U.S. Veto Not the Final Word

<--

الفيتو الامريكي ليس نهاية الطريق

الأثنين فبراير 21 2011 – ناصيف معلم

قامت الولايات المتحدة الامريكية مؤخرا باستخدام حق النقض الفيتو في مجلس الامن، حيث اسقطت المشروع العربي الذي طالب بوقف المشاريع الاستيطانية الاسرائيلية في الضفة الغربية والقدس المحتلة. وكان تبرير الولايات المتحدة لاستخدام الفيتو والذي صدر عن السفير الامريكي لدى الامم المتحدة سوزان رايس ” بان القرار في حال تبنيه سيشجع الاطراف على البقاء خارج المفاوضات.” في الوقت الذي اشارت فيه الى ان استمرار الاستيطان يقضي على الثقة بين الطرفين الاسرائيلي والفلسطيني ويهدد امكانات السلام.

السؤال المطروح الان: هل الفيتو الامريكي نهاية الطريق؟

طبعاً الاجابة “لا” كبيرة، بل بداية الطريق لمعركة دبلوماسية فلسطينية دولية علينا القيام بها قيادة واحزابا ومؤسسات وافراد، وذلك للخروج من هذا النفق المظلم فالولايات المتحدة لم تعد هي اللاعب الرئيسي على مسرح النظام الدولي، ولم يعد النظام الدولي احادي القطبية كما كان خلال العقدين السابقين، بل هو متعدد الاقطاب، والدليل على ذلك ان الولايات المتحدة هي الدولة الوحيدة في مجلس الامن التي تصدت لمشروع القرار، في الوقت الذي تم تأييده من قبل كافة الاعضاء، ومنهم من كان حليفاً للولايات المتحدة خلال العقود السبعة الماضية.

اما حول البديل المطروح، او المتوفر امام شعبنا الفلسطيني، فهي معركة دبلوماسية يتم من خلالها الاستفادة من التغيرات في النظام الدولي، واستخدام القانون الدولي، وذلك بالاستناد الى الشرعية الدولية من خلال السير قدماً على سكة القرار الاممي 377 ” الاتحاد من اجل السلام”، حيث لا يوجد امام شعبنا اي بديل لاستعادة حقوقه المشروعة في التحرر والاستقلال الا بالمعركة الدبلوماسية، ولذلك علينا ترجمة قرار اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية وقرار اللجنة المركزية لحركة فتح الذي تم اتخاذه بعد التهديدات الامريكية التي وجهت للقيادة الفلسطينية من اجل سحب مشروع القرار قبل التصويت عليه، فقرار القيادة الفلسطينية لم يأت كما تشتهي الادارة الامريكية، بل جاء رافضاً لتلك التهديدات والسير قدماً باتجاه طرح مشروع القرار الذي اسقطته الولايات المتحدة.

هذا جميل، او قد يكون اجمل ما يمكن، لكن علينا ان لا نقف عند هذا الحد، ونقول لجماهير شعبنا ” اننا واجهنا التهديدات الامريكية ولم نسحب مشروع القرار كما فعلنا في غولدستون، الا ان الفيتو الامريكي هو الذي احبط استصدار القرار، فلا حول لنا و لا قوة .”اعتقد ان مثل هذا الكلام غير جدي وغير مسؤول، بل هو توسل للادارة الامريكية والاعتذار لها عن عدم سحب مشروع القرار اثر التهديدات الامريكية .

ان المؤشر الحقيقي والجدي لقياس مصداقية توجهات وقرارات القيادة الفلسطينية يكمن في التقدم بخطوات عملية لترجمة القرار الفلسطيني والعربي بادانة ووقف الاستيطان من خلال حمل ملف مشروع القرار الى الجمعية العامة لاستصدار قرار الادانة ، حيث لا يوجد مجال لحق الفيتو هناك، فالولايات المتحدة لها صوت واحد، وهذا يعتبر احد الحقوق المشروعة لنا باستخدام القرار الاممي 377، وهذا القرار يتعلق بسد ثغرة الفيتو في مجلس الامن، بحيث يتم نقل اي مشروع قرار من مجلس الامن الى الجمعية العامة، انه اختصاص الجمعية العامة بصدد حماية السلام والامن الدوليين، وذلك وفقا لميثاق الامم المتحدة في المقام الاول.

