The Islamic Party and Its Political Role under American Occupation

<--

الحزب الإسلامي ودوره السياسي في ظل الاحتلال الأمريكي .. د . خالد المعيني

كتبها د . خالد المعيني

الاثنين, 24 يناير 2011 15:16

لاشك إن الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003 قد شكل زلزالا عصف بشدة في المجتمع العراقي بكافة شرائحه وفي مقدمتها الأحزاب والحركات والتيارات السياسية بمختلف اتجاهاتها، كما شكل اختبارا صعبا لمواقف وسلوك هذه الأحزاب مقارنة بشعاراتها ومنطلقاتها النظرية التي طالما تغنت بها ، ولم تكن الأحزاب والتيارات الإسلامية بمنأى عن هذا الاختبار ، ومنذ البداية كان من الواضح أن معادلة سياسية من طرفين قد تشكلت في الساحة السياسية العراقية، ولم تتشكل هذه الأطراف من تيارات ذات توجهات منسجمة بالضرورة فقد أحتوى كل طرف في هذه المعادلة على قوى وأحزاب دينية وعلمانية ومستقلة من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار ولكن الفرق كان في الإحداثيات التي أستقر عندها كل طرف ، ففي الوقت الذي عبر فيه الشعب العراقي عن رفضه للغزو والعدوان والاحتلال من خلال انبثاق مقاومة شرسة عسكريا ومناهضة سياسيا وممانعة مدنيا ، كانت رأس الحربة فيها المقاومة الإسلامية وكبدت قوات الاحتلال خسائر مادية وبشرية باهظة منسجمة في سلوكها ذلك مع شعاراتها ومبادئها التي تمليها عليها خلفياتها سواء الدينية والشرعية أو الوطنية و الأخلاقية ، نجد أن قوى وأحزاب وشخصيات أسلامية أخرى قد اتخذت مواقعها في الضفة الثانية من خلال الانخراط في المشروع السياسي للاحتلال . المحطات المبكرة يعتقد البعض خطأ أن الاحتلال الأمريكي قد باشر بصفحاته السياسية بطريقة عفوية وانه كان يتخبط في قراراته بعد الاحتلال العسكري، ولكن بعد ست سنوات يستطيع الباحث أن يتابع بدقة محطات ونقاط تشكل بمجموعها ما يشبه المنحنى المرسوم والذي يشير إلى مخطط مسبق التخطيط بدأ مبكرا قبل الغزو الفعلي والعسكري واستمر بعده ، وتسليط الضوء على هذه المحطات وأطرافها قد يساعد كثيرا في فهم مواقف بعض القوى لاحقا ويفسر سرعة الاصطفافات السياسية مع أو ضد الاحتلال والوقوف ضمن هذه الضفة أو تلك . لدى تدقيق وثائق ما يسمى ” المعارضة العراقية ” يمكن تصنيف مرحلتين مرت بهما حيث اتصفت المرحلة الأولى بمعارضة النظام السياسي الوطني السابق في العراق وهذا أمر معروف على صعيد العمل السياسي و اختلاف وجهات النظر حول طبيعة الحكم خاصة وأن شعارات ما يسمى المعارضة العراقية في هذه المرحلة لم تخرج عن شعار تغيير النظام ولم تتطرق لا من قريب أو من بعيد لمشاريع تقسيم العراق عبر الفيدرالية أو تكريس مبدأ المحاصصة الطائفية والعرقية كمبدأ للحكم، والاهم من ذلك لم تتعرض لهوية العراق العربية أو التعاون مع الولايات المتحدة كدولة احتلال ومساعدتها على غزو العراق وتدميره عن بكرة أبيه . ألا أن مرحلة ثانية من تاريخ هذه المعارضة