Crimes against Humanity Have Gone Unrecognized by International Law

<--

جرائم ضد الإنسانية لم تلحظها الشرعية الدولية

يحزننا ونحن نرى بعض القوى الغربية بقيادة الولايات المتحدة الأميركية تعبث بمصير المنطقة وهي تتسابق وتتنافس للتدخل بشكل فاضح واستفزازي من أجل الفوز بنصيب من الكعكة العربية المقسمة بعد أن راحت تتباعد أجزاؤها عن بعضها البعض دون سبب جوهري بل لأسباب واهية أبرزها الانخداع بأكاذيب الغرب الذي يقودها نحو سراب يبدو من بعيد ماء وعنده الظمأ والعناء.

لم يكن بعيداً عن التصور في يوم من الأيام أن يسارع الغرب برغبته وبكل أطماعه الكلاسيكية التقليدية وأهدافه المشبوهة المعلنة والمستترة إلى تأجيج الأزمات التي تجتاح المنطقة وإدارتها في الاتجاه السلبي وحصد مكاسبها البعيدة والقريبة.‏

أميركا وفرنسا وبريطانيا مثلث برمودا الذي تضيع فيه الحقوق بلا رجعة وتختفي وراءه كل شعارات الديمقراطية والحرية وكأنها لم تكن والكيان الصهيوني الذي هو رأس الفتنة وأحد المحركات التي تخدم هذا المثلث البغيض هؤلاء بالغوا في التدخلات المقيتة في شؤون المنطقة بعدما فتح لهم الباب على مصراعيه سواء بشكل سافر ومكشوف أو مستتر ينسل بخبث ودهاء.‏

بالنظر إلى ليبيا فإن التدخل الغربي فيها وحجم الحرب والقوة العسكرية المفرطة المستخدمة والحشد والاستنفار الدولي ضدها تكاد تقترب من مظاهر الغزو الأميركي للعراق والذي قادته الولايات المتحدة بدم بارد أشعل العراق بالنار وحمامات الدم وسلب العراقيين وحدتهم وأمنهم بشكل يفوق كل التوقعات.‏

الجنرال الفرنسي أخذ دور العم سام القيادي هذه المرة لضرب ليبيا واضعاً نفسه كرأس حربة لعمليات الناتو والحملة الأطلسية الشعواء ضد منشآت ومدنيين عزل مازرع الخراب والدمار والقتل البشع بشكل يرضي بالطبع غرور الناتو.. مع عدم إغفال أن ربع عمليات الناتو وقع على عاتق الولايات المتحدة.‏

نيات فرنسا الاستعمارية في ليبيا والمنطقة وإعادة إحيائها أكدها التعنت الفرنسي وإصراره على قيادة وإدارة عمليات الناتو في ليبيا بالرغم من محاولاتها المكشوفة للعب على أوتار الخوف على مصلحة الشعب الليبي وتخفيف غضب العرب وغيرهم بعد تجربة الولايات المتحدة في العراق وأفغانستان وما لاقته هذه التجارب من استياء عربي ودولي وفشل في السياسات والاستراتيجيات.‏

حسابات الرئيس الفرنسي نيكولاي ساركوزي الضيقة أمام الفضاء الإنساني الفسيح لاشك أنها وراء اندفاعه الاستعماري المستميت من أجل حصد بعض المكاسب الانتخابية والنفطية والتي لاتساوي شيئاً أمام شلالات الدم التي انفجرت من عروق الأطفال والنساء والشيوخ والشباب الأبرياء والتي روت الصحراء الليبية وكانت من الأجدى أن تكون محقونة ومحفوظة في أبدان أصحابها ليعمر بها بنيان الأوطان.‏

ومن المؤكد أن رغبة فرنسا بقيادة الحملة العسكرية الأطلسية على ليبيا هدفها تكريس واقع جغرافي وسياسي جديد للمنطقة ناهيك أن فرنسا تحلم بالسيطرة على مصادر الطاقة في منطقة شمال افريقيا ابتداء من ليبيا ووصولاً إلى الجزائر وتونس وذلك بعيداً عن أجواء الهيمنة الأميركية على النفط العراقي.‏

التدخل العسكري دون أدنى شك سيشكل مأزقاً قانونياً وأخلاقياً للناتو الذي أمعن في قتل الليبيين مع أن ذلك لايهم كثيراً دول الحلف وبعيد كل البعد عن قاموسها الذي لايعرف هذه المفردات بل يحاربها علناً بذرائع شتى تحت غطاء الشرعية المثقب كالغربال.‏

فنص قرار مجلس الأمن الدولي (1973) الذي أقر في 17 آذار المنصرم يخول الدول الأعضاء في الأمم المتحدة اتخاذ الإجراءات الضرورية لحماية المدنيين والمناطق المأهولة بالسكان عن طريق فرض منطقة حظر للطيران فوق الأجواء الليبية حيث أنه بوجب نتائج مؤتمر قمة الأمم المتحدة الذي عقد في 2005 أوكل إلى المجتمع الدولي مسؤولية حماية السكان من الإبادة الجماعية ومن جرائم الحروب والتطهير العرقي والجرائم الإنسانية وهذا أمر لم يراعيه حلف الناتو على الإطلاق لأن أعماله العسكرية ترقى إلى مستوى جرائم الحرب الصريحة.‏

إن القانون الذي أجاز استخدام العمل العسكري اشترط نجاح هذا العمل وحمايته المدنيين بالدرجة الأولى وهذا أمر لم يتحقق في ليبيا المكلومة وبدلاً من وقف العمليات العسكرية بقرار أممي صارم حتى يتوقف القتل نجد الوقت يفسح أمام الآلة الحربية للناتو لحصد المزيد من القتلى وتدمير ليبيا رأساً على عقب بمزيد من الاقتتال الداخلي بين أبناء البلد الواحد وهذا أمر مقيت ومحزن ويجب أن ينتهي بأسرع وقت فليبيا بحاجة لدماء كل أبنائها وهم من يجب أن يوقفوا هذه المسرحية التراجيدية ويضعوا حدا لتدخل الناتو وعملياته الإجرامية المستمرة التي لم تفرق بين ليبي وآخر. وهذا ما يجب أن يعيه الشعب أولاً وأخيراً

About this publication