A Look at the Sequence of American Strategies Targeting the Region and Its Countries

<--

نظـرة في تسلسل الستراتيجيات الاميركية في إستهداف شعوب المنطقة ودولها

كتابات – حامد شهاب

تعددت الستراتيجيات التي اتبعتها الولايات المتحدة ازاء التعامل مع الخصوم والأعداء منذ فترات الستينات والسبعينات والثمانينات وما بعدها ، باختلاف انماط التعامل مع المجتمع الدولي ، فلكل مرحلة أدواتها ووسائلها وأساليبها التي تختلف من فترة الى أخرى ، ومن مكان الى آخر حسب مقتضيات الظرف الدولي والمصلحة العليا.

ففي الستينات والسبعينات كانت سياسة الولايات المتحدة تعتمد مبدأ التوازن في العلاقات الدولية ، وكان ( كيسنجر ) مهندس السياسة الاميركية هو مستشار الرئيس الاميركي جيمي كارتر ، وبعدها أصبح وزيرا للخارجية ، والذي وضع أسسها انذاك ، في ظل وجود قطبين دولييين ، هما الولايات المتحدة الاميركية والاتحاد السوفيتي، وهناك دول تتبع كلا النظامين الرأسمالي أو او الاشتراكي ، وترتبط معهما بأحلاف ومعاهدات تعاون مشترك .

وكان عامل ( التوازن) الذي أرساه مستشار الامن القومي الاميركي كيسنجر ووزير خارجيتها فيما بعد هو الذي صمم شكلا من العلاقات مع الاتحاد السوفيتي والمعسكر الغربي ، ضمن له مبدأ ان يكون له مرتكزات تقوم على مبدأ ( التوازن ) الذي يعني الحفاظ على أساس العلاقة المتكافئة مع القطبين الدوليين ، الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي ، وان كانت هناك حرب نفسية باردة بينهما ، الا انها بقيت في اطار الحروب التقليدية التي لاتلحق الضرر بالاخر الى حد ما ، لان لكلا الطرفين معاالم قوة وردع لايكون بمقدور طرف ان يستفرد بمقدرات المجتمع الدولي على هواه، لكن العالم الغربي الذي تقوده الولاايات المتحدة ظل مهيمنا من حيث القوة الاقتصادية والتكنولوجية ، بينما كان الاتحاد السوفيتي يعتمد على القوة العسكرية الرادعة في حملة التسليح الضخمة ، التي كان يعتمدها لبناء ترسانته التي كانت تقلق الولايات المتحدة والمعسكر الغربي ، وتسبب لهم الذعر والخوف من الدب الروسي الحالم الى مواجهة المصالح الغربية ، ومحاولة الوصول الى المياه الدافئة وبقاع الثروة في مناطق الخليج ، وكانت عينا الاتحاد السوفيتي على نفط العراق ، اذ بنى علاقات قوية في معاهدات تعاون مشترك مع العراق وضعت هذا البلد انذاك في موقع الحماية من ان تطاله محاولات التآمر لابتلاعه من قلبل دول مجاورة او دول كبرى مثل بريطانيا والولايات المتحدة ، التي كانت اطماعهما تمتد الى كل بقاع منطقة الخليج وكان حلمهما في السيطرة على ثروات العراق ودول الخليج يقض مضاجع الاتحاد السوفيتي الذي يحاول ايقاف طمع الولايات المتحدة ، وهو الذي اقتسم دول النفط العربي فيما بينهما ، وفق احلاف ومعاهدات تعاون مشترك ، وكان كل طرف يعرف حدود الاخر ولا يستطيع القفز فوقها او تخطيها.

وبعد ان وجدت الولايات المتحدة ان مصالجها تقتضي عدم المهادنة مع الاتحاد السوفيتي وخوض حروب سرية ضده ، في محاولة لوضع حد للتقدم العسكري الروسي انذاك وجدت من مصلحتها البحث عن نظرية اخرى غير ( التوازن ) ، فجاءت نظرية زبغينو بريجنسكي ( الحفر أسفل الجدار ) في زمن الرئيس الايمركي رونالد ريغان ، لتؤسس لنظرية اخرى اكثر تقدما في حالات المواجهة مع المعسكر الشرقي الذي يقوده الاتحاد السفيتي وبدت معالم نظرية بريجنسكي تنتشر ويستع مداها في التطبيق في الثمانينات من القرن الماضي ، وهي تعتمد على محاولة زعزعة كيانات الدول القوية ، بإن يتم التغلغل باطرافها من خلال الطرق أسفل جدارها ، ومحاولة قلعها شيئا فشيئا ومن ثم زعزعتها، حتى ينهار لاحقا ، بعد ان تقتلعه من الجذور ، وهذا ما تعاملت به السياسة الاميركية ، بعد إن حاولت اضعاف الاتحاد السوفيتي السابق والمنظومة الاشتراكية المتمثلة بدول أوربا الشرقية انذاك.

وفي بداية هذا القرن شاعت نظرية الفوضى الخلاقة ، وهي نظرية تعتمد على أشاعة الفوضى في مناطق العالم وتحريض شعوبها على حكامهم ، وهو ما يجري الان وتعد كوندليزا رايس من أهم من روج لهذا المفهوم ، مع أقطاب مهمة انذاك في السياسة الاميركية ، وقد ابتدأت بالعراق ، ومن ثم بقية الدول العربية التي شملها الطوفان الاميركي، وراحت الولايات المتحدة تبسط سيطرتها على مقدرات المنطقة العربية ، وتسقط أنظمتها الواحدة بعد الاخرى ، في زلزال رهيب ، هب على المنطقة ، وكان العراق هو الحلقة الأقوى التي تم استهدافها ، لتقويض معالم القوة في هذه المنطقة، وهو ماجرى الان وما يجري تطبيق سيناريوهاتها اللاحقة لتشمل العرب جميعا دون استثناء.

وهكذا تتعدد الستراتيجيات التي وضعها كبار مهندسي السياسة الاميركية من اجل تنفيذ آفاق هذه السياسة ، وقد شهدت هذه الستراتيجية متغيرات عديدة ، وجرى إعدادها وفقا لسيناريوهات تمت التهيئة لها في مختبرات ومراكز بحثية ، وكان هناك صناع قرار على مستوى عال من الحرفية والادراك، شاركوا في وضع لمسات هذه الستراتيجيات.

About this publication