قد طرأت وميزت بين مواقف قوى سياسية ودينية وشخصيات عارضت النظام ولكنها في نفس الوقت أبت التعاون مع الاحتلال الأمريكي – البريطاني ، وبين قوى تعاونت في وقت مبكر مع ” العدو الكافر ” و ” الشيطان الأكبر ” و ” العدو الإمبريالي ” وباشرت بأشراف سفير الولايات المتحدة الأمريكية لدى المعارضة العراقية كما سمي آنذاك زلماي خليل زادة الذي أشرف بنفسه على مؤتمرات هذه ” المعارضة” التي خططت لمرحلة ما بعد الغزو والتعامل مع احتلال العراق كغنائم ، وفي مؤتمرات لندن وصلاح الدين قبل الاحتلال تم رصد مصطلحات لأول مرة كالفيدرالية وغياب هوية العراق العربية ومظلومية الأغلبية الشيعية التي لم تكن دارجة في كافة أدبيات المعارضة المبكرة . من ذلك نستنتج بان الموافقة المسبقة والتوقيع من قبل أطراف هذه المؤتمرات ومنها الحزب الإسلامي قد تمت قبل الاحتلال ، وبالتالي لم يكن من باب الصدفة أن يكون أبطال وطاقم المحطات التي أعقبت مباشرة مرحلة ما بعد الاحتلال هم نفس أطرافها قبل الاحتلال وليس كما يدعي البعض أنه قد أجتهد في دخول العملية السياسية ” لدفع أهون ألشرين ” بل عن علم وسبق إصرار وتخطيط .المحطات الرئيسية ما بعد الاحتلال إن مئات النصوص في القرآن العظيم وفي السنة النبوية المطهرة تؤكد معنى وحكم واحد ينطبق على وصف الغزو الذي قامت به الولايات المتحدة على العراق : وجوب الجهاد ، وحرمة الاستسلام للعدو ، وحرمة التولي يوم الزحف, وحرمة خيانة الأمة, وحرمة التواطؤ مع العدو ، وحرمة ( شرعنة ) احتلال بلاد المسلمين ، وحرمة الوصاية من الكفار على المسلمين ، وحرمة تولي الكافرين ، وحرمة الاستعانة بالمشركين على المسلمين ، وحرمة تمكين الكافرين أن يكون لهم سبيل على المؤمنين ، هذه هي الزبدة والخلاصة الوافية التي استخلصت من آراء جميع المذاهب الفقهية بدون استثناء والتي استخلصها أكابر العلماء في العالم الإسلامي من القرآن الكريم والسنة وبقية أدلة الأحكام ونصوا عليها بوصفها فتوى مجمع عليها من علماء الإسلام يتوجب العمل بها .ولقد جاء في الموسوعة الفقهية : ” إذا استولى الكفار على بقعة من دار الإسلام صار الجهاد فرض عين على جميع أفراد الناحية التي استولى عليها الكفار ، رجالا ونساء ، صغارا وكبارا ، أصحاء ومرضى ، فإذا لم يستطع أهل الناحية دفع العدو عن دار الإسلام ، صار الجهاد فرض عين على من يليهم من أهل النواحي الأخرى من دار الإسلام ، وهكذا ، حتى يكون الجهاد فرض عين على جميع المسلمين ، ولا يجوز تمكين غير المسلمين من دار الإسلام ، ويأثم جميع المسلمين إذا تركوا غيرهم يستولي على شيء من دار الإسلام “أولا – محطة مجلس الحكم 13 / 7 / 2003 : شكل مجلس الحكم كأول نموذج تطبيقي لمبدأ المحاصصة الطائفية وكسابقة خطيرة لم يشهدها التاريخ السياسي العراقي، يقسم العراق إلى نسب تمثيلية طبقا للطائفة والعرق والمذهب ،هذا المبدأ الذي أصبح قاعدة حكمت فيما بعد كافة مفاصل العمل السياسي والحكومي