Israeli Strategic Coordination: The US in the Case of an Israeli Operation against Iran

<--

ذا ما وعندما تصل حكومة اسرائيل الى الاستنتاج بان عليها أن تعمل بنفسها، عسكريا، لوقف استمرار تطوير البرنامج النووي الايراني، سيتعين عليها قبل ذلك أن تتخذ قرارا في مسألة حرجة اخرى؛ أي هل ينبغي لها ان تطلب بشكل رسمي «ضوء اخضر» من الادارة الامريكية أم أن تعمل دون تلقي «إذن» أمريكي بذلك.

في خطاب ألقاه في مؤتمر سبان في 2 كانون الاول شدد وزير الدفاع الامريكي، ليئون بانيتا على حاجة اسرائيل الى العمل مع الولايات المتحدة على احباط التهديد الذي ينطوي عليه استمرار تطوير البرنامج النووي الايراني. هذه التصريحات لوزير الدفاع جاءت على خلفية مخاوف متعاظمة في الادارة الامريكية من أن تعمل اسرائيل ضد ايران بشكل مستقل لاحباط نشاطها النووي. رئيس أركان الجيش الامريكي، مارتين دمباسي، أعطى ذلك تعبيرا بارزا في حديثه قبل نحو اسبوع، بقوله انه «لا يعرف اذا كانت اسرائيل ستطلع وتحذر في الوقت المناسب بقرارها خوض عملية عسكرية ضد ايران».

صورة الوضع بالنسبة لايران آخذة في الاتضاح. ناهيك عن أنه يكثر فيها المخفي، فانها تقترب بخطوات سريعة نحو «لحظة الحقيقة». في بؤرة صورة الوضع هذه توجد حقيقة أن ايران تواصل العمل على نحو حثيث لنيل قدرة نووية عسكرية. وأمام ناظر الجميع إذن يتبين ان الخطوات التي اتخذتها على مدى السنوات الاخيرة الدول الغربية بشكل عام، والولايات المتحدة بشكل خاص، والتي كانت ترمي الى ثني ايران عن مواصلة تطوير برنامجها النووي لم تنجح. التقرير الاخير للوكالة الدولية للطاقة الذرية أعطى تعبيرا لا لبس فيه عن مفعول صورة الوضع هذه.

الولايات المتحدة على علم جيد بصورة الوضع هذه. يمكن الافتراض بانها تفهم جيدا بان استمرار النشاط ضد ايران في مستواه الحالي لن يمنعها من مواصلة تطوير قدرتها النووية. على المستوى التصريحي توضح ادارة الرئيس اوباما، مثل سابقتها، بشكل قاطع جدا بانها لا يمكنها أن تسلم بايران نووية، وان كل الخيارات، بما في ذلك الخيار العسكري، يوجد على الطاولة. اما عمليا فبقدر ما يمكن لنا أن نأخذ الانطباع، يتبين بان الادارة الامريكية ليس لها أغلب الظن نية حقيقية لاستخدام خيار عسكري علني لغرض تصفية الخيار النووي الايراني. واذا ما استمر هذا، بقدر ما يمكن الافتراض فان معنى ميل ادارة الرئيس اوباما هذا العملي هو ان الولايات المتحدة «ستفضل» التسليم بايران نووية على المخاطرة بعملية عسكرية ضدها.

صورة الوضع هذه كفيلة بان تضع دولة اسرائيل امام معضلة مصيرية في الاشهر القريبة القادمة: هل تسلم عمليا بامكانية أن تتحول ايران الى دولة ذات قدرة نووية، أم تحاول احباط هذا الخيار بواسطة عملية عسكرية تقوم بها وحدها. وكما يذكر، فانه حسب شهادة وزير الدفاع، باراك، تبقت نحو سنة تقريبا لاحباط المشروع النووي الايراني.

