America’s Warning to Egypt

Edited by Katya Abazajian

<--

لابد أن تفهم الحكومة المصرية الحالية أو القادمة أن اللعبة الدولية التي تقودها واشنطن قاربت علي الانتهاء وأن هناك قوي جديدة تعيد تشكيل نفسها.

المناسبة مداهمة 17 مقراً لمنظمات تعمل في مجال حقوق الإنسان.. والمداهمة لم تكن قراراً أمنياً وإنما تنفيذاً لأمر قاضي التحقيقات في قضية التمويل الخارجي الذي يهدد الأمن القومي المصري ويدمر هيبة الدولة.

لم تتصرف واشنطن بمنطق قانوني يمليه عليها مركزها الذي تدعيه لنفسها كراعية للحريات في العالم.. بل تحدثت بلهجة تعتبر مصر واحدة من جمهوريات الموز.. فطالبتها بإنذار صريح يوصف بالوقاحة في العلاقات الدولية.. بوقف المداهمات ورد ما حملته معها من المقار والمقصود به المستندات والوثائق المهمة التي يحتاجها المحققون في موضوع التمويل الذي دخل مصر في الشهور العشرة الماضية دون علم السلطات المصرية وأشاع مناخ عدم الاستقرار.

بداهة إن إنذار واشنطن الذي تكرر مرتين خلال أقل من شهر يهدد بورقة المعونة الأمريكية.. وهي ورقة تملك مصر أيضاً التهديد بها.. وسنشرح ذلك لاحقاً خلال هذا المقال.

المعونة الأمريكية يذهب معظمها للتسليح.. من هنا اتخذ الإنذار شكلاً عسكرياً.. فقد أعلن البنتاجون مساء الجمعة الماضي أن ليون بانيتا وزير الدفاع الأمريكي أبلغ المشير طنطاوي قلق واشنطن إزاء المداهمات التي تستهدف مقار غير حكومية في القاهرة وطالبه بوضع حد لذلك.

من الواضح أن اتصال وزير الدفاع الأمريكي بنظيره المصري لا يعتبر سياسيا علي الإطلاق.. ولم يكن علي أساس أن طنطاوي يرأس المجلس الأعلي للقوات المسلحة الذي يقوم بمهام رئيس الجمهورية.. وإلا كان المفترض أن يقوم بالاتصال البيت الأبيض نفسه.

وبذلك نفهم مغزي الرسالة التي يريدون توصيلها.. فالإدارة الأمريكية تهدد بأنها قد تستجيب لضغوط بعض الشيوخ في الكونجرس بقطع المعونة العسكرية عقب حملة استهدفت الجيش المصري خلال الشهور الماضية بتحريض من منظمات تتلقي تمويلاً خارجياً وتواجد نشطاؤها أثناء أحداث ماسبيرو وشارعي محمد محمود وقصر العيني.

الأكثر من ذلك أن وزير الدفاع الأمريكي لا يطالب بوقف مداهمة مقار تلك المنظمات فقط.. بل بتسهيل عملها.

وهنا نكشف أنه لا معني للقانون ولا لسيادة مصر.. وأنه بات عليها أن تطيع المزاج الأمريكي. وهو مزاج لا يمكن أن يكون انعكاساً لدولة عظمي باحثة عن الحريات وحقوق الإنسان.. بدليل أن الجهاز الأمني المصري الشرس في عهد مبارك كان ذراع التعذيب التي تستخدمها واشنطن ضد العناصر المتهمة باستهداف مصالحها والتي جلبت من أفغانستان وألبانيا وإيطاليا وغيرها للحصول علي اعترافات منهم تحت مقصلة جهنم القاهرية.

القاهرة ليست علي ما يرام حالياً.. فأوضاعها الاقتصادية سيئة.. والتدخلات الدولية في شئونها غير رحيمة بها. إنها بمثابة الرجل المريض الذي أجريت له في سبيل أن يتعافي عملية جراحية استئصالية صعبة في 25 يناير من العام الماضي.. لكن ذلك غير مرغوب تماماً من الولايات المتحدة.. فالمطلوب أن يكون رجلاً خريفياً يستند علي عكاز لا يقوي علي السير بدونه.

قالت الخارجية الأمريكية إن مصر تعهدت بوقف المداهمات ورد ما أخذته من المقار.. والمعني أنها ستجبر القضاة علي تجميد القانون ووقف التحقيقات في قضية مصيرية تخص أمنها القومي.. وسترد الوثائق التي قد تثبت ذلك.

أي دولة تحترم سيادتها لا تفعل ذلك.. لكنه حكم القوي علي الضعيف. مع أن مصر يمكنها أن تكون اللاعب الأقوي مهما كانت ظروفها الاقتصادية سيئة للغاية.. فالمعونة جزء من اتفاقية كامب ديفيد.. والتلاعب في شرط من شروطها قد يؤدي إلي تجميدها كلية.. كما أن المعونة هدفها في الأساس حماية المصالح الأمريكية في المنطقة.. وإذا انقطعت.. فإن مصر ستتحلل من ذلك العبء.

ولكي تتحلل يجب عليها ألا تسارع لذلك مبكراً وتتجه لعواصم أخري تريد تغيير خريطة موازين القوي الدولية أو استعادة مكانتها التاريخية مثل موسكو وبكين.

About this publication