وأنسحب حتى على طريقة تشكيل القوات الحكومية والأمنية. دشن مجلس الحكم الذي أسسه الحاكم المدني للاحتلال بول بريمر ، أولى جلساته باعتبار يوم سقوط بغداد في 9 / 4 / 2003 عيدا وطنيا للعراق . لقد طرح الحزب الإسلامي نفسه من خلال اشتراكه بشخص أمينه العام كممثل عن شريحة رئيسية للمجتمع العراقي ، وتنازلوا طبقا لذلك عن حقوقهم بفعل اتفاقات مسبقة بين الحاكم الأمريكي المدني وبين رؤساء أكبر كتلتين سياسيتين عنصرية وطائفية تعاونتا مع الاحتلال، حيث نصت هذه الاتفاقات على أن تحوز هاتين الكتلتين على 80 % من مقاعد مجلس الحكم ، الأمر الذي يذكره بريمر في مذكراته بأنه كان عليه أن يكمل ” لعبته ” من خلال تطعيم بقية المجلس ببعض الديكورات الهامشية والهزيلة من ممثلي السنة و الشيوعيين والنساء و الكـلد و آشوريين لإكمال النسبة المتبقية 20% ثانيا – محطة تمرير الدستور 15 /10 /2005: إذا كانت المشاركة في تشكيل مجلس الحكم في تموز 2003 قد شكل أول لبنة وسابقة سياسية في تقسيم العراق الموحد على أساس طائفي وعرقي تمهيدا لذر قرن الفتنة والتناحر ، فأن المشاركة في سن وتمرير ما يسمى ” ألدستور الدائم ” يمثل الصفحة السياسية الأكثر خطورة والتي تمثل احتلالا مستمرا ولكن بوسائل غير مباشرة فقد قنن هذا الدستور وشرعن مبدأ المحاصصة الطائفية والعرقية وأنهى هوية أسمها عروبة العراق من ديباجته المشحونة بالحقد وروح الثأر والانتقام إلى آخر مادة فيه ، هذا الدستور الذي جزأ السيادة والاستقلال والثروة ، وشرع لتقسيم العراق من خلال إقرار مبدأ الفيدرالية التي تحول العراق إلى دويلات متناحرة على السلطة والثروة . قبل الاستفتاء على الدستور في 15/10/2005 اتفقت معظم القوى والشخصيات والأحزاب الوطنية المناهضة للاحتلال على مقاطعة هذا الاستفتاء لأنه يضر بمصلحة الشعب العراقي ولأنه وضع من قبل الاحتلال الأمريكي وتم تفصيله ليخدم مصالح ضيقة للاحتلال ولأحزاب تعاونت مع الاحتلال ، لا علاقة لها بمصالح الشعب العراقي، وعقد لهذا الغرض اجتماعا موسعا ضم ممثلين للحزب الإسلامي ، وكان ممثليه الأشد رفضا للمشاركة في الاستفتاء على الدستور من خلال ” أكبر لا للدستور ” وهو شعار حملة الحزب الإعلامية الرافضة للدستور في بغداد والمحافظات ، وكانت الأمور تسير باتجاه رفض شعبي واضح للاستفتاء على هذا الدستور ألتدميري أو على الأقل بأن شريحة رئيسية من المجتمع سوف لن تعطي موافقتها على هذا الدستور مما يسقط شرعيتيه حتى وان شارك البقية ، لأن طبقة الدستور تختلف عن الانتخابات ، فشرعيته تكمن في الموافقة عليه من قبل الجميع . شكل إعلان الحزب الإسلامي بالموافقة على الدستور قبل أقل من ثمانية وأربعين ساعة من الاستفتاء صدمة كبيرة وضربة غير متوقعة أوقعت الانشقاق والحيرة في أوساط الناس ، خاصة عندما أعلن رئيس الحزب الإسلامــي بتاريــخ 12 / 10 / 2005 بأنه أخذ “وعدا” بتعديل الدستور خلال أربعة أشهر بعد الاستفتاء وها هي أربعة سنين قد مرت ولم يعدل حرف واحد في الدستور الطائفي والعرقي والتفتيتي .