اذا ما وعندما تقرر دولة اسرائيل العمل وحدها، بطريقة عسكرية، ضد ايران ستقف امام معضلة أولية عسيرة؛ بمعنى، هل ينبغي لها أن «تنسق» مواقفها مع الادارة الامريكية قبل العملية؟ عمليا السؤال المحدد هو هل سيتعين على اسرائيل أن تطلب «ضوء اخضر» من جانب ادارة الرئيس اوباما لعملية عسكرية ضد ايران. هذه المسألة ستبحث لاحقا فقط في السياق السياسي، حين تكون الفرضية الاساس هي أنه في المستوى العملياتي اسرائيل قادرة على تحقيق خيار عسكري ضد ايران دون الاحتياج الى «إذن» أمريكي لذلك. أمام دولة اسرائيل ستكون في هذا السياق اعتبارات مركبة بل واحيانا متضاربة.

في الاشهر الاخيرة اوضح قادة الادارة في الولايات المتحدة بشكل علني ومن شبه اليقين في لقاءات «مغلقة» أيضا، بان الولايات المتحدة ترفض عملية عسكرية اسرائيلية ضد ايران. معنى الامر هو أنه اذا حاولت اسرائيل الاستيضاح، سواء مباشرة أو بشكل غير مباشر، سواء صراحة أم بالتلميح، امكانية الحصول على «ضوء أخضر» ما من جانب الولايات المتحدة لعملية عسكرية ضد ايران، فمن شبه المؤكد أن الجواب سيكون سلبيا تماما بشكل لا يترك مجالا للشك. إدارة الرئيس اوباما، هكذا ينبغي الافتراض، لن تخاطر بخلق صورة، وإن كان بالتلميح، كمن سمحت لاسرائيل بالفهم بان لديها «ضوء أخضر» لعملية عسكرية في ايران.

طلب اسرائيل الحصول على «إذن» لعملية عسكرية يجب ان يرفع الى القيادة السياسية الاعلى، الرئيس الامريكي. اذا ما طلبت اسرائيل إذاً «ضوء اخضر» من جانب الادارة، وتلقت، كما ينبغي الافتراض، جوابا سلبيا تاما، ستتقلص بشكل جسيم حريتها في المناورة والمخاطرة السياسية التي تنطوي عليها من ناحيتها العملية العسكرية ستزداد بشكل أكثر جسامة. معنى الامر هو الانطلاق الى عملية ذات آثار استراتيجية بعيدة المدى في خلاف مع الموقف الصريح لحليفتها المركزية، وربما الوحيدة. في الظروف القائمة من الصعب فهم أي منفعة ستنشأ لاسرائيل من ذلك.

رئيس الوزراء، نتنياهو، ينبغي الافتراض انه لن يحظى بتلقي «ضوء اخضر غامض» لعملية عسكرية مثلما تلقى رئيس الوزراء اشكول من الرئيس جونسون عشية حرب الايام الستة. وهو بالتأكيد لن يحظى بتلقي «ضوء أخضر واضح» مثلما تلقى، حسب مصادر مختلفة، رئيس الوزراء اولمرت من الرئيس بوش، عشية الهجوم على المنشأة النووية في سوريا. وضعه سيكون مشابه جدا لوضع دافيد بن غوريون عشية حرب السويس، عندما كان واضحا له بان الحملة العسكرية ضد مصر ستصطدم برد فعل أمريكي سلبي وربما مشابه أكثر لحالة مناحيم بيغن عشية قصف المفاعل في العراق.

