Where Are American-Iranian Relations Going?

<--

منذ أن تسلم الرئيس الأمريكي باراك اوباما سلطاته في البيت الأبيض يوم العشرين من كانون الثاني ,2009وهو يواجه تركة سلفه بوش, من أبرزها وجود قواته في أفغانستان والعراق. وكذلك العلاقة مع إيران وجاء هذا الاهتمام في ضوء جملة تصريحات صدرت عن الزعامة الأمريكية:

1- قال اوباما في خطاب القسم يوم 20 كانون الثاني الماضي “إذا كانت دول مثل إيران مستعدة لتخفيف قبضتها, ستجد يدنا ممدودة لها”.

2- لم يكتف اوباما برمي الجزرة إلى إيران, بل أضاف في الخطاب نفسه انه يمسك كذلك بالعصا, “من المهم لنا أن نتأكد من أننا نستخدم كل الوسائل المتاحة للولايات المتحدة بما في ذلك الدبلوماسية في علاقتنا مع إيران”.

3- المتحدث باسم البيت الأبيض قال بلسان اوباما انه يؤيد النهج الدبلوماسي مع إيران, ولكنه يبقي كل الخيارات مفتوحة, رافضاً استبعاد توجيه ضربة عسكرية رغم الوعود بمقاربة جديدة. وأن اوباما يرى ضرورة استخدام كل عناصر القوة الأمريكية لحماية مصالح بلاده حيال إيران.

في ضوء المؤشرات الآنف ذكرها فإن الجانبين غلّبا الخيار الدبلوماسي على الخيار العسكري. لماذا يسعى الطرفان نحو التفاهم بدل الصراع الذي لم يستفد منه أي منهما..? وهل يطمحان كلاهما أو طرف منهما أن يعيدا العلاقة بينهما إلى سابق عهدها لا سيما في المدة ما بين 1953-1979 أي أيام حكم الشاه?

من الواضح أن لكلا الطرفين أهدافه الإستراتيجية ويملك مقومات قوة تمكنه من الحفاظ على هذه الإستراتيجية, فالولايات المتحدة ذات الإمكانات المادية والبشرية والعسكرية الهائلة, بامتلاكها السلاح النووي والأسطول الكبير الذي تسيطر به على البحار والمحيطات والقوة الجوية والصاروخية الجبارة. ومنذ ذاك الوقت والولايات المتحدة تملك بيدها معظم خيوط السياسة الدولية سواء من خلال الانتشار الواسع للقوات العسكرية في معظم أنحاء العالم في القواعد البرية والبحرية ومن خلال الاتفاقات الأمنية الثنائية مع دول العالم, أو من خلال الأحلاف العسكرية .

وفي ضوء هذه الممكنات الجبارة التي جعلت الولايات المتحدة دولة عظمى, اقتضت إستراتيجيتها أن تهيمن على البقاع الحساسة والإستراتيجية في العالم, ومنها الوطن العربي, وبالمقابل كانت الأرض العربية محط أطماع الحكومات المتعاقبة على بلاد فارس, وقد تعاونت هذه الحكومات مع دول الغرب لاقتسام الغنائم, ونتيجة التعاون الفارسي- البريطاني تم انتزاع منطقة عرب ستان (الاحواز) من أيدي العرب عام 1924 كما تمت السيطرة على الجزر العربية الثلاث في الخليج العربي التابعة لدولة الإمارات العربية (طنب الكبرى, وطنب الصغرى, وأبو موسى) عام 1971 ..

وكما للولايات المتحدة ممكنات قوة مادية, فإن لإيران ممكنات مهمة في منطقة الإقليم, فإيران لديها مساحة كبيرة تقارب (5.1) مليون كيلومتر مربع, وعدد سكان يتجاوز السبعين مليونا, وفيها ثروة نفطية كبيرة لا سيما في منطقة عربستان (الاحواز), إذ تصدر الان (2.5) مليون برميل يومياً. أضف إلى ذلك أن الإيرانيين تجمعهم عقيدة واحدة ومذهب واحد هو المذهب الشيعي – الجعفري, الذي يتميز أتباعه بالطاعة العمياء للسادة من رجال الدين. وكل هذه الممكنات تدفع بالحكومات الإيرانية أن تستعيد دورها الإقليمي بأسلوب جديد وبآليات جديدة وبأهداف إستراتيجية قد تقترب من الأهداف الماضية.

