After Ten Septembers

<--

بعد عشرة أيلولات

منوعات

الثلاثاء 13-9-2011

سعد القاسم

منذ اللحظة الأولى التي نقلت فيها محطات التلفزيون في العالم على الهواء مباشرة صورة انفجار طائرة الركاب

في برج مبنى التجارة الدولية في نيويورك بدا أن العالم مقبل على أحداث كبيرة،ليس لأن الحدث كان كبيراً، وإنما لأن التحولات العالمية التي سبقته ومهدت له كانت كذلك.ففي ذلك اليوم كانت الولايات المتحدة تعيش نشوة النصر وزهوة القوة بعد انتهاء الحرب الباردة بانهيار المعسكر الاشتراكي وتفكك الاتحاد السوفييتي ذاته دون أن تتكلف خسائر تذكر في حرب امتدت لأكثر من نصف قرن. وحيث بدت أنها القوة الوحيدة المهيمنة بعد أن أخضعت أوروبا بشكل شبه كامل كان لابد من البحث عن عدو جديد يضمن استثمار الحال الراهن بما يحقق أفضل المكاسب المستقبلية،وهو ما عبر عنه هنري كيسنجر بحديثه عن قرن أميركي جديد.‏

كان العدو الجديد جاهزاً منذ اللحظة الأولى – بل قبلها بالتأكيد – فعلى غبار سيارة قرب مكان الحادث كتبت عبارة الموت للعرب وتناقلت وكالات الأنباء الصورة سريعاً.وبعد أيام قليلة انتشرت طرفة تقول إن طفلاً في عام 2021 مر بجوار الساحة الفسيحة الفارغة التي كان يقوم عليها برجا التجارة فاستفسر أباه عنها فأجابه إنه كان هنا برجان كبيران دمرهما العرب، فسأل الطفل باستغراب:وماذا يعني عرب!!‏

كان ذلك قبل صدور أي اتهام رسمي،لكنه مهد في واقع الأمر لهكذا اتهام، وأطلق في الوقت ذاته مشاعر عنصرية واسعة ضد العرب والمسلمين، صار مقبولاً بعدها تصديق أن بضعة شبان عرباً خطفوا أربع طائرات بعد أن تعلموا قيادتها بواسطة كراسات تشبه كراسات تعليم اللغات دون معلم،والدليل على ذلك وجود أحد هذه الكراسات في سيارة أحد الخاطفين،والعثور على جواز سفر آخر (سليماً!!) في البرج المحترق والمنصهر،كما صار مقبولاً بعدها أن يتم الثأر باحتلال بلدان بكاملها.‏

لم يكن مفيداً بعد ذلك التشكيك في رواية الاتهام،حتى بعد أن تبين أن بعض الانتحاريين الذين اتهموا بالمشاركة في العملية لم يغادروا بلادهم وأنهم على قيد الحياة.وحتى بعد أن نشرت بعض الكتب وكثير من الدراسات التي تفند إمكانية انهيار البرجين دون تفجير داخلي،أو تنفي إمكانية طائرة ركاب على الاصطدام بمبنى (البنتاغون) كما في كتاب (تيري ميسان) الذي أطلق عليه اسم (الفضيحة الكبرى).فسطوة الإعلام الأميركي كانت قادرة – ولا تزال – على تعميم الرواية التي تشاء.‏

في العلم الجنائي يبحثون أولاً عن المستفيد من الجريمة وعلى هذا علينا ألا ننسى أنه إثر 11 أيلول تم احتلال أفغانستان والعراق وتهديد سورية و الحديث عن استهداف بلدان عربية أخرى بما فيها تلك التي تقيم علاقات طيبة مع الولايات المتحدة:مصر والسعودية والأردن إضافة إلى لبنان وليبيا والسودان.‏

وربما يساعدنا هذا على إدراك حقيقة ما يحصل في عالمنا اليوم، تارة تحت عنوان مكافحة الإرهاب،وتارة أخرى تحت عنوان نشر الديمقراطي

About this publication