ثالثا – محطة دعم الصحوات 2007 – 2006 : تضافرت عدة عوامل وراء بروز ظاهرة الصحوات ، وهنا من المهم الإشارة إلى أن هذه الظاهرة بمثابة براءة اختراع أمريكية تصميما وتصنيعا وهي ظاهرة اجتماعية تم توظيفها سياسيا وعسكريا ، يأتي دعم الحزب الإسلامي لتشجيع ظاهرة الصحوات ليشكل أحد أهم الأسباب التي وقفت وراء تطورها كأداة فعالة بيد الاحتلال لمحاصرة فصائل المقاومة العراقية وتقليص مساحة عملها وانخفاض معدلات عملياتها . تكمن خطورة مساهمة الحزب الإسلامي إضافة لعوامل أخرى ، في إنضاج ظاهرة الصحوات للإخلال بتوازن القوى لصالح الاحتلال المترنح والمنهار عامي 2006 و 2007 والتي سجل خلالهما الجيش الأمريكي 180 عملية يوميا للمقاومة يوميا وصف ( مهمة وعنيفة) ، فقد تبنى الحزب الدور الأخطر من هذه الظاهرة والمتمثل في التنظير والتثقيف إلى تغيير بوصلة الصراع وأولوياته من العدو الأساسي المتمثل بقوات الاحتلال الأمريكي إلى عدو آخر ثانوي ويمثل أحد إفرازات الاحتلال وهو إيران ، مما هيئ الأرضية المناسبة على الأقل النفسية و”الشرعية” لكثير من القوى المهزوزة عشائريا وللأسف من بعض الذين اهتزت لديهم الصورة وهم قلة من حملة السلاح في بعض صفوف الفصائل المقاومة لكي يضعوا أيديهم بيد القوات المحتلة ولم تجف بعد دماء شهدائهم ، وكان للأموال دور كبير في استمالتهم و سقوطهم وانهيارهم في فخ الاحتلال ومكره والذي تخلى عنهم بمجرد أن انتهت صلاحيتهم.رابعا – محطة تمرير الاتفاقية الأمنية 17 / 11 / 2008: في خضم الخسائر البشرية والمادية الهائلة التي تكبدتها الولايات المتحدة منذ عام 2003 جراء حرب الاستنزاف التي تشنها فصائل المقاومة العراقية المسلحة الإسلامية والوطنية ، لم يكن أمام الاحتلال الأمريكي سوى التفكير بالانسحاب أو على الأقل جدولته مع الحفاظ على ما تبقى من ماء الوجه مع الحد الأدنى من المصالح والأهداف التي شنت من اجلها الحرب ، صمم الاحتلال لغرض الانسحاب اتفاقية الإطار الاستراتيجي والتي حولت الاحتلال من الناحية القانونية من حالة قسرية وعدوان طبقا للقانون الدولي باعتبار الولايات المتحدة وبريطانيا دولتي احتلال طبقا للقرار الدولي 1483 سنة 2003 ، فتحولت القوات الغازية ومئات آلاف من المرتزقة من خلال هذه الاتفاقية إلى قوات ” صديقة ” ووجودها برغبة عراقية شرعية مع العرض أن الاتفاقية لم تغير شيء من وحشية الاحتلال في اعتقال وقتل العراقيين واستمرار انتهاك سيادة واستقلال العراق ، وان توقيتات الاحتلال مرهونة برغبة الاحتلال نفسه وبرغبة الذين ربطوا مصيرهم بمصيره ، أن أخطر فقرة في هذه الاتفاقية هو تنازل الحكومة العراقية عن حق الشعب العراقي بالمطالبة بالتعويضات المادية والمعنوية لملايين العراقيين من الشهداء والأسرى والمشردين إضافة إلى سرقة ثروات العراق وإعفاء مجرمي الحرب الأمريكيين من المساءلة