The Questions of 9/11

<--

حسين علي الحمداني سألني أحدهم العام الماضي ماذا لو لم تحصل أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 ؟ يبدو هذا السؤال أشبه بإعادة تركيب المشاهد بغير مساراتها ومحاولة نسف التاريخ نفسه عبر افتراض تاريخ آخر مغاير لما آلت إليه الأحداث فيما بعد سبتمبر 2001 .

لكنني أدركت بأن السائل كان يريد الوصول لجملة من الافتراضيات ليؤكد صحتها أو ربما ينفيها.

خاصة وإن كتب التاريخ الحديث والمعاصر تشير لحوادث وقعت بقصد وأثرت كثيراً على مسارات تاريخ العالم وأدت لكوارث ومنها على سبيل المثال افتعال هجوم جنود بولنديين على الألمان عشية الحرب العالمية الثانية ، مما منح هتلر مشروعية اكتساح بولندا وإعطاء إشارة البداية للحرب العالمية التي حصدت ملايين الأرواح وانتهت بكارثة القنبلتين النوويتين .

ووجدت بأن الإجابة على السؤال يعني فيما يعنيه اعادة قراءة التاريخ بأثر رجعي بالاعتماد على الأسئلة الافتراضية هذه والتي ستكون إجابتها تعتمد هي الأخرى على أحداث يفترض إنها وقعت وهذا ما يقودنا بالتأكيد لأن نترك للخيال ينسج ما يشاء من الأحداث بالطريقة التي نريد أن نراها لا كما حصلت بالفعل.

ومع هذا يبدو السؤال الأجدر بنا أن نسأله لأنفسنا قبل غيرنا لماذا حدث ما حدث في 11 سبتمبر 2001؟ بالتأكيد أحداث ذلك اليوم ليست وليدة لحظتها بقدر ما إنها جاءت نتيجة حتمية لتراكمات من القمع والتعسف والاستبداد مارسته الكثير من الأنظمة في منطقتنا ضد شعوبها بمباركة أمريكا ودعمها لهم،وهذا ما نمى لدى هؤلاء فكرة التمرد على الواقع ومحاولة الانتقام ليس من أمريكا فقط بل من النظم الاستبدادية صنيعة أمريكا في المنطقة .

وأمريكا لها دور كبير جداً في إرضاع مقاتلي القاعدة حليب الإرهاب، ويتمثل ذلك في دعم واشنطن لهم أبان (جهادهم) في أفغانستان ضد (الكفار السوفيت)، وبالتالي نجد بأن أمريكا استخدمت المصطلحات الدينية الإسلامية في حربها الباردة مع السوفيت ووظفتها لتدمير قواته في كابل في ثمانينيات القرن الماضي دون أن تدرك بأنها تنمي أفكارا لم يألفها المسلم من قبل وفي مقدمتها أن تكون هنالك مدارس فكرية تنظر للإرهاب تحت بند (الجهاد)، وبالتأكيد فإن فكرة وجود مقاتلين عرب يقاتلون إلى جانب الأفغان من أجل تحرير هذا البلد من الاحتلال السوفيتي لم تكن فكرة عربية أو إسلامية،لأن هذه الفكرة أصلاً لم تراود أحداً في يوم ما من أجل تحرير فلسطين أو حتى مجرد التفكير بذلك من قبل المدارس الدينية التي انتشرت بكثرة في الجزيرة العربية وشمال أفريقيا بعد الاحتلال السوفيتي لأفغانستان وأخذت تصدر تعليماتها وفتاويها لمقاتلة (الكفار) في أرض الإسلام !! حتى خُيل للبعض بأن طريق تحرير القدس يمرُ من كابل.

لهذا فإن أمريكا ساهمت بجزء كبير جداً في صناعة الإرهاب ، بل وإدامته وإظهاره بالقوة التي تريدها أمريكا لأنها بالتأكيد كانت تعد العدة لأن تصنع عدوا جديدا بعد زوال الإتحاد السوفيتي وانتهاء الحرب الباردة بتفكيك المنظومة السوفيتية.

من هنا علينا أن نرجع للسؤال الافتراضي ماذا لو لم تحصل أحداث سبتمبر 2001 ؟ بالتأكيد علينا أن ندرك جيداً بأن حصولها أمر تمي في عالم أعتاد أن لا يعيش دون عدو مهم كان حجمه وفكره، وبالتالي فإن عالم ما بعد انهيار المعسكر الشرقي كان يتطلب بالتأكيد البحث عن عدو أو بعبارة أكثر دقة صناعة عدو يمكن من خلاله ترتيب أوراق العالم الجديد وفق رؤية أمريكا لها،وهذا ما كان يتطلب أن يكون هنالك ثمة حدث يهز العالم ويجعله يدرك جيداً بأن هنالك خطراً يحتم على الجميع مواجهته ، وهذا ما أكده الرئيس جورج دبليو بوش بعد الأحداث بقوله من ليس معنا فهو ضدنا.

وهذا يعني بأن على العالم بأسره أن يقف مع أمريكا لمحاربة الإرهاب أينما كان، وهذا هو الذي حصل فيما بعد سواء في حرب أفغانستان أو حرب العراق وما قد يحصل في المستقبل القريب، خاصة إن الإرهاب لم ينته بمقتل بن لادن وإن تراجع بنسبة كبيرة لكنه يبقى في كل الأحوال خطراً يهدد حياة ملايين الناس في أرجاء المعمورة.

About this publication