.
Posted on June 13, 2011.
حاول اوباما في خطابه حول السياسة الامريكية في الشرق الاوسط ارضاء الشعوب العربية فتكلم عن الحرية والديمقراطية وعن دعم الولايات المتحدة للقوى الشعبية المتطلعة للديمقراطية في الشرق الاوسط وأكد بأن أمريكا ستقف مع هذه التطلعات والامال وسوف تدعم مشروعها للتغيير في الدول العربية، وذكّر في خطابه بخطاب مصر الذي وعد به العرب والمسلمين بتغيير السياسة الامريكية تجاههم. وفاجأ اوباما البعض بطرحه موضوع القضية الفلسطينية معلنا دعمه لدولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران ١٩٦٧ بوضوح لم يسبقه فيه أي من الرؤساء الامريكيين السابقين . إلا أن محاولته ارضاء الشعوب العربية لم ترق لرئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي كان من أول من علق على الخطاب معلنا رفضه العودة لحدود الرابع من حزيران باعتبار أن اسرائيل لن تكون امنه في تلك الحدود.
كما سيطر الغضب على الرد الاسرائيلي الرسمي وغير الرسمي على اقتراح اوباما العودة لحدود ما قبل حرب ٦٧, فشن الوزراء الاسرائيليون والداعمين لهم في الولايات المتحدة حملة شرسة ضد الرئيس الامريكي باراك اوباما دعوه فيها الى الرجوع عن اقواله. فالحكومة الاسرائيلية الحالية اظهرت استراتيجيتها للسلام من خلال خطاب رئيس الوزراء الاسرائيلي بينيامين نتنياهو فهو يريد من كل الفصائل الفلسطينية الاعتراف بالدولة الاسرائيلية كدولة يهودية قبل الدخول في مفاوضات معها، كما اعتبر التخلي عن حق العودة واقامة دولة فلسطينية دون جيش شروطا اساسية لبدء عملية السلام. ففي الوقت الذي تفرض فيه الحكومة الاسرائيلية كل هذه الشروط على الفلسطينيين فهي تطالب الفلسطينيين بالقدوم الى طاولة المفاوضات دون أي شروط مسبقة وترفض اعتبار حدود عام ٦٧ اساسا للتفاوض.
إن هذا التعنت الاسرائيلي يجبر الفلسطينيين على الاقتناع بالا تؤدي المفاوضات مع الحكومة الاسرائيلية الحالية الى اي اتفاقية تؤدي الى الدولة الفلسطينية. وحتى قيادات المعارضة الاسرائيلية أمثال شاؤول موفاز وزير الدفاع الاسرائيلي السابق وتسيبي ليفني وزيرة الخارجية السابقة تكلموا عن عدم ايمانهم بان نتنياهو يبغي الوصول الى اتفاقية سلام تؤدي الى اقامة الدولة الفلسطينية. ففي حديثها أمام اللوبي الاسرائيلي في أمريكا “ايباك” بينت تسيبي ليفني ان امن اسرائيل لا يعتمد على السيطرة على الضفة الغربية وانما على السلام وان السلام واقامة الدولة الفلسطينية هو مصلحة مشتركة للفلسطينيين والاسرائيليين .
