American Intentions toward Iraq

<--

النيات الأميركية تجاه العراق

شؤون سياسية

الخميس 8-9-2011

هيثم عدرة

حين يعتزم المرء عمل شيء فإنه يوجد المبررات ولابد من القول إن الولايات المتحدة كانت مستعدة للقيام بعمل شيء

ما في المنطقة العربية أو غيرها كأفغانستان حتى قبل الهجوم الذي تعرضت له عاصمتاها الاقتصادية والسياسية (نيويورك وواشنطن) في الحادي عشر من أيلول عام 2001 وقد كان البترول العراقي من بين ماحاولت الولايات المتحدة الاكثار به من مبررات الاقتحام الذي استهدف في الأساس منع اقتراب نهاية العصر الأميركي وذلك من خلال السيطرة على منطقة شاسعة المساحة واسعة الثراء.‏

فقد تتضمن تقرير وصف آنذاك بأنه مهم رفع إلى الرئيس الأميركي دبليو بوش السابق عام 2001 (قبل أحداث 11 أيلول بنحو خمسة أشهر) تحذيراً يقول: ونحن في مطلع القرن الحادي والعشرين يمر قطاع البترول بظرف حرج ويمكن أن تنفجر أزمة في أي وقت، فالعالم الآن قريب من استهلاك كل المتوافر فيه من الطاقة الانتاجية.‏

وحذر التقرير آنذاك بوش من أن الظرف الذي تمر به السوق البترولية العالمية يوفر فرصا مواتية لأزمة امدادات نفطية أخطر من أي أزمة مر بها العالم في الثلاثين سنة الأخيرة وكان الاستهلاك الأميركي في ذلك العام 2001 أكبر من أي وقت مضى (19،7 مليون برميل في اليوم) وكانت نسبة المستورد من البترول المستهلك 53٪ وكان الاعتماد على البترول المستورد من دول الخليج أكبر من أي وقت مضى (14،1٪ من اجمالي الامدادات للولايات المتحدة من داخلها وخارجها).‏

وكانت الأمور تتجه حول إن من الضروري تماماً ألا تتسبب العوامل السياسية في إعاقة تنمية حقول نفط جديدة في دول الخليج وأنه يتعين على وزارة الخارجية الأميركية ومجلس الأمن القومي الأميركي وضع خطة استراتيجية للعمل على إعادة فتح الدول المهمة في المنطقة أمام الاستثمار البترولي.‏

إن موضوع الاستثمار في المجال النفطي يمثل مصلحة حيوية لأميركا بالرغم من الاعتراضات التي بدأت تظهر في بعض البلدان النفطية، وكان هناك بديل أشارت إليه أكبر مؤسسة لتحليل أمن الطاقة (إن أحد أهم الأشياء لا من الامدادات البترولية هو غزو العراق).‏

وهذه الكلمات تم تكرارها فيما بعد وعلى لسان الكثيرين والتي تؤكد حول أهمية العراق في الشأن البترولي والتي تطغى على الكثير من الدول النفطية وكانت الصحف الأميركية آنذاك صريحة في القول إن إدارة بوش قررت أن تستخدم القوة العسكرية الأميركية الهائلة في إقامة محمية نفطية في الشرق الأوسط تتيح لها فتح حقول البترول فيه أمام الشركات البترولية الغربية. وقالت إن إدارة بوش اتخذت هذا القرار بعد أن تقدم إليها المنفيون والمبعدون العراقيون قائلين: إن أميركا تستطيع أن تأخذ نفط بلادنا إذا استطاعت أن تعيدنا إليه.‏

فشركات البترول الكبرى والمستودعات الفكرية في الولايات المتحدة مثل مجلس العلاقات الخارجية طالبت مبكرا بالحرب ومن الواضح أن ذلك صادف هوى في نفس بوش أو لنقل بمعنى أدق أنه صادف خططا كانت موجودة في أدراج مكاتب إدارته.‏

