A Two-faced, Opportunistic West

<--

لم يصدر حتى الآن أي موقف واضح وحاسم تجاه القذافي وعربداته والمجازر التي يرتكبها، سواء من قبل الإدارة الأميركية ورئيسها باراك أوباما أو من قبل القادة الأوروبيين، فكل ما قيل رغم استمرار المذبحة الدموية التي يرتكبها ‘الأخ قائد الثورة’ هو مجرد مناشدات من أصدقاء إلى صديقهم ومجرد تلويح بإجراءات من المؤكد أن التلويح بها مجرد رفع للعتب ومجرد خداع للرأي العام الغاضب في هذه الدول المشار إليها وفي العالم بأسره.

ولعل ما يدعو إلى الاستغراب أن هؤلاء جميعاً، وفي مقدمتهم الرئيس باراك أوباما، قد بادروا إلى إعلان حالة الاستنفار بمجرد بدء الأحداث المصرية والتوافق على ممارسة ضغط يومي على الرئيس المصري (السابق) حسني مبارك ودفعه دفعاً تحت التهديد والوعيد إلى تقديم استقالته والرحيل عن مواقع المسؤولية وترك أمور بلاده مفتوحة على شتى الاحتمالات.

كان أوباما هو الناطق بلسان المطالبين برحيل مبارك ‘على الفور’ وكان يخرج على وسائل الإعلام، في بعض الأحيان، في اليوم أكثر من مرة ليقول لرئيس منتخب، بغض النظر عن مدى شفافية ونزاهة انتخابه، إن عليه أن يرحل على الفور، وإن التنازلات التي يقدمها غير كافية، وذلك رغم أن مبارك لم يقصف ميدان التحرير لا بالمدفعية ولا بالطائرات، ورغم أن الأيام ستكشف أن حكاية ‘بلطجية’ الجمال والبغال هي مجرد مسرحية رتبها الذين كانوا ضد التسويات التي كان يتلاحق تقديمها في تلك المرحلة.

الآن كل شيء يدل على أن القذافي يواصل ارتكاب جريمة إنسانية، وأنه من خلال آخر ‘طلّة’ له قد توعد بأنه سيدخل كل بيت وكل شارع وكل مدينة وأنه دعا أتباعه إلى التبشيع بالثائرين عليه وعلى حكمه وقتلهم وقتل أطفالهم ونسائهم، وأنه لجأ إلى الطائرات والمدافع والبوارج منذ اليوم الأول.

لكن مع ذلك، ومع أن أبناء القذافي قد سلطوا كتائبهم على الناس العُزّل، الذين لا يتسلحون إلا بأصواتهم وقبضاتهم المرفوعة، وأبادوا الألوف من الأبرياء وأعدموا كل من رفض إطلاق النار على الناس من جنود هذه الكتائب (معظم منتسبيها من المرتزقة والمأجورين)، فإن رد فعل باراك أوباما بقي بارداً، وإن ما صدر عن قادة الدول الأوروبية الأساسية يثير الاشمئزاز ويستحق الإدانة ويثير أكثر من تساؤل.

فما هو السبب؟ وما هو سر هذه المواقف المخزية؟!

السبب هو أن هذا الغرب المنافق، وفي مقدمته الولايات المتحدة الأميركية، لا يريد حكماً ديمقراطياً يحاسب على كل فلسٍ في هذه الدولة النفطية، ويريد أن يبقى هذا الرجل الأهوج المتهور يحكم هذه الدولة الغنية لتستمر الصفقات السرية على غرار صفقة ‘لوكربي’ التي دفع القذافي ثمن أرواح ضحاياها الأبرياء مليارات الدولارات، وكذلك الأمر بالنسبة لجريمة إسقاط الطائرة الفرنسية ‘يوتا’ إذ يتخذ الآن نيكولا ساركوزي هذا الموقف الانتهازي تجاه ذبح الشعب الليبي مع أنه كان يظهر في كل يوم بعد ظهور باراك أوباما ليقول لحسني مبارك: ‘إن تنازلاتك غير كافية، وإن عليك الرحيل على الفور’!

About this publication