The Libya Mistake and America’s “Half a Doctrine”

 .
Posted on August 10, 2011.

<--

زمة الدَّين الأميركي أدتْ إلى تراجع هالة الولايات المتحدة المتراجعة أصلاً كملاذ اقتصادي عالمي، وبوصفها الدولة الوحيدة التي تملك القوة لقيادة بقية العالم للخروج من الأزمة المالية والركود الاقتصادي. هذا كلام “نيويورك تايمز”، التي قالت أيضا إنّ “عصر أوباما” قد أفسح المجال أمام “عصر التقشّف”، وهو العصر الذي سيقلّص لا محالة نفوذ واشنطن دوليا. ولذا يبدو لي من الصعب الفصل بين تجدد النزعة الانعزالية في أميركا وبين الحديث الأميركي عن أنّ واشنطن لا تملك الكثير لتضغط به على الحكومة السورية ما لم يقف العالم إلى جانبها!!

قبل أيام انتقدت منظمة “هيومان رايتس ووتش” روسيا والصين وجنوب أفريقيا والهند والبرازيل لمنعها فرض عقوبات من الأمم المتحدة على سورية. وقالت إن الشعب السوري يدفع ثمن ما ينظر له على أنه تدخل أجنبي “لا نهاية له” في ليبيا. وأوضحت المنظمة كلامها بالقول: “الصين وروسيا وهذه الدول تقول.. لا، لن نوافق مرة أخرى (على أي تحرك دولي جديد عبر الأمم المتحدة كما حدث في ليبيا)، لكن المشكلة (برأي المنظمة) هي أنه من خلال رفض التصرف فإنهم يسمحون باستمرار المذابح. لذلك، فإن الشعب السوري يدفع ثمن الأخطاء التي ترتكب في ليبيا”.

التحرك الدولي في ليبيا لم يحقق نتائجه حتى الآن، وقد كان سيئ التخطيط ولا نهاية له في الأفق، ويبدو مع الوقت أقل إقناعاً. والضعف الكبير في قوى المعارضة الليبية، رغم الدعمين العربي والغربي السخيّين لها، كان بداية ازدياد الحديث عن صيف عربي لاهب وشتاء قارس بدلا من الكلام عن “الربيع العربي”. و”خطأ ليبيا” من شأنه أنْ يقود البلاد إلى حرب أهلية طويلة ويقسّمها إلى قسمين وعاصمتين، طرابلس وبنغازي.

الحديث عن الانعزالية الأميركية وتراجع النفوذ لا يعنيان أن الولايات المتحدة في طريق الانهيار، فأميركا لا تزال الدولة الأقوى والأكثر نفوذا من غيرها، وليس هناك حتى الآن قوّة صاعدة على وشك أنْ تحلّ محلها، لكنّ هذا لا يعني إغفال المؤشرات الكثيرة والدعوات المتكررة من داخل أميركا نفسها باتجاه إعادة السياسة الخارجية الأميركية نحو الداخل. ومن هذه الدعوات ما كتبه ريتشارد هاس في مجلة “تايم” نهاية الشهر الماضي، إذ رأى أنّ على الولايات المتحدة استغلال حقيقة عدم وجود منافسين رئيسيين لها لإعادة توازن مواردها على أولوياتها الداخلية بدلا من السياسة الخارجية بموجب عقيدة “الترميم”. استطراداً، لم يكن صعود النزعة المحافظة في أميركا ممثلة بـ”حزب الشاي” حدثا عابراً، ولم يكن تساؤل الكاتب الأميركي توماس فريدمان عما إذا كانت “الولايات المتحدة تهرب من العالم الذي اخترعته” في غير مكانه. إنّ التردد والتأخير سمتان تبدوان اليوم أكثر حِدّة في السياسة الأميركية، والنزعة البراغماتية التي طالما عجنتْ تركيبة المبادئ والقيم والمصالح بعجينتها، تتراجع اليوم عن خطوط المواجهة الأمامية لتطرح شيئا جديدا سمّاه المعلّق الأميركي المحافظ في “واشنطن بوست” تشارلز كروثمر “مذهب أوباما: القيادة من الخلف”، بينما قال الكاتب في “نيويورك تايمز” ديفيد سانغر إنه “نصف عقيدة”، وهو وصف يعني عدم التزام المبادئ والقيم في كل الأحوال، وعدم السعي لصيانتها، بسبب وجود الاستثناءات والحالات الخاصة والعديد من الحسابات، ما يجعل الكلام عن “نصف العقيدة” حديثا عن الانتهازية الدولية بامتياز.

About this publication