Netanyahu and the American Congress

<--

نتنياهو والكونغرس الامريكي

في اواسط السبعينيات من القرن الماضي واثناء زيارة لي الى نيويورك اشتريت اسطوانة ولم تكن اشرطة ” الكاست ” رائجة حينها حملت العنوان التالي ( You do-It have to be Jewish ) أي “لا داعي ان تكون يهوديا ” ومن فقرات الاسطوانة اليهودية الامريكية الانتاج والاخراج والتي تحمل نوادر ساخرة عن اليهود ان رئيس اسرائيل زار الرئيس الامريكيوطلب منه مساعدات ضخمة لا تستطيع الولايات المتحدة تلبيتها. فقال الرئيس الامريكيمخاطبا الرئيس الاسرائيلي : انك رئيس دولة لا يتعدى عدد سكانها المليونين بينما انا رئيس دولة يفوق عدد سكانها المائتي مليون نسمة وعليّ ان أُلبي احتياجاتهم. فأجابه الرئيس الاسرائيلي : ولكن لا تنس ايها السيد الرئيس انني رئيس مليوني رئيس امريكي.

تذكرت هذه الفقرة من الاسطوانة وانا اشاهد على شاشة التلفاز الاسبوع الفائت رئيس الوزراء الاسرائيلي نتن ياهو وهو يلقي خطابه امام الكونغرس الامريكي بعد لقائه الرئيس اوباما وتحديه له بشأن عملية السلام الشرق اوسطية وعدد المرات التي قوطع خطابه بتصفيق اعضاء الكونغرس وقوفا.

هذا يعيد اليّ مشاهدَ من برامج تلفزيونية جماهيرية, بمعنى وجود جمهور داخل الاستوديو, ودور مدير الاستوديو في تحريك هذا الجمهور من تصفيق ووقوف وهتاف الخ… ولا اشك مطلقا بوجود عدد لا بأس به من ” مدراء الاستديو ” زرعوا في اماكن مختلفة داخل قاعة الكونغرس سواء من اعضائه اليمينيين المتطرفين او اليهود الامريكيين او حتى المرافقين لرئيس الوزراء الاسرائيلي بمن فيهم زوجته والذين ما ان يكمل نتن ياهو جملة حتى وان كانت خالية من المعنى والمضمون حتى يقف هؤلاء مصفقين فيضطر الاخرون,ولو بتلكؤ وعلى مضض, بمجاراة من يقف بجانبهم او امامهم الى الوقوف والتصفيق. واكاد اجزم بان عددا لا بأس به من اعضاء الكونغرس الامريكي المناهضين لسياسة اليمين المتطرف الاسرائيلي بدوا وبطريقة “الاخراج ومدراء الاستوديو ” بانهم مؤيدون للسلوك الاسرائيلي المتغطرس.

اقول قولي هذا وانا استذكر الخطاب الشامل الذي القاه جلالة الملك عبدالله الثاني امام الكونغرس الامريكي في آذار من عام 2007 والذي قوطع عدة مرات بالوقوف والتصفيق الجاد من كل اعضاء الكونغرس وبدون وجود ” مدراء استوديو ” لما تميز به ذلك الخطاب من جرأة وشجاعة وصراحة وتناول قضايا المنطقة وفي مقدمتها القضية الفلسطينية لب الصراع وأصل المشاكل ليس في المنطقة فحسب بل في معظم انحاء العالم والتي ان لم تجد الحل العادل والشامل والدائم فيُعد ذلك انكارا للعدالة والسلام.

وكذلك الامر في خطاب جلالته امام الكونغرس ذاته في شباط من عام 2008 والذي ذكّر فيه بانّ في كل مرة انخرط الامريكيون في العملية السلمية حدث تقدم نحو السلام وناشدهم بان يمارسوا دورهم في جهد تاريخي قوامه الشجاعة والرؤية وتكريم روحي الراحلين الحسين ورابين وذلك بالمساعدة على تحقيق تطلعات الفلسطينيين والاسرائيليين للعيش جنبا الى جنب بسلام. وكذلك الخٌطب التي القاها جلالة المغفور له الحسين العظيم امام الكونغرس الامريكيمنذ عهد ايزنهاور وحتى عهد كلينتون الذي كان ضمن اربعة رؤساء امريكيين ما زالوا على قيد الحياة حضروا او تمكنوا من حضور جنازته. وفي كل مرة كانت كلماته النابعة من ضمير الامة تقاطع بعواصف من التصفيق الصادق والحار وغير المبرمج وكنت شاهدا على معظمها.

وعودة الى نتن ياهو الذي كان قد القى وبكل غطرسة محاضرة تنضح بالوقاحة والغطرسة امام باراك اوباما في اجتماع للجنة الشؤون العامة الامريكية الاسرائيلية – ايباك – وحرّف فيه تصريحات اوباما بشأن حل اقامة الدولتين الفلسطينية والاسرائيلية والمرتكز على حدود ما قبل عام 1967 مع الاتفاق المتبادل على مساحات متساوية من الاراضي بين الدولتين.

في كل الكلمات التي القاها جلالة الملك عبدالله الثاني ومن قبله الحسين طيب الله ثراه لم تكن تلك الكلمات مرهونة بانتخابات او تجديد رئاسة امريكية او تحمل اي مسحة من الابتزاز بعكس ما فعله نتن ياهو باستعراض فصاحته امام الكونغرس ومناورته المبتذلة التي تحمل في طياتها كل معاني الابتزاز والتلويح بدعم الجمهوريين في انتخابات 2012 بعد ادعاء حاكم ولاية ماتساشوستس السابق والمرشح الجمهوري لانتخابات الرئاسة مت رومني بان اوباما تخلى عن اسرائيل باعلانه العودة الى حدود ما قبل عام 1967 فالى متى يقبل الامريكيون ان يصدقوا مقولة الرئيس الاسرائيلي بانه رئيس مليوني رئيس امريكي.

About this publication