American Withdrawal and the Sins of Iraqi Leaders

<--

دعونا نفرح بهزيمة العدوان وانسحاب الغزاة ولا تفسدوا على العراقيين فرحة اعلان الانسحاب حتى إن كانت على مضض.

نريد ان نفرح بهزيمة ورحيل من افسد وقتل وشرد ويتم وفرق ودمر تسع سنوات بانسحاب اعلنه اوباما رسميا في خطابه، فلماذا يفسد ساستنا علينا هذه الفرحة ويكتب اعلامنا بشكل مكثف عن تنبؤات لفترة ما بعد الانسحاب تثير القلق والغموض لمستقبل لا يفرح؟ دعونا نفرح لأننا ذقنا مرارة الاحتلال ولم نجد منه اشد وطأة ومحنة ولا تفزعونا بما ستحمله لنا قوادم الأيام فلنا يقين بالله اننا شعب نبيل لا يستحق كل ما ناله من ويلات وعذابات.

صدقنا اوباما مع انه لم يصدق معنا ، حاله كحال سابقيه، ونريد ان نفخر بأنه اعلن انسحابه وهنأ قواته وعائلاتهم الذين لم يهنأوا بوجود ابنائهم في العراق ولن ينسوا خسائرهم فيه وهم لم يصدقوا يوما بجدوى هذه الحرب التي انكشف كذب وافتراء دوافعها المعلنة والتي قتل بسببها الالوف منهم وصرفت البلايين من دولارات ضرائبهم من دون ان يجدوا لها منطقا ومبررا وسيبقى شعبه يكذبه حتى ان اعلن انتصاره في ليبيا بمقتل القذافي كما كذب من سبقوه من صناع الحروب التي تستهدف الشعوب وثرواتها ولا تحسم بقتل الزعماء او موتهم.

نصدق اوباما لنفرح بانسحابه ونفخر بهزيمته مع اننا نعرف جيدا ان سابقه لم يصدق مع شعبه حينما اعلن نهاية الحرب في خطاب النصر المزعوم في مايو عام 2003 بعد الغزو بشهرين لتستمر تسع سنين بعد إعلانه وسيبقى اوباما ومن سيأتي بعده يخصصون البلايين من الدولارات في ميزانيات الدفاع لبقاء من سيبقى أو من سيوكل ليلعب الأدوار القادمة.

صدقنا اوباما ولكن شعبه يعرف جيدا انه لم يكن صادقا حين لم يذكر في خطابه جملة واحدة يدافع فيها عن نفسه ولو لغرض انتخابي تشير الى خطأ أو عدم جدوى الحرب التي شنها بوش والمحافظون الجمهوريون على العراق، صدقناه مع انه لو كان صادقا لاعتذر للعراقيين عما فعلت الحرب التي شنوها بهم من محن ومصائب ونكبات ولو بكلمة واحدة لكنه لم يقلها.

صدقنا اوباما فرحا بهزيمته بالرغم من انه لم يصدق لا هو ولا وزيرة خارجيته السيدة كلينتون وغيرهما عندما تعهدوا باستمرار حمايتهم للعراق وتوثيق علاقتهم به وهو يعرف انهم كاذبون بادعاءاتهم لأن احتلالهم للعراق لم يحمه من جيرانه الذين امتدت ايديهم وطائراتهم وجيوشهم وميليشياتهم لتدمير العراق وقصفه ومحاصرته عندما كانت قواتهم موجودة فيه بمئات الآلاف وفشلوا في ذلك فهل سيحمي العراق ويدافع عنه بضعة آلاف من المدربين والفنيين ورجال المخابرات والشركات الأمنية التي ستوكل لها هذه المهمة؟ صدقنا الانسحاب العسكري لكم ماذا بعد الانسحاب من عقاب ولماذا نفرح على مضض؟

كل الامم التي احتلت عندما تنزح عنها جيوش المحتلين يتطلع قادتها الى مستقبل أفضل بإعمار وتنمية بلدانهم المنكوبة فتتوجه الى شعوبهم بخطاب الوعي ونداء المصالحة ورفع الهمم وتصفية الاجواء والصفح عن الاخطاء والاطراء على شعوبهم بما قدمت من مقاومة وفداء من اجل التحرير لتفخر بفعل شعوبهم وتحقيق الأمن والسلام مع جيرانهم، وتعم الفرحة والاستبشار بنزوح الاستعمار وتحقيق السيادة والاستقلال، فلماذا نحن من دون كل الشعوب تكون مناسبة انسحاب القوات المحتلة واعلان انسحابها عقابا لشعبنا ومصدر تفزيع وتخويف وتجريم للناس وتهديد بقطع الأرزاق والاعناق؟ لماذا يتم توقيت مناسبة الانسحاب إيذانا بما نلمسه اليوم من إجراءات وتصريحات؟

لماذا تتم اليوم إجراءات الاعتقال والتشريد بالضباط ورجالات العهد السابق؟ ألم يكف ما تعرضوا له لفترة تسعة اعوام من عذاب وتنكيل؟ لماذا يتم التشديد المكثف على ضرورة تنفيذ عقوبات الاعدام بقادة الجيش السابقين قبل المباشرة بالانسحاب؟

