو عجزه عن تحقيق ما تطلبه منه الإدارة الاميركية في مقابل المساعدات والدعم السياسي لنظامه، وهو تطبيع العلاقات مع اسرائيل. وقد فشل مبارك في تحقيق هذا الهدف على المستوى الشعبي المصري الذي لا يزال يعتبر ان اسرائيل هي العدو على الرغم من معاهدة السلام. وحسني مبارك يعرف ذلك، وهو لم يقم بأية زيارة لاسرائيل خلال حكمه الطويل تجنّباً لاستفزاز شعبي يقود الى انفجار.

فشل الرئيس مبارك ايضاً في تطبيع عقيدة الجيش المصري وتحويل اسرائيل من عدو الى صديق. وهذا الواقع هو من المآخذ الاميركية الكبرى على مبارك. وكشفت الوثائق السرية الأخيرة على موقع ويكيليكس ان أميركا منزعجة من استمرار الجيش المصري في اعتبار اسرائيل العدو الأساسي رغم مضي أكثر من ثلاثة عقود على توقيع معاهدة السلام. والحرس الشعبي المصري يذهب في هذا الاتجاه وهو ما يفسّر التعاطف الشعبي مع الجيش. وكشفت وثيقة أخرى مرسلة في نهاية كانون الأول / ديسمبر ٢٠٠٨ الى القائد السابق للقيادة الوسطى في الجيش اأميركي ديفيد بيترايوس لمناسبة زيارته الى القاهرة، انتقادات أميركية مباشرة لقيادة الجيش المصري. ومما جاء في هذه الوثيقة ان المشير محمد حسين طنطاوي القائد العام للقوات المسلحة المصرية لا يزال في منصبه منذ عام ١٩٩١ وهو يبلغ من العمر عام ٢٠٠٨ ٧٧ سنة وقادر على البقاء في منصبه سنوات أخرى لعلاقته الجيدة مع مبارك. وكانت الادارة الأميركية تضغط لتغيير قيادة الجيش المصري. وأكثر ما أغضب الادارة الأميركية ان الجيش المصري أجرى في العام ٢٠٠٩ مناورات واسعة النطاق لصدّ هجوم اسرائيلي مفترض في سيناء بمشاركة القوات الجوية والبرية!

الكل مقتنع في الداخل والخارج ان أوان الرحيل قد حان، والأمر يتوقف على الرئيس مبارك ومتى يقتنع بذلك.

About this publication