رغم ابتهاج الفلسطينيين بكلمة الرئيس الامريكي باراك اوباما الاولى حين أعلن دعمه لاقامة الدولة الفلسطينية على حدود ٦٧ إلا أن طلبه منهم بالتوقف عن مساعيهم في الامم المتحدة كان مخيبا للامال. كما أن فشل اوباما في ربط حركة الحرية الثورية في الدول العربية بالتحرك الشعبي الفلسطيني كان أقل مما يريده الفلسطينيون . فلا فرق بين الحركة الشعبية السلمية في مصر التي اطاحت بالدكتاتور حسني مبارك وبين التحرك الشعبي الفلسطيني المطالب بانهاء الاحتلال في فلسطين، ورغم ذلك أعلن الفلسطينيون استعدادهم للدخول في مفاوضات مع اسرائيل في حال قبولها حدود ٦٧ كاساس للتفاوض. وقاموا بدعوة بنيامين نتنياهو لقبول الخطوط الاساسية في خطاب اوباما للعودة الى المفاوضات الامر الذي رفضه نتنياهو بشكل قطعي. وفي اخر اثبات على رغبة الفلسطينيين في الوصول الى حل نهائي قبل الرئيس عباس بالمبادئ التي اعلنها الرئيس الفرنسي ساركوزي كأساس للمفاوضات دون اي رد فعل جدي من طرف الحكومة الاسرائيلية
وعندما أعلن أوباما أنه سيتحدث امام اللوبي الاسرائيلي “ايباك” توقع الفلسطينيون أن يغير الرئيس الامريكي من لهجته تجاه اسرائيل فكانت كلمته مختلفة بعض الشيء. فأكد أوباما دعمه لاسرائيل والتزامه بامنها وأن العلاقة بين الدولتين لا يمكن أن تتزحزح، كما قام اوباما بشرح ما عناه عن حدود الرابع من حزيران بانه لم يقصد بان على اسرائيل الرجوع الى الحدود نفسها وانما ستكون الحدود الجديدة مختلفة بعض الشيء على اساس تبادل متساو للاراضي. ونجح اوباما في امتصاص غضب اليمين الاسرائيلي وكسب تاييد العديد من الحاضرين مؤتمر ايباك حتي وصل الحد بان وصف بعض اعضاء حزب اليكود الاسرائيلي بان الخطاب كان انتصارا لرئيس وزرائهم بينامين نتنياهو في المعركة الدبلوماسية. ووصل الحد بان قال بعضهم بان اوباما استجاب لاملاءات نتنياهو وأن التغير في الخطاب هو دليل على ذلك.
يدرك نتنياهو ان أوباما قد دخل معركة الانتخابات لعام ٢٠١٢ مما يقيده في سياسته الخارجية تجاه اسرائيل فهو لن يكون يتمكن من الضغط على نتنياهو بنفس النسبة. فدعوة نتنياهو من قبل الحزب الجمهوري للتكلم امام الكونجرس الامريكي جزء من معركة الانتخابات التي يريد الجمهوريون فيها الحصول على دعم الصوت اليهودي والذي يصوت بنسبة ٧٠٪ وما فوق للجمهوريين واقناع بعض المتبرعين اليهود بالتوقف عن دعم الديمقراطيين ونقل دعمهم للجمهوريين . إن الضغط الذي يتعرض له اوباما ليس من قبل الجمهوريين فقط وانما من الديمقراطيين القلقين من خسارة داعميهم من الاقلية اليهودية. وكان الاستقبال الحار الذي تلقاه نتنياهو مثيرا للاهتمام حتى دعا نائب الكنيست عن حزب اليكود دانون نتنياهو الى الترشح ضد اوباما في الانتخابات الامريكية كممثل للحزب الجمهوري الرافض لسياسة اوباما مع اسرائيل.
تبقى الحقيقة بانه وبدون أن يقوم العرب الامريكيون في تغيير سياستهم الداخلية والعمل معا من أجل اقامة لوبي عربي يعتمد على قاعدة شعبية تمثل المصلحة العربية في الولايات المتحدة فان قدرة العرب في التاثير على السياسة الامريكية ستبقى محدودة. ورغم وصول العديد من العرب في امريكا الى مراكز مرموقة وجمعهم ثروات كبيرة إلا انهم وعلى عكس الاقلية اليهودية لا يهتمون باستخدام مراكزهم واموالهم من اجل التاثير في السياسة الداخلية أو الخارجية بما يضمنه لهم القانون الامريكي. ربما وبعد التغيرات العربية الديمقراطية سيبدأ بعض العرب الامريكيين في اعادة ترتيب أوراقهم وتقرير الدخول الى مجال التاثير السياسي في الولايات المتحدة الامريكية.
Leave a Reply
You must be logged in to post a comment.