القانونية . وعند عرض الاتفاقية للتصديق فيما يسمى البرلمان العراقي كان من الواضح أن هناك شبه إجماع على رفض تمرير هذه الاتفاقية لخطورتها عدا الأحزاب الكردية ذات النزعة الانفصالية ، ثم ما لبث المجلس الأعلى ( منظمة بدر ) أن غير موقفه بعد أن عقدت إيران صفقة مع الولايات المتحدة ، ولكن بقيت معظم الكتل رافضة ، وكالعادة جاء الفرج على يد الحزب الإسلامي وجبهة التوافق التي يقودها حيث وافقت الجبهة ( الضلع الثالث لمبدأ المحاصصة) على الاتفاقية وبطريقة تنم عن استهتار تام بمشاعر الشعب العراقي لصالح الاحتلال الأمريكي وبنفس الطريقة التي تم فيها تمرير الدستور سيء الصيت حيث أدعى الحزب الإسلامي أن موافقته مشروطة بوثيقة ” الإصلاح السياسي ” وباستفتاء ..خامسا – سياسة التخبط وعقد الصفقات : لا يمكن التطرق لكثير من المحطات الثانوية والتي تصيب الباحث بالحيرة والشك عن مغزاها والتي تجاوزت في سرعة تقلباتها وتناقض أجنداتها أكثر الأحزاب الغربية براغماتية ومصلحية ضيقة للبقاء في السلطة ، فمن ” تحالف ثلاثي ” في دوكان مع الأحزاب الانفصالية إلى ” تحالف خماسي ” يؤكد مبدأ المحاصصة الطائفية والعرقية تحالف مع قوى أوغلت في دماء العراقيين ، إلى المساهمة الفعالة في محاربة قوى وفصائل إسلامية وقفت في الضفة الثانية تقاوم الاحتلال ، وصلت في نهاية المطاف إلى المطالبة العلنية بأدراج هذه القوى والفصائل على لائحة الإرهاب ومهاجمة مقراتها بعد أن فشلت محاولات استنساخها قررت معظم الكتل السياسية المشاركة في حكومة المالكي مطلع 2007 الانسحاب من الحكومة احتجاجا على انفراده بمقدرات السلطة وهكذا انسحب 17 وزير من الحكومة ، أي أكثر من نصف الحكومة ، وكانت جبهة التوافق قد انسحبت أسوة ببقية الكتل وكان شرطها للعودة إطلاق سراح المعتقلين وتعديل الدستور ، وفي الوقت الذي كانت فيه حكومة المالكي تحتضر وميتة سريريا ، أعلنت جبهة التوافق عودتها بشكل مفاجئ قبل جميع الكتل الأخرى بما فيها الكتل القريبة على المالكي كالصدريين والفضيلة وغيرهم ولم يفسر أحد هذه العودة خاصة وانه لم يستجب لأي من المطالب التي تم الانسحاب على أساسهاسادسا – الحزب الإسلامي إلى أين ؟ لاشك أن مشاركة الحزب الإسلامي في العملية السياسية طيلة ست سنين دون تحقيق أي من الشعارات التي رفعها والمتمثلة برفع الضيم عن الشريحة التي يمثلها وإطلاق سراح عشرات الآلاف من الأسرى والمعتقلين وتعديل الدستور، وتقلباته السريعة التي شكلت تناقضا حادا بين مبادئه كحزب إسلامي ونفعيته وسلوكيات قياداته المصلحية خاصة تلك القادمة من أوربا والغرب و التي تأثرت بأخلاقياته ولم تعد تفرق بين المصالح والمبادئ ، قد أضرت كثيرا بسمعته كحزب وببعض شخصياته ذات الخلفية والتاريخ والجذور المعروفة، مما ترك أثرا عميقا على شعبيته وأطاحت تماما بمصداقيته ، ويؤكد ذلك النتائج الأخيرة للحزب في ألانتخابات البلدية ،حيث لم تحصل جبهة التوافق برمتها ومن