الامبراطورية البريطانية لا تغيب عنها الشمس، هكذا تباهى حكامها المستعمرون.
وهكذا حال امبرطورية الهيمنة الامريكية اليوم.
في القرن الماضي خرجت الكثير من الدول العربية من السيطرة العثمانية المتخلفة إلى الانتداب البريطاني المذل.
ومعظم الدول العربية الآن خاضعة للهيمنة الامريكية المقيتة.
كانوا يسمون الهند درة تاج الامبراطورية البريطانية.
وهنالك درر كثيرة في المنطقة العربية يسيل لها لعاب الأمريكيين، وأهمها ثلاث: السعودية والعراق ومصر.
السعودية لنفطها وأموالها.
والعراق لنفطه ولموقعه الاستراتيجي أيضاً بجوار الخليج وإيران.
ومصر لأنها مقر الأزهر الشريف ومركز الثقل العربي ومفتاح الحرب والسلام مع الكيان الصهيوني.
ولو اضطرت أمريكا مرغمة لاختيار واحدة فقط من الدررالثلاث لاختارت مصر بالتأكيد، لأن مصالح الكيان الصهيوني لها الأولوية، حتى على المصالح الوطنية الامريكية.
ولنتذكر استعمال البريطانيين للقوة العسكرية في 1956م للحفاظ على مصالحهم في مصر، وتحالفهم في سبيل ذلك مع منافسيهم التقليديين الفرنسيين، ومع الصهاينة كذلك، من دون اكتراث لما يسببه ذلك من احراج شديد واضعاف لأتباعها المخلصين في المنطقة، ولعل أول ضحايا تلك المغامرة الفاشلة النظام الملكي العراقي.
اغتنمت الحكومة الأمريكية تهور بريطانيا لتخرجها تماماً من مصر والمنطقة برمتها، وذلك من خلال وقوفها ضد الحرب الثلاثية على مصر، ولكنها لم تنجح في بسط سيطرتها على النظام المصري حتى جاء السادات للحكم، فوضع مصر في المعسكر الأمريكي، وسار مبارك على نهجه.
هيمنت أمريكا على النظم العربية، واستخفت بالعرب، لحد الوقاحة، فلم تتردد من الجهر بانحيازها التام للكيان الصهيوني وسياساته الاستيطانية، من دون اكتراث لتحذيرات النظم العربية التابعة لها بالتداعيات السلبية لذلك على صورة هذه الأنظمة في الشارع العربي.
لم تكن تتوقع أمريكا، ولا حتى في أسوء كوابيسها، أن يتحرك الشارع العربي ويطيح بأحد أنظمة الحكم التابعة لها، كما حدث في تونس.
بالأمس حثت الحكومة الأمريكية الطاغية المصري على التشبث بالحكم، فتشجع مبارك، وأنزل الجيش للشارع، وعين رئيس مخابراته الضالع في المخطط الأمريكي- الصهيوني في المنطقة نائباً له، ثم خرج الرئيس أوباما ليتلو بياناً على وسائل الإعلام يذكر بالشراكة بين حكومة بلاده ونظام مبارك التسلطي.
ما لم يعلنه أوباما عن فحوى محادثته الهاتفية مع مبارك عبر عنه الملك السعودي عبد الله فقال مخاطباً الرئيس المصري: “… لا يتحمل الإنسان العربي والمسلم أن يعبث بأمنها [أي مصر] واستقرارها بعض المندسين باسم حرية التعبير بين جماهير مصر الشقيقة واستغلالهم لنفث أحقادهم تخريباً وترويعاً وحرقاً ونهباً ومحاولة إشعال الفتنة الخبيثة..المملكة العربية السعودية شعبا وحكومة إذ تشجب ذلك وتدينه بقوة فإنها في نفس الوقت تقف بكل إمكاناتها مع حكومة مصر وشعبها الشقيق”، هكذا يتبين لنا ما قاله أوباما لمبارك ولم يصرح به للعلن ففي نظر أمريكا والسعودية ثورة الشعب المصري هي فتنة خبيثة من صنع مندسين حاقدين مخربين مروعين مشعلي حرائق ولصوص، وحكومتا البلدين تقفان بكل إمكاناتهما مع الطاغية مبارك ضد شعبه التواق للحرية والعدالة والعيش الكريم.
يدرك المصريون الثائرون أن لا حياة لنظام مبارك الفاسد من دون الدعم الأمريكي.
لذلك هتفوا اليوم بسقوط مبارك “عميل الأمريكان”.
عندما يسقط نظام مبارك في القريب العاجل بإذن الله سينهار المعسكر الأمريكي في المنطقة، لذا ننصح الساسة العراقيين وغيرهم في المنطقة للاسراع بفك ارتباطهم بالنظام الأمريكي، واعلان البراءة منه، والاستجابة للمطالب المشروعة لمواطنيهم، قبل فوات الآوان.
Leave a Reply
You must be logged in to post a comment.