Goodbye Dollar!

<--

«وداعاً أيها الدولار»

د.خالد صالح الحميدي

هذا العنوان، الخطير والمستفِز، تناقلته بعض المواقع على الإنترنت مع تفسيرات مختلفة.. فالكاتب محمد نصر، يشبّه، عبر موقع ”المركز العربي للدراسات والأبحاث”، حال الولايات المتحدة الأمريكية اليوم بحال بريطانيا قبيل الحرب العالمية الثانية، عندما كان واضحاً أن الشمس قد أوشكت أن تغيب عن ”الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس”، وأن أمريكا، بدولارها، مقبلة على مرحلة مشابهة يمكن أن نطلق عليها مرحلة: ”وداعاً أيها الدولار”! أو تضاؤل دورها العالمي ليصبح شبيه ببريطانيا، جراء بوادر أزمة اقتصادية كبيرة بدأت بالتزامن مع التوسع في الحروب في أكثر من بلد.. والأزمات المالية في بعض دول أوروبا، وهذا ما عبَّرت عنه أخيراً حركة ”احتلوا وول ستريت”.. التي بدأت تؤثر على نقابات العمال الأمريكية كمظهر من مظاهر الصراع الطبقي.. ويدعم هذا الاستنتاج ما وصل إليه ”جيرالد سيلانتي”، العالِم الأمريكي المتخصص في ”علم المستقبل”، إلى توقعات مستقبلية قريبة جداً مداها بين عامي 2012 و2014 تتحدث عن ثورة في الولايات المتحدة ستقترن بأعمال شغب واسعة النطاق واعتصامات ضد الضرائب والبطالة والجوع! ويعبر عن ذلك قائلاً: ”سيكون وضع الطعام على مائدة المواطن الأمريكي أكثر أهمية من وضع الهدايا تحت شجرة الميلاد”، ويتابع: أن الدولار سيفقد 90 في المائة من قيمته في المستقبل القريب، وستتدهور مبيعات التجزئة.. فأمريكا، من وجهة نظره، تسير على الطريق لأن تتحول إلى دولة متخلفة..!

وبما أن العالم كله، تقريباً، مرتبط بالدولار فإن سقوطه لن يعني فقط انهيار الاقتصاد الأمريكي، بل، سيعني انهيار اقتصاديات دول أخرى، خاصة اقتصاديات العالم الثالث..

قد يقول البعض: ”خرافات”! ولكن، على البعض الآخر أن يعيد حساباته فيتخير بعناية خطواته للمرحلة القادمة في سبيل قيادة اقتصادية حكيمة تعمل للبناء والاستقرار، خاصة الدول التي اجتاحها ”ربيع الثورات” فتسرع في إنهاء انتقال السلطة بشكل سلمي، لتتفرغ للعامل الاقتصادي الذي لا يقل أهمية عن العامل السياسي.. وعلى الجميع ألا يلقوا بالاً لضغوط أمريكا فيما يتعارض مع المصالح الاستراتيجية لمجموع البلاد العربية والإسلامية، ومصارحة أمريكا واللعب معها على المكشوف، كما تلعب دول آسيا التي يسعى أوباما الآن إلى ربط الاقتصاد الأمريكي بالنمو الآسيوي.. فلا بأس أن تدرك الشعوب العربية والإسلامية مصالح أمريكا من خلال علاقة ندية ومصالح مشتركة، فلا تصاغ القرارات المصيرية بشكل يقدم مصالح أمريكا على مصالحها، إذ يكفي كل تلك الدروس المجانية التي عايشوها ويعيشونها، فللعب بين الدول أصول يجب إدراكها وإلا فنحن لا نزال ”مبتدئي سياسة”! وليكن شعار العلاقة أن نبتة الصبّار لن تثمر التفاح، وأعتقد أن الفترة الماضية كافية لندرك مرارة الصبّار الأمريكي!

أرجو من القارئ الكريم ألا يتعجب وهو يفكر بأن أمريكا تمر بمرحلة انتقالية على أيدي الطبقة الوسطى، فحال الثورات العربية لا يزال شاخصاً أمامنا.. خاصة أن أعداد الفقراء في أمريكا فقط يتجاوز (49 مليون فقير) حسب الإحصاءات الرسمية والمخفي أعظم.. أما على صعيد العالم، خاصة العالم الثالث، فأعداد الفقراء تزداد يوماً بعد يوم وأعداد الأغنياء تزداد هي الأخرى يوماً بعد يوم! لتتسع الفجوة مؤذنة بحلول الحتميات الإلهية التي سوف تتغلب، عاجلاً أم آجلاً، على الحتميات والفلسفات الوضعية، إن في الاقتصاد أو في شتى المجالات الإنسانية الأخرى..