Bin Laden or bin Ladenism?

<--

ابن لادن أم اللادنية؟ * خيري منصور

ما يقوله التاريخ بمعزل عن عواطفنا ومواقفنا هو أن الذبح كما الصلب يمكن له ان يخدم المذبوح، بحيث يفيض عن مساحة قبره ويتحول الى تيار أو اتجاه يصعب تأطيره، فهل سيؤدي قتل ابن لادن على هذا النحو والقاء جسده في مياه الخليج الى ازدهار اللادنية؟ بحيث يصبح الرجل أكثر خطراً على قاتليه ومن احتفلوا بموته وهو في القبر؟.

ان ردود أفعال الامريكيين أنفسهم والذين يعتبرون أنفسهم اكثر من تضرر من ابن لادن، تفاوتت ردود أفعالهم، وسمعت على احدى الشاشات فتاة امريكية تظهر ملامحها أنها انجلوساكسونية أو حتى من الواسب تقول أنها تشعر بالحزن اذا رأت بشراً يحتفلون لأن انساناً مات، هذا بالرغم من انها ضد كل ما صدر عن ابن لادن اثناء حياته وربما بعد موته ايضاً!.

ان للظواهر في التاريخ جذوراً أعمق وأبعد مما ترصد الحواسيب، فالانسان كتلة بالغة التعقيد، وتكوينه النفسي عصي على التشريح كما هو الحال في الطب العضوي والشرعي!.

نعرف مثلا أن الماركسية تمددت في العالم بعد رحيل ماركس رغم انه لم يقتل، وبهذا الاسلوب البالغ القسوة، ولم تتعدد الروايات حول موته كما تتعدد الآن والعرب الذين يعيشون حالة النوستالجيا الناصرية خصوصا بعد رحيل عبدالناصر ومجيء السادات هم أضعاف من كانوا ناصريين اثناء حياة الرجل، فالموت يضيف الرموز هالات ويحررهم من اليومي والتفاصيل ويفتح لهم باباً واسعاً على أفق أسطوري، وقد لا تكون اللادنية بهذا المعنى الايجابي، لأن الميديا والحاحها الدرامي على السيرة الدموية لابن لادن قد يجعلانها مرادفة للارهاب والترويع بالفعل.

لكن التاريخ لا يعبأ مثلنا بهذا البعد الاخلاقي بحيث يحذف ما لا يتفق والمبادىء السائدة ويبقي على ما هو مرغوب فيه.

والشارع الذي يقع فيه بيت ابن لادن لم يكن يحمل اسمه قبل مقتله بيوم واحد، لكن الباكستانيين أو بعضهم على الاقل أطلقوا اسمه على الشارع الذي كان يختبىء فيه لأعوام.

وحين نصح كاتب امريكي الادارة في بلاده بأن لا تفرط في الاحتفال بمقتل ابن لادن رأى انها تساهم في صياغة اسطورة وتضع أسامة بن لادن نداً لها كما لو أنها انتصرت في حرب عالمية ثالثة، وكان صاموئيل هانتنجتون من قبل قد حذر امريكا من حرفة سياسية جديدة سماها اختراع الاعداء، لكن المرحلة الآن اختلفت ووجدت امريكا من يحذرها من اختراع الابطال والاساطير.

وهناك جملة من الملاحظات المتعلقة بمصرع ابن لادن ورمي جسده الى الماء تجزم بأن الولايات المتحدة البارعة في البراغماتية لا تزال ضعيفة الصلة بالتراجيديا.. فالحلاج له ضريح ومريدون وحارس في بغداد.. رغم انه ليس مودجودا في قبره والذي رثى شقيقه ذات يوم قال ان الارض كلها وعلى سعتها قبر مالك… لهذا يحتاج الاستشراق الامريكي الى ملحق آسيوي!.

About this publication