A Prejudicial American Attitude!

<--

موقف يضر بمصداقية أميركا ومصالحها

إصرار الولايات المتحدة الأميركية على رفض التوجه الفلسطيني إلى الأمم المتحدة في أيلول القادم للحصول على عضوية دولة فلسطين المستقلة في حدود العام ١٩٦٧ في المنظمة الدولية، ومطالبتها الجانب الفلسطيني بالعودة إلى مائدة المفاوضات المباشرة مع إسرائيل التي سدت كل الطرق أمام جهود السلام، والتلميحات والرسائل التي نقلتها واشنطن حول إمكانية استخدامها حق النقض الفيتو في مجلس الأمن ضد الطلب الفلسطيني المشروع وإمكانية قيام الكونغرس الأميركي بقطع المساعدات عن الفلسطينيين إذا أصروا على التوجه للأمم المتحدة، هذا الموقف المؤسف يثير الاستغراب ويطرح العديد من التساؤلات ليس فقط حول مستقبل عملية السلام إذا كانت القوة العظمى الأولى تريدها بعيدا عن الشرعية الدولية وإنما أيضا حول مصداقية الولايات المتحدة وهل يتطابق هذا الموقف مع المصالح الأميركية في المنطقة ؟

الجانب الفلسطيني لا يسعى إلى فرض شرعية جديدة خاصة به وكل ما يطلبه هو تطبيق الشرعية الدولية الخاصة بالقضية الفلسطينية أسوة بالشرعية الدولية التي طالما أعلنت أميركا التزامها بتطبيقها في مناطق مختلفة من العالم، كما ان الجانب الفلسطيني لم يرفض المفاوضات يوما ومنذ أوسلو ١٩٩٣ وحتى العام الأخير والجانب الفلسطيني يتفاوض مع إسرائيل التي لم تثبت جديتها في صنع السلام، بل على العكس أثبتت جديتها في تكريس الاحتلال وتوسيع الاستيطان وزيادة معاناة الشعب الفلسطيني ونسف كل جهود السلام.

وقد حولت إسرائيل مفاوضات السلام إلى مفاوضات عبثية وخدعت العالم اجمع باستغلالها هذه المفاوضات لتوسيع الاستيطان وعزل القدس المحتلة وتهويدها والإبقاء على الحصار الجائر المفروض على قطاع غزة والحد من تنقل الأشخاص والبضائع في الضفة الغربية وفرض المعاناة على الفلسطينيين على الحواجز العسكرية …الخ من الممارسات الإسرائيلية التي تصر إسرائيل على الاستمرار فيها دون ان يقول لها المجتمع الدولي كفى ودون ان تتدخل القوى المعنية بالأمن والسلام في المنطقة لضمان نجاح المفاوضات أو تحقيق نتائج جوهرية.

ثم أي سلام هذا الذي يجب ان يكون معزولا عن الشرعية الدولية ؟ الم تقم إسرائيل نفسها بناء على الشرعية الدولية بموجب قرار التقسيم ١٨١ ؟ فلماذا ترفض واشنطن هذه الشرعية الدولية إذا كان الحديث يدور عن سلام عادل ودائم وشامل ؟

والسؤال الأخر الذي يطرح هنا: هل جزاء من يلتزم بالشرعية الدولية التعرض للفيتو وللعقوبات ؟ وهل هذا هو النظام الدولي العادل الذي يتفاخر الغرب بالسعي لإرساء معالمه ؟ ثم لماذا يقبل المجتمع الدولي بأن يبقى شعب بأكمله رهينة إرادة ومطامع قوة احتلال غير مشروع هي إسرائيل ويدفع بالضحية للرضوخ لشروطها وإملاءاتها؟

ومن المؤسف ان تتبنى الولايات المتحدة الأميركية مثل هذا الموقف الذي يضر بمصداقيتها ليس فقط كقوة عظمى أولى في العالم يفترض بها الدفاع عن الشرعية الدولية وقراراتها بل يضر بمصداقيتها ودورها في عملية السلام، فهذا الموقف يرفضه كل فلسطيني وعربي ومسلم وكل المؤمنين بمبادئ الحرية والعدالة من منطلق ان أي سلام يجب ان يقوم على أساس الشرعية الدولية وتطبيقا لقراراتها وعلى أساس حقوق الشعوب في تقرير مصائرها.

وأخيرا، فان الرئيس باراك أوباما الذي حدد خطوطا عامة واضحة في خطاب القاهرة فأكد التزام واشنطن بعملية السلام والتزامها بعلاقات احترام متبادل مع العالمين العربي والإسلامي، يدرك بالتأكيد ان محاولة إسرائيل فرض تسوية على الشعب الفلسطيني تنتقص من حقوقه وبعيدا عن الشرعية الدولية إنما هي محاولة تضر بالولايات المتحدة نفسها، فمعالجتها ومصداقيتها، ونأمل ان تقف الولايات المتحدة موقفا عادلا إلى جانب حق الشعب الفلسطيني في دولته المستقلة على ترابه الوطني المحتل منذ عام ١٩٦٧ وان تدعم عضوية فلسطين في الأمم المتحدة على هذا الأساس، لأن ذلك لا يتناقض مع السلام ولا مع مبادئ العدل والحرية، ويخدم الشرعية الدولية والأمن والاستقرار والسلم الدوليين وينهي مأساة شعب بأكمله حرمته إسرائيل من حقوقه منذ أكثر من ستة عقود.

About this publication