From America … We Deserve More!

<--

قبل ثلاثة أسابيع رفعت أمريكا عن السعوديين أحد إجراءات التفتيش الانتقائي الذي يستهدف السعوديين في المطارات الأمريكية، وهذا الإجراء الذي يعرف بالتفتيش الثنائي يصنف السعوديين جميعاً في دائرة العناصر الخطرة.. وكان إجراء مزعجاً ومهيناً للسعوديين حيث يخضع بعضنا لإجراءات التفتيش الشخصي وتفتيش الأمتعة وكذلك التحقيق لساعات طويلة في المطارات، ولم يسلم من هذه الإهانات المرضى وكبار السن، وحتى أصدقاء أمريكا من رجال الأعمال حيث كانوا يتعرضون لمواقف محرجة ومخجلة.. ومضحكة أيضاً!

رغم كل ما حدث.. هذه الخطوة من الحكومة الأمريكية علينا أن نأخذها في الاتجاه الإيجابي الذي يسعى لأن تأخذ العلاقات المسار الذي يدفعها إلى حقبة جديدة من التعاون والتفاعل المشترك، لا نريدها علاقات تخضع لردود الأفعال السريعة وتقدير الأفراد، وهناك تطور إيجابي في هذا السياق يهدف (لتأسيس) العلاقة لتكون مستقرة: أي (تتم بين المؤسسات في الدولتين).

سفير خادم الحرمين الشريفين في واشنطن الأستاذ عادل الجبير في لقاء معه في السفارة الإثنين الماضي أكد وجود هذا التوجه، وأشار إلى أن الحكومتين منذ خمس سنوات بدأتا بترسيخ العلاقة لأن تكون مباشرة بين المؤسسات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والأمنية، وأيضاً مباشرة مع القطاع الخاص .. وهذا المسار لتحويل العلاقة بين البلدين لتكون علاقة مؤسسات وليست علاقة أفراد هو نقلة نوعية سوف تعمق التعاون بين البلدين وتسهل التواصل بين المؤسسات لحل المشاكل بسرعة، أي نحن نريد أن نكون جزءا من الحل وبسرعة وليس طرفا في المشاكل، ولعل هذا التوجه يبعد العلاقة عن تأثير أصحاب المصالح .. بالذات في أمريكا.

المعروف أن أصدقاء إسرائيل في الكونجرس والإعلام (بالذات قناة فوكس وبقية منظومة مردوخ ومعها مدافع الصهاينة) هؤلاء يهمهم بشكل رئيس تخريب العلاقة بين البلدين، وعندما كان نفوذهم كبيرا في إدارة بوش الابن كانت الفرصة مواتية لهم بعد (11 سبتمبر) إلى تحويل السعوديين إلى بلد يوضع في خانة الأعداء، وأصدقاء السعودية في أمريكا كان لهم دور كبير في الحد من تطرف الجمهوريين المحافظين واللوبي الصهيوني الذين كانوا في عز اندفاعهم لتخريب العلاقات بين البلدين، وهم الذين دفعوا بالإجراءات الأمنية المتشددة ضد السعوديين.

تلك المواقف العدوانية ضد السعوديين كانت تشكل صدمة لنا، على المستوى الشعبي وعلى مستوى الحكومة والنخب السياسية والفكرية، فنحن نعرف أن السعودية عانت الكثير بسبب علاقاتها مع أمريكا في السبعين عاماً الماضية، فقد دفعنا الثمن السياسي والاقتصادي، ولا يوجد بلد قدم الكثير لأجل توطيد علاقته مع بلد صديق مثلما قدمت السعودية لإقامة علاقات مستقرة مثمرة مع أمريكا .. وبعد كل هذا تطبق أمريكا عقوبة شمولية على جميع السعوديين وتضعهم في خانة العناصر الخطرة على أمنها!

لقد وقف المجتمع السعودي وحكومته بكل صرامة ضد ظاهرة الإرهاب وتبنت السعودية جهداً إقليمياً ودولياً لمكافحة الإرهاب أمنياً وفكرياً، فعلت ذلك لحماية أمنها وحماية سلامة شعبها، ومارست هذا الدور رغم ثمنه الكبير ليس إرضاء لأحد بل لأن عليها مسؤولية تجاه الأمن والسلام في العالم. مارست هذا لأجل حماية أبنائها من ظاهرة الإرهاب وإبعادهم عنها وترتب على ذلك إيقاف الكثير من الأنشطة العلمية والخيرية في كثير من دول العالم، (أمريكا تتغاضى عن النشاط الإيراني في هذا المجال!!).

لم يعد سراً القول إن أمريكا هي التي طلبت وشجعت أصدقاءها وحلفاءها في العالم الإسلامي لأجل المساعدة على التصدي لخطر الشيوعية على المصالح الأمريكية، والشباب في العالم الإسلامي هم ضحية لزجهم في هذا الصراع الأممي، فقد كانت أمريكا هي المحرض السياسي والنفسي والفكري، ومن الحكمة والعدل ألا تعاقب أصدقاءها وحلفاءها على توابع هذا الجهد الأيديولوجي فهم ممن صنع وخطط له.. إنها تقدم بذلك النموذج السيئ للصديق الذي يبني علاقته على المصالح وليس على القيم والأخلاق الإنسانية النبيلة.

عموما نحن نرحب بأية خطوة إيجابية .. والسعودية تستحق الكثير من أمريكا، لم نقف يوماً متسولين في بابها، نحن ندفع (بأعلى الثمن) للسلاح والتعليم والعلاج، لأننا أصدقاؤها ولأنها حليفة لإسرائيل، (مفارقه عجيبة!)، ولا ننسى أن أمريكا استمتعت لأكثر من أربعة عقود بتدفق النفط وبثمن مريح جدا. لقد ضحينا وقدمنا الكثير، وسوف نبقى كذلك لأن أمريكا لديها الكثير الذي تقدمه لنا .. وهذا ما سنتحدث عنه لاحقاً.

About this publication