Whether the Dollar Collapses or Not, the Issue Is Not Simple

<--

الدولار ينهار أو لا ينهار: قضية ليست بالبسيطة

أ.د.ياسين الجفري

حاليا يكثر الحديث عن سقف الدين الأمريكي والاختلاف الحادث أخيرا بين الكونجرس الأمريكي والرئيس الأمريكي، وبالتالي القلق الذي يعيشه البعض حول هذا السقف ورفعه من عدمه. وأصبح الشغل الشاغل، ولكن في النهاية سيستجيب الكونجرس للرئيس، ويتم رفع سقف الدين، وفي ظل سعر فائدة قريب من الصفر (في أيامنا الحالية نتيجة لانخفاض سعر الفائدة والتضخم الحالي). ولعل الكل يسأل هل سيتجه العالم نحو قوة اقتصادية سياسية جديدة، وتظهر عملة جديدة تحل محل الدولار ويبزغ فجر جديد، وهل هناك مرشح محتمل يمكن أن يحل محل الولايات المتحدة الأمريكية على الخريطة الدولية وله نفس أو أعلى قوة اقتصادية؟

ويقوم الدولار حاليا بأكثر من دور، الأول هو عملة تستخدم داخل الولايات المتحدة الأمريكية كأي عملة في أي دولة، مسؤول عنها البنك المركزي وتستمد قوتها من قوة الاقتصاد الأمريكي الذي لا يزال قوة مؤثرة بغض النظر على السكان، سواء من زاوية الاستهلاك أو الإنتاج. والدور الثاني كعملة تستخدم للتبادل من قبل مختلف دول العالم، وذلك لدعم حركة التجارة العالمية. ولعل الدور الثاني وحاجة العالم لعملة قوية تستخدم في التداول ومقياس مهم لدعم التجارة العالمية أسهم في التوسع في إصدار الدولار من قبل الحكومة الأمريكية. ويعود الكثير من التوسع في الإصدار لتمويل الدور العالمي الذي تقوم به الحكومة الأمريكية لدعم الدور السياسي الممارس من قبلها عالميا. ولعل ما دعم الدور الأمريكي هو عدم توافر قوة عظمى وباقتصاد قوي ورغبة في القيام بدور على مستوى الخريطة السياسية. فحاليا لا تريد أوروبا أو اليابان القيام بأي دور لعملاتها، علاوة على أن الصين مع قوتها المالية لا تستطيع أن تغيب الدور الأمريكي بسبب القوة العسكرية المتوافرة له.

ولكن هناك سؤال يحتاج لنوع من المعالجة والطرح من قبل الباحثين وهو ينحصر في هل الاقتصاد الأمريكي ضعيف، ولا يمتلك كثيرا من المقومات التي تجعله يصمد في مواجهة رياح التغيير؟ لنأخذ حقيقية واحدة، وهي الملكية الفكرية، وبراءة الاختراع المملوك للاقتصاد الأمريكي لتكون نقطة البداية لنا في ظل الزخم السلبي تجاهه. وتبلغ حسب إحصائية في عام 2005 نحو 5.5 تريليون دولار في حين يبلغ حجم الدين الأمريكي 14.46 تريليون دولار.

ولا يزال الاقتصاد الأمريكي قوة لا يستهان بها وتؤثر في العالم بتوجهات نموه أو تراجعه من مختلف مؤشراته. فالولايات المتحدة الأمريكية ومهما بلغ حجم الدين الناجم عن الإنفاق هناك قابلية لتغطيته نظرا لما تملكه من أصول وموارد طبيعية وقطاعات أعمال لجذب مزيد من الاستثمارات، علاوة على أن الثقل السياسي والدور الذي تمثله في العالم. ولو نظرنا لحجم الاستهلاك كقوة مؤثرة في العالم وبعدد سكانه الذي لا يمثل رقما كبيرا مثل إفريقيا أو أوروبا أو اليابان أو بعض دول العالم، لوجدناه بلغ ثمانية تريليون دولار.

الدخل القومي للولايات المتحدة الأمريكية، حسب آخر إحصائية نجده يبلغ 13.519 تريليون دولار، وإذا ما قورن بالدخل القومي للعالم ككل والبالغ 65.61 تريليون دولار ندرك أهمية ووزن الاقتصاد الأمريكي، حيث نجده يوازي خمس العالم وعدد سكانه أقل من دول عدة، ولا يتجاوز حتى عشر سكان العالم. وبالتالي ندرك أن الاقتصاد الأمريكي، الذي يبلغ الدين القومي نحو 95 في المائة من دخله القومي يسهم في دعم الاقتصاد العالمي ويقدم له الكثير. فالولايات المتحدة الأمريكية قارة بكل المقاييس والنظر بسهولة لقضية الدين في ظل دورها كدولة عظمي يجعلنا نتعجل الحكم عند قياسها كغيرها من الدول في قضية دينها القومي. حاليا لا توجد عملة لها الاستعداد بالقيام بدور عملة العالم وحتى سلة عملات ومعادن نفيسة أبعد ما تكون ليختفي الدولار وتختفي العملات أمام حقيقة التفوق التقني وبراءات الاختراع والثروات المستثمرة من قبل الشركات الأمريكية في العالم حسب وجهة نظري المتواضعة.

About this publication