الى جانب ذلك، يمكن لاسرائيل أن تفترض بانه اذا فشلت عمليتها العسكرية في ايران، وعلقت في مواجهة اقليمية واسعة النطاق وفي رد ايراني كيف، يضعها في خطر امني جسيم، فان الادارة لن تتركها لمصيرها كخطوة عقاب على تجرؤها العمل خلافا لرأيها بسبب المبررات الاساسية التالية: 1. منظومة «العلاقات الخاصة» التي تبلورت على مدى سنوات طويلة بين الدولتين. 2. التصريحات القاطعة لشخصيات رفيعة المستوى للغاية في الادارة حول التزام الولايات المتحدة بأمن دولة اسرائيل. 3. تخوف الولايات المتحدة من انعدام التأييد الامريكي سيجبر اسرائيل على استخدام «قوة الردع الاستراتيجية» الموجودة، بتقديرهم، في ايديها. 4. الوعي بان الرأي العام والكونغرس سيمارسان ضغطا كثيفا على الادارة كي لا تترك دولة اسرائيل لمصيرها في لحظاتها الصعبة. 5. التخوف من أن العديد من الناخبين، بمن فيهم اليهود والعاطفين على اسرائيل، سيديرون ظهر المجن للرئيس في الانتخابات القريبة القادمة.

خلاصة الامر، إذا ما وعندما تصل حكومة اسرائيل الى الاستنتاج بان عليها أن تعمل بنفسها، عسكريا، لوقف استمرار تطوير البرنامج النووي الايراني، سيتعين عليها قبل ذلك أن تتخذ قرارا في مسألة حرجة اخرى؛ أي هل ينبغي لها ان تطلب بشكل رسمي «ضوء اخضر» من الادارة الامريكية أم أن تعمل دون تلقي «إذن» أمريكي بذلك. يبدو أن في الظروف القائمة «طلب الاذن» من جانب الادارة سيضيق بشكل جسيم جدا حرية العمل لاسرائيل، بل وربما يحرمها من قدرة العمل. على حكومة اسرائيل أن تفترض بانه في كل الاحوال ستخرج الادارة الامريكية في تصريحات ضد عملية عسكرية اسرائيلية في ايران.

الطبيعة الحقيقية لرد الفعل الامريكي ستتأثر، بالطبع، بقدر كبير، بمدى نجاح العملية الاسرائيلية. اذا كانت هذه عملية «نقية»، بمعنى أن تنجح في أن تشوش بشكل جسيم المشروع النووي الايراني، ولا تنطوي على خسائر كبيرة للطرفين، لا تجر رد فعل ايراني شاذ في طبيعته، فان الولايات المتحدة قد تدفع ربما ضريبة شفوية لغرض شجب اسرائيل على أنها انطلقت الى عملية عسكرية خلافا لرأيها ودون أن تكون استنفدت الخطوات السياسية ضد ايران. عمليا، من شبه المؤكد، ستكون الولايات المتحدة راضية من أن «مهمتها» قام بها آخرون. اذا ما فشلت العملية، يتعين على اسرائيل أن تأخذ بالحسبان ليس فقط شجبا امريكيا ودوليا بل ربما خطوات عقابية ايضا، ربما على نمط تلك التي اتخذتها ادارة الرئيس ريغان في اعقاب الهجوم في العراق.

رد فعل الادارة الامريكية سيتأثر على نحو شبه مؤكد ايضا بسلوك حكومة نتنياهو قبل العملية وفي اثنائها. واذا كان بالفعل، كما يمكن الافتراض، بان اسرائيل أوضحت أو ستوضح للادارة الامريكية على أعلى المستويات بانها تبقي لنفسها خيار العمل العسكري ضد ايران كما يفترضه التزامها بأمن مواطنيها، وانها كفيلة بان تعمل دون أن تبلغ الادارة قبل ذلك، فان غضب الادارة سيتقلص الى مجرد تنفيذ العملية. و «توفر» اسرائيل على نفسها في مثل هذا الوضع الغضب الذي من شأنه أن يترافق والاحساس بان اسرائيل ضللت الادارة. في كل الاحوال يمكن الافتراض، مرة اخرى اذا ما قررت اسرائيل العمل، بانها ستحرص على أن يكون الرئيس والادارة الامريكية أول من يتلقى التقرير عن العملية وفي الزمن الحقيقي.

التاريخ : 09-12-2011

About this publication