ولذلك يمكن القول لمن قال إنها حرب على الإرهاب أن نصحح له معلوماته إنه البترول أولاً وآخراً ومصالح واستراتيجيات الولايات المتحدة القابعة في الأدراج تفتح وتنفذ في مواعيدها وأوقاتها ويمكن القول إن الإرهاب كما سوقت له الولايات المتحدة كان ذريعة وكان أساسياً في التخطيط للحرب، فالارهاب كان الشماعة أو الشرارة ولكن الهدف هو بالنتيجة استهداف الثروات العربية والاسلامية من المغرب وموريتانيا في الغرب إلى اندونيسيا وماليزيا في الشرق.‏

ولكن مع مرور الأيام والسنوات أثبتت المقاومة في العراق وما جرى ويجري في أفغانستان تم الاثبات وبالدليل القاطع أن التخطيط كان قاصراً لدرجة السذاجة وكان تأثير ماجرى للقوات الأميركية في العراق وأفغانستان شديد الخطورة وخلف الأمراض النفسية للجنود عداك عن الموت لعدد كبير منهم. ولابد من القول إن حالة القلق لدى المتابعين كانت تعبر عن القلق الكبير تجاه ماوصلت إليه الأمور في صفوف القوات الأميركية والبالغ عددها بحدود 200 ألف جندي. وهنا يتبادر سؤال ماهو السبب في وصول قطاع كبير من القوات المسلحة الأميركية إلى هذا الحد من الضعف والهزل؟ ويأتي الجواب على رأي الخبراء أن السبب هو التأهب المستمر للقوات الأميركية فهذه القوات تتطلب منها القيادة العسكرية الأميركية أعداداً ضخمة تحل محل القوات التي تنهك في العراق وأفغانستان.‏

ولابد من القول إنه كان يفترض إدارة واقع القوات الأميركية بما يلائم حقائق الوضع في أعالي البحار، ورأى الخبراء آنذاك وصف السياسة المطبقة بأنها عتيقة أو مختلة وظيفياً وكانت التقارير والتحذيرات التي تكررت والتي أطلقها ضباط في الجيش الأميركي ومدنيون مختصون بشؤون الدفاع وكلها تؤكد أن إجهاد العمليات في العراق وأفغانستان انهك الجيش الأميركي بشكل سيء.‏

لذلك كان من الطبيعي أن تبحث بسرعة الولايات المتحدة الأميركية عن القائد الذي يخلصها من بوادر السقوط فجاء انتخاب باراك أوباما الذي وصف آنذاك بأنه ابن الأزمة -أزمة نهاية العصر الأميركي.‏

والسؤال الذي لابد من توجيهه ماذا فعل الرئيس باراك أوباما منذ تسلمه حتى الآن؟ وهل فعلاً استطاع أن ينقذ هيبة الولايات المتحدة الأميركية التي تتراجع بسرعة كبيرة.‏

الواقع يؤكد أن الرئيس أوباما لم يستطع حتى الآن على الأقل أن يحقق جملة الطموحات التي رسمها الشعب الأميركي والتي أرادها أن تتحقق في زمن أوباما والمؤشرات تؤكد حالة التدهور التي تعيشها الولايات المتحدة، وهذا مرده إلى السياسة التي تعتمد على القوة أولاً والقوة أخيراً بالرغم من طبيعة الأهداف العسكرية والسياسية التي تتوخاها الاستراتيجية العسكرية الأميركية التي نشرت مؤخراً والتي تركز بنظر المحللين على اهتمام العسكريين الأميركيين بالشرق الأوسط وايران يمكن أن يتراجع بينما سيتم التركيز في الفترة القادمة على ردع القوة العسكرية للصين وهل يمكن أن تراهن الولايات المتحدة بنشاط واضح بخلاف السياسة التي كانت سائدة في عهد بوش الابن والتي يمكن أن تحافظ على نفوذها في العالم عبر قنوات غير عسكرية أي بمعنى الابتعاد عن منطق القوة والغطرسة واللجوء إلى أشكال ناعمة أو لنقل دبلوماسية لتغطية الفشل الذي يظهر جلياً.‏

About this publication