ضمنها الحزب الإسلامي سوى على نسبة إجمالية 2 ، 7 % بضمنها 2 % ليس من استحقاقها ولكن أضيفت من قوائم أخرى صغيرة لم تحصل على ( حد القاسم الأدنى المشترك ) ، والمقاعد التي حصلت عليها في المحافظات التي من المفروض أنها معاقل للحزب الإسلامي توضح بأن واقع ومصير الحزب الإسلامي لم يعد يختلف عن قرينه في المحاصصة المجلس الأعلى ( منظمة بدر ) ، فقد حصلت جبهة التوافق في بغداد على 7 مقاعد من أصل 55 ، وحصلت في محافظة الانبار على 6 مقاعد من أصل 29 مقعد ، وعلى ثلاث مقاعد فقط من أصل 37 مقعد في نينوى ، وعلى 5 مقاعد من أصل 28 مقعد في محافظة صلاح الدين . هذه المؤشرات تدل على إن هذا الحزب سيسير إلى الاحتمالات التالية :أولا – انتقال معظم قواعد هذا الحزب إلى أحزاب وتيارات أخرى أو جديدة أكثر مصداقية وأكثر ثباتا ، خاصة بعد الانتخابات التشريعية القادمة والتي ستوضح مدى هشاشته شعبيا ثانيا – لجوء الحزب إلى الاستمرار في عقد مزيد من الصفقات فوق الطاولة وتحت الطاولة ، وتقديم تنازلات أكبر للاحتلال وللأحزاب الطائفية والعرقية مقابل الحفاظ على ماء الوجه وبقاءه قياداته بشكل أو بآخر في السلطة ومن ذلك وعلى سبيل المثال تمرير قانون النفط أو التنازل عن كركوك واقضية الموصل للأحزاب الانفصالية مقابل الحصول على دعمهم .ثالثا – قيام قيادات وطنية من الخط الثاني في الحزب بأخذ زمام المبادرة وتصحيح مسار وانحرافات الحزب في المرحلة السابقة وأجراء مراجعة موضوعية على أساس نتائج السياسات السابقة للحيلولة دون تفكك الحزب أو تلاشيه .رابعا – العودة إلى جادة الصواب والتوبة إلى الله والاعتذار من الشعب العراقي والخروج من العملية السياسية برمتها التي شكلت استمرارا للاحتلال وولدت من رحمه ووفق شروطه وأحكمت قواعدها بحيث لا يمكن تعديلها ، والالتحاق بقوى المقاومة على الأقل السياسية منها. لقد تمكنت الولايات المتحدة طيلة سنوات الصراع وبذكاء شديد ، ورب ضارة نافعة من إسقاط صنفين من السياسيين الإسلاميين ، الصنف الأول هو الإسلاميين اللاوطنيين أو الإسلاميين المنبطحين وهم اللاهثين وراء ألحكم والسلطة والثروة ، والصنف الثاني الذي تم إسقاطه هو الإسلاميين المتطرفين والتكفيريين ، ولم يبقى من أمل سوى بالإسلام الوطني المعتدل الذي يتخذ مسارا وسطا فهو يقبل الآخرين ولا يساوم تحت حجة المناورة ودفع الضرر الأكبر بالضرر الأصغر والذي أدى بالنتيجة إلى ضر أكبر من الاثنين ، على الثوابت العليا ومصالح الشعب العراقي المتمثلة بالاستقلال الناجز السياسي والاقتصادي والعسكري ووحدة العراق أرضا وشعبا بمعنى رفض مشروع الفيدرالية ومبدأ المحاصصة والحفاظ على هوية العراق العربية والإسلامية وهذا الصنف وان أثبتت التجربة ثباتية وانسجام سلوكه مع شعاراته إلا أن الطريق أمامه لا يزال طويلا لصياغة قوانين ومعادلات عصرية تنسجم وتعقيدات العراق . فعندما تنتهي مصاعب الجبال تبدأ مصاعب السهول

About this publication