لقد برزت قدرات إيران السياسية والعسكرية والمادية, بعد غزو العراق واحتلاله عام ,2003 وزوال نظام الحكم الوطني, وقد ساعد في ذلك ما تملكه إيران من ممكنات القوة المادية والبشرية, أضف إلى ذلك المناخ الدولي الجديد الذي تكون في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين, إذ برزت قوى دولية كبرى مثل روسيا الاتحادية والصين, وكذلك الاتحاد الأوروبي الذي يبحث له عن دور عالمي, إضافة إلى بروز قوى إقليمية مهمة مثل الهند والبرازيل وتركيا وظهور دول في امريكا اللاتينية تمردت على النهج الرأسمالي.

اما الملف النووي الإيراني, فيقول المسؤولون الإيرانيون انه برنامج للأغراض السلمية, في حين أن الولايات المتحدة تعترف انه كان لدى إيران برنامج نووي عسكري, تخلت عنه قبل عدة سنوات. ولكن الشك ظل يراود العقل الأمريكي والصهيوني, بعد أن سعت الزعامة الإيرانية إلى بناء ألوف أجهزة الطرد المركزي لإنتاج اليورانيوم المخصب, من دون وساطة طرف دولي آخر أو مساعدته, وهذا الأمر هو الذي وتر العلاقة بين إيران والولايات المتحدة,

لقد لعبت أطراف دولية أدوراً مختلفة ساعدت الزعامة الإيرانية في أن تبقي على موقفها المتشدد في إنجاز المشروع النووي خاصة تخصيب اليورانيوم محلياً, فروسيا هي التي زودت إيران بمفاعل (بوشهر) النووي, وحالت دون أن يتخذ مجلس الأمن قرارات قوية ضد إيران, على الفصل السابع من الميثاق, كما لعبت الصين دوراً مهماً مدفوعة بالحفاظ على مصالحها التجارية مع إيران, وبالذات ضمان تدفق النفط الإيراني إليها. كما أن الترويكا الأوروبية حريصة على مصالحها في إيران .

لقد منح موقع إيران الاستراتيجي بين كل من أفغانستان والعراق, حيث توجد القوات الأمريكية فيهما, وموقعها على الخليج العربي الممر المهم لعبور سفن النفط المحملة بالنفط إلى العالم . إضافة إلى علاقاتها مع القوى والأحزاب المناهضة للولايات المتحدة, فرصة المناورة مع الإدارة الأمريكية, وخاصة في العراق,

إن هذه الملفات الأنف ذكرها والتي تعد أوراقاً بيد إيران, تدفع الإدارة الأمريكية لأن تبحث عن مخرج يؤمن مصالح أمريكا وإيران معاً, ولذلك لوحت بغصن الزيتون أمام الزعامة الإيرانية, بإجراء محادثات مباشرة معها ومن دون شروط.

الولايات المتحدة من مصالحها الأولى أن تساعد إيران في إيجاد حل للمشكلة الأفغانية لإراحة القوات الأمريكية وقوات (الناتو) عامة, لأنها تتكبد خسائر كبيرة في حربها ضد ما يسمى بالإرهاب, كما أن الإدارة الأمريكية التي تستعد للتفاوض مع الحكومة في المنطقة الخضراء لتمديد بقاء قواتها في العراق, بدعوى عدم جاهزية القوات العراقية, فهي بحاجة إلى دعم إيران, لتوفير مظلة للانسحاب الآمن, ومن مصلحة الإدارة الأمريكية ضمان أمن الخليج العربي بترتيبات جديدة تشارك فيها إيران بحيث تضمن مصالحها في هذه المنطقة المهمة, وتضمن بقاء الأنظمة فيها, من دون اضطراب أو تهديد إرهابي.

أما الملف النووي الإيراني, فهو ليس عسير على الحل أبدا, إذا ما دخل هذا الملف ضمن كوتا متكاملة أو سلة حوافز متكاملة تجمع كل الملفات الآنف ذكرها, وقد لا يكون السيناريو كالذي حصل مع كوريا الشمالية, لأن أوضاع كوريا الاقتصادية سيئة للغاية عكس وضع إيران الفني بممكنات القوة المادية خاصة النفط, وبالتالي فإن المصالح الاقتصادية لإيران لا يمكن استبعادها من محور أي حل مستقبلي, لأن إيران تطمح أن تتقدم وترقى في شتى المجالات.

About this publication