وفي المقام الثاني وفقا للعرف الذي اسسه القرار 377/د-5 الصادر في تشرين الثاني 1950 عن الجمعية العامة للامم المتحدة، فتاتي قوة هذا القرار من خلال تبني الجمعية العامة للامم المتحدة لاي مشروع قرار يخفق مجلس الامن بتحويله الى قرار بسبب فيتو احد الاعضاء الخمسة، ثم تقوم الدول الاعضاء بنقاش المشروع المقترح ويتم التصويت عليه، وعضوية الدول الخمسة دائمة العضوية كغيرها من اعضاء الجمعية العامة لها صوت واحد مهما كان طولها او عرضها او قوتها.

نستطيع ان نجزم هنا ليس بالاجتهادات ولا باصدار الاحكام وانما بالاستحقاقات،بأن اختصاص الجمعية العامة وفقا للقرار 377 يشكل السند القانوني المباشر لاختصاص الجمعية العامة، صدر هذا القرار عام 1950 خلال الحرب الكورية ليحل اشكالية عجز مجلس الامن من اتخاذ قرار لصون السلام والامن الدوليين بسبب حق النقض الفيتو الذي قد يمارسه احد الاعضاء الخمس الدائمين في مجلس الامن، وذلك باعطاء الجمعية العامة صراحة حق اصدار القرارات في هذا الشأن، ورد في القرار المذكور ان الجمعية العامة “تقرر انه في حال فشل مجلس الامن بسبب فقدان اجماع الاعضاء الدائمين في ممارسة مسؤوليته الرئيسية بالحفاظ على السلم والامن العالميين في كل حاله يظهر فيها تهديد للسلم او خرق له او عمل عدائي فان الجمعية العامة تنظر في الموضوع فورا بقصد اتخاذ التوصيات المناسبة وذلك من اجل صون السلم والامن الدوليين، او اعادتهما الى نصابهما، واذا لم تكن الجمعية العامة في دورة انعقاد في غضون ذلك، تنعقد جلسه طارئة خلال 24 ساعة من طلب انعقادها لهذه الغاية”.

هناك عدة تجارب لتنفيذ هذا القرار على المستوى الدولي واهمها ذات علاقة بجمهورية مصر العربية اثناء حرب السويس في العاام 1956 “حيث جرى تذليل العقبة المتمثلة في ممارسة بريطانيا وفرنسا حق النقض في مجلس الامن بنقل القضية امام الجمعية العامة التي اصدرت قرارها العاجل بوقف اطلاق النار والانسحاب الفوري للجيوش المعتدية وهو ما حصل خلال اسبوع”.

انها فرصة امام الشعب والقيادة لا سيما وان الحكومات العربية ستسير خلف الموقف الفلسطيني هذه الايام بسبب تحرك شعوبها فطرح مشروع القرار في الجمعية العامة سيصوت عليه لصالحنا 137 دولة بالحد الادنى، بالتالي سيصدر القرار، وسينتصر شعبنا الفلسطيني في معركته الدبلوماسية مع امريكا واسرائيل.

اننا بحاجة ماسة لمثل هذا الانتصار المعنوي اسوة بالشعب المصري العظيم، مثل هذا الانتصار سيحقق عددا كبيرا من الاهداف اهمها رفع معنويات الشعب الفلسطيني، وايقاف الابواق الاعلامية والتدخلات الاجنبية و العربية في الشؤون الداخلية، و تقلص الفجوه بين الضفة الغربية وقطاع غزة، وتساهم مساهمة ايجابية في عملية المصالحة، وسيتم التعامل معنا.

انها فرصة علينا استغلالها، فالتصدي الامريكي للاجماع الدولي بادانة الاستيطان، يجب ان يواجه بمعركة فلسطينية اممية.

About this publication