Frantic Rush and Stirring up Intervention

<--

الاندفاع المحموم ويافطات التدخل

الافتتاحية

الخميس 3-3-2011م

بقلم رئيس التحرير علي قاسم

تتضح ملامح الرغبة الأميركية المحمومة بالتدخل المباشر في ليبيا، بعد سلسلة من الخطوات المواربة التي فتحت الباب على مصراعيه أمام شهية مكبوتة في استعادة الدور الذي شكل على الدوام حجر زاوية في المصالح الأميركية.

وأمام تسارع التحضيرات اللوجستية والتهيئة الإعلامية والسياسية والدبلوماسية، تتحرك الدوافع والغايات لتطفو على السطح دفعة واحدة، في حين تقف على الضفة الأخرى الموازية لها عملية الشحن الدعائي للذرائع والأسباب، مفسحة في المجال أمام سيل من الشعارات الأخرى.‏

وفي المحصلة أن التوقيت السياسي الذي يحكم الموقف الأميركي يجد صداه في تحرك بريطاني موازٍ، بدا أكثر اندفاعاً من الأميركي على قاعدة حصاد عملي لنتائج ما يجري، تحفظ في حدها الأدنى منابع النفط الليبي وتحول دون التهديد به.‏

والسؤال المنطقي لماذا بدا الخيار العسكري الواجهة للتحرك الأميركي حيال ما يجري في ليبيا، وأين حدود ومساحة المصالح الفعلية للشعب الليبي؟!‏

لا أحد يجادل في أن ما يجري في ليبيا.. هو وضع مأساوي يدفع الشعب الليبي ثمنه، ولا أحد يشك بأن السيناريوهات الأكثر تشاؤماً لم تكن تتوقع أن حصاد كل السنوات الماضية هذه المشاهد المؤلمة لكل عربي على امتداد الساحة العربية، وأن الجميع متفق على أن المخارج من الأزمة تبدو كارثية باحتمالاتها المختلفة.‏

لكن هذا لا يمنع بأي حال من الأحوال أن يتم النظر إلى ما هو أبعد من ذلك، وأن يجري التمعن في أبعاد ومخاطر التلويح بالتدخل العسكري في ليبيا، أو أي نوع آخر من التدخل، خصوصاً أن ذلك التلميح يظهر علناً، ويأخذ مساحته الأكثر وضوحاً في التصريحات الأميركية، والذي يتوازى بتحركات لوجستية لا تخفى غاياته وأهدافه، المباشرة منها وغير المباشرة.‏

ما يلفت أن الموقف العربي الذي اتخذ حتى وقت قريب دور المراقب للأحداث، كان في التحرك الأخير على مستوى وزراء الخارجية العرب ملبياً لإرادة شعبية رافضة بالمطلق لأي تدخل، بل لديها حساسية عالية تجاه أي نوع من التدخل، لكن هذا الموقف يبقى بحاجة إلى دعم يوازي ما تواجهه الأمة من مخاطر، وما تنطوي عليه الأحداث من تحديات، لن تقف عند حدود ما تشهده ليبيا وما يتهددها.‏

صحيح أن الطريق أمام التدخل العسكري المباشر طويل وفق رئيسة الدبلوماسية الأميركية، لكن هذا لا يعني أبداً أن الخطوات لم تبدأ، أو أن واشنطن لم تباشر بها وبتسارع، وأن طول الطريق قد يثنيها عما خططت له أو تعمل من أجله.‏

بل إن من يعتقد أن صعوبة أي تدخل، أو تبرم بعض الحلفاء قد يؤثر على الاندفاع الأميركي، فإنه واهم، لأن المسألة ليست وليدة لحظة سياسية أفرغت ما في جعبتها فحسب، بل هي نتاج رؤية مسبقة وجدت فيما يجري فرصة سانحة لوضع اليد مباشرة على الوضع الليبي وتالياً على ماتمتد إليه اليد الأميركية، ولن تدّخر جهداً في سبيل استغلالها.‏

لذلك فإن القضية لم تعد مجرد اصطفاف سياسي على هذه الضفة أو تلك، يؤيد ما يجري أو يتحفظ عليه، إنما هي أبعد من ذلك وأخطر.. وهي في المحصلة تنفيذ عملي لبرنامج إعادة هيكلة للمنطقة، لتكون أكثر ملاءمة للمصالح الأميركية وربيبتها إسرائيل، وأكثر التصاقاً بالغايات الأميركية.. وهنا كلمة السر، وقد تكون أيضاً الإجابة على الكثير من الأسئلة التي عجزت الأشهر الماضية بأحداثها وتطوراتها وتداعياتها عن الإجابة عليها.‏

a-k-67@maktoob.com ‏

About this publication