America’s Assassination of bin Laden Makes Him a Hero and Deepens Rift between Islamic World and the West

<--

اغتيال أمريكا لبن لادن يجعله بطلا ويعمق الهوة بين العالم الإسلامي والغرب

محيط ـ جمال الملاح

بن لادن بعد مقتله

كشف الإعلان عن اغتيال زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن ـ في حال صدقت الرواية الأميركية ـ عن شكل وطبيعة العلاقة الحقيقية بين المسلمين والعرب من جهة، والغرب وتحديداً الولايات المتحدة الأميركية من جهة أخري.

فالناظر إلى ردود الأفعال الشعبية في الدول العربية والإسلامية حول مقتل بن لادن سيكتشف من الوهلة الأولي أن فجوة الخلاف بين المسلمين والولايات المتحدة مازالت متسعة، وأن نظرة المسلمين والعرب لأميركا ما زالت كما هي لم تغيرها ثورات الشعوب العربية ضد حكامها، بل جاء إعلان البيت الأبيض عن عزمه دفن بن لادن في البحر، ليزيد من فجوة الخلاف بين الطرفين، بعدما اعترضت وبشدة جهات رسمية إسلامية أهمها الأزهر الشريف ودار الإفتاء المصرية على عملية إلقاء جثمان بن لادن في البحر، مشيرين إلى أن إلقاء جسد بن لادن في مياه البحر يعبر عن استهانة مسئولي الولايات المتحدة بجلال الموت واستخفافا بالشريعة الإسلامية.

الشهيد رقم واحد

اتسمت ردود فعل الشعوب الإسلامية والعربية بخليط من الدهشة والحزن ففي أفغانستان تلك البلد التي عانت أكثر من عشر سنوات من الحرب الأميركية ضد ما يسمى بالإرهاب، وصف أفغان أسامة بن لادن بعد مقتله بأنه “الشهيد رقم واحد”.

وقال رجل ملتح طلب عدم ذكر اسمه لرويترز في مدينة قندهار معقل حركة طالبان “الآن أصبح شهيد القاعدة رقم واحد لأنه وهو ميت أقوى منه حيا. وأضاف “الآن سيصبح نارا يسير خلفه المسلمون لأجيال”. وقال رجل آخر من قندهار “موت بن لادن لا يهم لأن القاعدة أكبر منه أنها فكرة كبيرة الآن”. وذكر بعض المسئولين الأفغان أيضا أن تأثير بن لادن سيستمر وعبروا عن اعتقادهم بأن التنظيم سيحاول الثأر لمقتله.

أما في مصر، وهي أحدى الدول المحورية التي طالتها ثورات الشعوب العربية ضد حكامها فلم تختلف ردود فعل شعبها عن نظيرتها في أفغانستان، فقد قال الدكتور نصر فريد واصل، مفتى الجمهورية السابق وعضو مجمع البحوث الإسلامية: إن أسامة بن لادن حكمه في الإسلام أنه “شهيد لقتله بيد العدو”.

فيما كان واضحاً من معظم تعليقات مستخدمي الفيس بوك وقراء العديد من المواقع الإلكترونية التي تداولت الخبر، إن الأغلبية تميل إلى احتساب بن لادن شهيداً ومجاهداً، في حين جاءت قلة من التعليقات ترى أنه إرهابي، بينما كانت أبرز التعليقات ترى أن بن لادن لم يمت وأن هناك مليون بن لادن. و ترددت العديد من الكلمات مثل عاش بطلا ومات بطلا وأكثر التعليقات تأثيرا كان “مات من أرهب الإرهابيين”.

أما في الأردن، وهي إحدى الدول الحليفة للولايات المتحدة في حربها ضد ما يسمى بالإرهاب، فقد هنأ نشطاء في التيار السلفي الجهادي الأمة الإسلامية “باستشهاد الشيخ أسامة بن لادن”، فيما قالت جماعة الإخوان المسلمين الأردنية إن بن لادن قضى في الطريق الذي اختاره “وهو يعلم نهايته وكلفة المواجهة والمقاومة لأميركا وحلفائها المستبدين في المنطقة”.

عصر جديد في العالم العربي

تلك هي بعض ردود فعل شعوب دول تُحسب على أنها حليفة للولايات المتحدة الأميركية، وهي ردود أفعال لم تختلف كثيراً عن غيرها في بقية الدول الشعوب العربية والإسلامية، وتكشف بين طياتها الكثير من أسباب العلاقة المتوترة بين المسلمين والعرب من جهة والولايات المتحدة من جهة أخرى، والغريب أن الأميركان لم يدركوا حتى الآن أن الحل لا يكون بقتل بن لادن وغيره من قادة القاعدة وإنما في وقف مسبباته المتمثلة بالعدوان على الأمة الإسلامية، والانحياز الأعمى للكيان الصهيوني.

يجب على الأميركان أن يدركوا أن مقتل بن لادن ليست له الأهمية التي تفترضها الإدارة الأمريكية، وأن بن لادن فقد بالفعل منذ وقت طويل الحضور الذي كان يحظى به في السابق، وكما يرى روبرت فيسك، الصحفي البريطاني الشهير، فإن ما يحدث الآن في العالم العربي من ثورات جماهيرية ونهضة لملايين المسلمين للتخلص من حكامهم، هي أهم بمراحل من مقتل رجل في منتصف العمر في جبال باكستان.

لذا على أميركا أن تدرك أن عصراً جديداً في العالمين العربي والإسلامي بدأ، وأن عصر بن لادن ورفاقه ولى وجاء عصر محمد بوعزيزي وخالد سعيد، عصر تبدو فيه مساحات الاختلاف بين الولايات المتحدة والمسلمين ـ عكس التوقعات ـ كبيرة للغاية، وهو ما ظهر من خلال ردود أفعال الشعوب العربية والإسلامية على مقتل بن لادن، والغريب هنا استخدام الشباب العربي لمواقع التواصل الاجتماعي، والتي كان لها دور كبير في الثورات العربية، للتعبير عن غضبهم تجاه السياسية الأميركية في العالمين العربي والإسلامي، فعلى طريقة “كلنا خالد سعيد”، ظهرت على موقع “فيس بوك” مجموعات جديدة تحمل اسم “كلنا الشهيد أسامة بن لادن”، باعتباره شهيدا كان يدافع عن الإسلام ويواجه الأعداء خاصة أمريكا وإسرائيل ودعت إلى التظاهر أمام السفارات الأمريكية، فهل ستكون تلك الصفحات هي بداية سقوط الإمبراطورية الأميركية على أيدي شباب العصر العربي الجديد، مثلما استطاعوا أن يقضوا الاستبداد في بلدانهم، أم أن أميركا تعلمت الدرس من تجربة ثورات الربيع العربي، وأدركت أخيراً أن المتغيرات الحالية ليست في صالحها، وأن عليها أن تغير من سياستها تجاه قضايا إسلامية وعربية كثيرة تثير غضب الشعوب الإسلامية، أهمها بكل تأكيد الصراع العربي الإسرائيلي؟.

تاريخ التحديث :-

توقيت جرينتش : الثلاثاء , 3 – 5 – 2011 الساعة : 3:56 مساءً

توقيت مكة المكرمة : الثلاثاء , 3 – 5 – 2011 الساعة : 6:56 مساءً

About this publication