إصلاحيات
لا تكاد مشكلة تؤثر في دول “مجلس التعاون” الخليجي الا وسببها عدم التعامل مع والولايات المتحدة وفق مصالحنا , كما تفعل هي مع كل دول العالم باستثناء الكيان الصهيوني.
تؤثر العواطف في أسلوب تعاملنا السياسي في دول الخليج , حيث نعتبر الولايات المتحدة دولة صديقة بالمفهوم الاجتماعي للصداقة , وهي الصداقة التي يكون الوفاء أحد أهم أركانها , بينما تعاملنا الولايات المتحدة كملفات سياسية تستخدم وتوجه وفق مصالحها كدولة, أو وفق مصالح بعض أحزابها, أو حتى بعض أصحاب النفوذ فيها أحيانا , حيث تخوض الشركات التجارية وتلعب في منطقتنا وما حولها بسبب تقديسنا للعلاقة مع واشنطن.
ولا أدل على ذلك من تضحية الولايات المتحدة بحلفائها من رؤساء الدول العربية عندما ضحت بهم ووقفت ضدهم أثناء المظاهرات التي اجتاحت المنطقة العربية دون أن تتضرر ما حولها من المناطق والدول.
ولا يمكن أن نطلب من دول “مجلس التعاون” أن تتعامل مع الولايات المتحدة تعامل الأنداد , ولكن المطلوب هو أن نتحرك داخل المساحة التي نستطيع الحركة فيها فالسياسة هي فن الممكن , وقد قدمت قطر نموذجا لهذا التحرك وان كان مخالفا لمصلحة دول الخليج.
ولو انتظرت دول “مجلس التعاون موافقة واشنطن لتحرك قوات درع الجزيرة باتجاه البحرين للمساعدة على حفظ أمنها أثناء أزمتها , لما جاء الاذن الى يومنا هذا , فقد تجلت تضحية واشنطن بالنظام البحريني منذ بداية الأزمة البحرينية , ولم يتغير الخطاب الا بعد استتباب الأمن بمساعدة قوات درع الجزيرة التي اقتصرت مهمتها على حراسة الأماكن الحيوية والمهمة في البحرين , وهذا يبين أن التعامل الأميركي البراغماتي المصلحي لا يتغير سواء مع دول الخليج أو مع غيرها.
لن تستطيع دول الخليج ايقاف مخططات الولايات المتحدة في منطقتنا بالكامل , ولكن تستطيع دول الخليج أن تناور وتلعب الألعاب السياسية لكي تحصل على بعض المصالح والمكاسب التي تحصل عليها أميركا في المنطقة , فقد عملت ايران على هذا النهج, وأخذت نصيبها من كعكة العراق مثلا , وهذا يبين عدم جدوى الولاء المطلق للولايات المتحدة التي لن تبادلنا هذا الولاء اطلاقا.
معظم نفط الخليج يذهب الى الولايات المتحدة , وكل أسلحة الخليج تشترى من الولايات المتحدة, وهي التي تختار نوع الأسلحة وكمياتها , وتنتشر الشركات النفطية الأميركية في منطقتنا , فما الذي يمنعنا من أن نلعب بهذه الأوراق لصالحنا , ونكون أطرافا فاعلة في اتخاذ القرارات التي تخص منطقتنا وما حولها ?
فهل يعقل أن يُذهب العراق على مرأى ومسمع منا فتصبح عمقا ستراتيجيا لايران ومنطقة تبسط فيها ايران نفوذها وتهدد أمننا الستراتيجي والاجتماعي وحتى الغذاء الغذائي?
لو تدخلنا منذ البداية في تحديد مصير العراق لكان العراق يمدنا بالغذاء والأيدي العاملة وينعش اقتصاد وموانئ الخليج , ويكون جسرا بيننا وبين أوروبا وعمقا ستراتيجيا لدول الخليج, بدلا من أن يصدر لنا الارهاب والشر والأعمال التخريبية بسبب هيمنة ايران شبه الكاملة عليه.
يجب أن تتظافر جهود دول الخليج وتتوحد مواقفهم حتى لا نكون ألعوبة بيد الأحزاب والشركات التجارية الأميركية تلعب بنا كيفما تشاء ووقتما تشاء , فقد اقتربت السكين من العنق بعد أن فعلت ايران ما فعلت في البحرين والكويت , وان لم نستيقظ من سباتنا , فقد لا نستطيع أن نستيقظ بتاتا.
Leave a Reply
You must be logged in to post a comment.