لماذا يتزامن هذا الانسحاب مع اعلان قوائم الاجتثاث للكفاءات ورجال التعليم الذين اسهموا بشكل لا يقبل الشك في انهم ربّوا وعلّموا وخرّجوا أجيالا ممن سيبنون ويشيدون العراق من جديد بالرغم من سنوات الحروب والحصار الطويلة العجاف؟

لماذا تتبادلون الشتائم والتشكيك والتفكيك كشركاء في عملية سياسية وتصاغ اكذوبة مبادرة اربيل ومن قبلها مجلس الرئاسات وترشيحات الوزراء الامنيين في حكومتكم وتبدون رؤاكم منفرطة ومواقفكم رجراجة حتى في قضية انسحاب القوات في وقت كان يجب ان تكونوا فيه موحدين وفخورين بتحقيق هدف وطني؟ ألا تشعرون بالخجل ان يعلن اوباما لشعبه انسحاب قواته من العراق كأنه قرار طرف واحد قبل ان تقفوا كشركاء وقادة وساسة سلطة مجتمعين تهنئون شعبكم وتبشرونه بالخلاص من الاحتلال ان كانت لكم فعلا ارادة تمثيل شعب أجمع على تحقيق هذا الانسحاب؟

لماذا تعلن اليوم تصريحات وتكثّف إجراءات وتغيّر مسؤوليات وإدارات هيئات وقوى عسكرية وأمنية ومخابراتية تؤسس لدولة حزب واحد وفرد واحد وتوجه واحد بشكل يكشف أكذوبة الشراكة والمصالحة الوطنية التي طالما تفاخرتم بها من قبل لتبدو صيحات الاجتثاث والأقاليم والتقسيم والانفصال والاجندات الطائفية والعرقية بين الشركاء عالية ومكثفة تزامنا مع اعلان الانسحاب الامريكي؟لماذا عقود النفط توقع وعقود الغاز تبرم وقوانين النفط تعطل ولماذا مخططات مشروع الفاو تكبح بسبب صعوبة التمويل؟ ولماذا يهدد اكراد العراق بالانفصال واعلان الدولة الكردية وهم لا يشكلون سوى 10 بالمائة من اكراد المنطقة؟ ولماذا بدأت صيحات الطائفيين سنة وشيعة تهدد بالاقاليم والتقسيم؟ ولماذا يثار العنف وتتصاعد التفجيرات وتشتد أزمة الساسة على السلطة وتغمس ملفات الفساد وتتفاقم مشكلة الكهرباء وتبرز مشكلة المياه والمناطق المتنازع عليها وقضايا ترسيم الحدود وتعطل هيئات النزاهة وتحل مفوضية الانتخابات فيما تتهافت صيحات جميع الكتل السياسية على ضرورة تعديل الدستور؟لماذا تثار ادوار قوى اقليمية فاعلة في العراق منذ حدوث الغزو اليوم على نمط مشاريع بديلة أو موكلة لإكمال دور الاحتلال كالمشروع الايراني او التركي أو الصهيوني ببواطن ودوافع طائفية أو توسعية فيما تكرر الادارة الامريكية وتشدد على دورها المستمر لمهمة حماية العراق؟ لماذا لا يذكر دور قوى المقاومة الوطنية والقوى المناهضة للاحتلال التي اسهمت في تعجيل الانسحاب الامريكي وتحقيقه بفخر واعتزاز كأنكم لا تريدون ان يقال عن شعبكم انه قاوم المحتلين؟ هل مقاومة الغزاة والمحتلين عيب أم ان العيب في ألا يذكر دورها ولا يكرم شهداؤها ورموزها ولا يعفى عن سجنائها ومطارديها؟لقد صدقنا اوباما على مضض لأننا نريد ان نقنع الدنيا كلها بأننا هزمناه كعراقيين وافشلنا مشروع امريكا والغرب الكبير ونريد ان نفرح بهذا الإنجاز على الرغم مما قدمنا من ارواح ونالنا من محن ومصائب سيؤطرها التاريخ لنا بفخر وسيدفع المحتلون ثمنها حين تلزمهم شعوبهم وشعوب العالم بدفع تعويضات ما دمروه عاجلا أم آجلا، لكننا لا نصدقكم أيها الساسة والقادة المنصبون ما لم تكفوا عن إيذاء شعبنا وقهر كفاءاتنا وتهجير أبنائنا وتهميش مقاومتنا وقوتنا، لا نصدقكم لأنكم جعلتم من الانسحاب الأمريكي عقابا وحسابا وضعفا وإرهابا واجتثاثا وتنكيل وعنفا وصراعا وسباقا على المناصب والسلطة والمكاسب ومدعاة للتقسيم والانفصال وابتزازا وتهديدا ووعيدا بصراعات قادمة ونذرا أشد ويلا وثبورا من فعل الغزاة والمحتلين.حسابنا لمثل هذا العقاب أن وعي الشعب اكبر وحراكه أقوى وعزمه أمضى وخطى الانسحاب الامريكي ستتوالى وتتعاقب بكل أشكاله وأدوار المشاريع الإقليمية المفتعلة والبديلة ستتساقط بكل اغطيتها الطائفية والعرقية والتقسيمية، والعراقيون سيثبتون بصدق انهم الأجدر بوحدة الكلمة ولملمة الصفوف واعلان المشروع الوطني الجامع وترسيخ ركائز الحراك الشعبي من أجل التغيير وبناء العراق واعماره وتحقيق نهضته.

* كاتب وسياسي عراقي

About this publication