The “New Middle East”

<--

“شرق أوسط” جديد

يبدو أن ما يسمى “الشرق الأوسط” قطع شوطاً في التحول إلى “شرق أوسط جديد”، بالمسميات نفسها التي كان يروج لها صناع السياسة الأمريكية و”الإسرائيلية”، ولكن ليس كما خطط الأمريكيون و”الإسرائيليون” له، بل كما يريد الشعب المصري، حيث بدأت الأوراق تختلط، والأطراف كافة في الداخل والخارج تعيد حساباتها .

ما يثير الانتباه أن الموقف الغربي بقيادة الولايات المتحدة لا يهمه في ما يحدث من تغيرات في المنطقة سوى الحفاظ على المصالح الاستراتيجية لواشنطن في المنطقة، والمحصورة إلى حد كبير في الحفاظ على الكيان الصهيوني في المنطقة، والحفاظ على الاتفاقيات التي وقعها مع جيرانه .

لقد أصبح الصهاينة في موقف لا يحسدون عليه، حيث بدأت الأمور تتبدل من حولهم بعد أن أعدوا سيناريوهات وحاكوا مؤامرات شرعوا في تنفيذها، إلا أن خلط الأوراق الذي حدث أخيراً نتيجة تطور الأحداث في كل من مصر وتونس وغيرهما من الدول العربية، جعلهم يعيشون في حالة من القلق والضغط على واشنطن والحلفاء الأوروبيين لتأمين الأوضاع لمصلحة الكيان .

ما يقلق الصهاينة ليست الأحداث الأخيرة في حد ذاتها، بل دلالاتها الرمزية بعد أن تجرأت بعض شعوب المنطقة، ومعها النخب، وكسرت حاجز الصمت، وهو ما أدى بدوره إلى حصار وتراجع نفوذ بعض نظم الحكم في المنطقة، وهو ما سينعكس على قضاياها كافة .

هذا التراجع سبقه تراجع غربي أيضاً، حيث بدأت بعض الدول الأوروبية تتهاوى بفعل الأزمة الاقتصادية العالمية، كما بدأ نفوذ واشنطن في التآكل، بعد أن عصفت باقتصادها هذه الأزمة، لنرى واشنطن الراعي الرسمي للإرهاب الصهيوني قد سلكت “طريق الخراب” كما قالت سارة بالين، العضو البارز بالحزب الجمهوري .

وفي مقابل بداية تهاوي الإمبراطورية الأمريكية وبقية الرعاة والداعمين للكيان الصهيوني وتبدل أمور بعض دول الجوار، فإن صعود قوى عالمية جديدة تسعى للنفوذ والسيطرة، مثل الصين والهند والبرازيل وروسيا، قد بات واضحاً ، ونتيجة لذلك تحول موقف واشنطن من استخدام التهديدات العسكرية وتنفيذها إلى الأخذ بسياسة “النصائح الملزمة” لبعض دول المنطقة وإرسال المبعوثين وعقد المؤتمرات الصحافية، كما رأينا الرئيس الأمريكي باراك أوباما وقد عقد مؤتمرات عدة بشأن الأوضاع في المنطقة، بعد أن شعر الغرب أن الأمور خارجه عن سيطرته .

وما يزيد قلق الصهاينة إزاء الأوضاع الجديدة في المنطقة هو ازدياد الوعي العربي وسقوط بعض الحساسيات بين شعوب المنطقة، بعد أن وحدتها الأحداث الأخيرة، وهذا لا يعني إلا أن عصر التغييب العربي قد ولى، وبالتالي فإن استقرار الكيان الصهيوني بات مهدداً، ولم يعد هناك المناخ المناسب لشن عدوان أو محارق جديدة، فالشعوب العربية التي مازالت تصدح في المنطقة ستجعل الإقدام على أي عمل عسكري مغامرة غير مأمونة العواقب، ف “الشرق الأوسط” لن يبقى كما كان .

About this publication