يأتي قرار وزراء خارجية دول الاتحاد الأوربي يوم الاثنين 23 من يناير الجاري الخاص بمقاطعه النفط الإيراني و فرض قيود على التعامل مع البنك المركزي الإيراني ومصادرة موجوداته في هذه الدول ومنع المتاجرة معه او أي من المؤسسات الايرانيه الأخرى في مجال الذهب والمعادن الثمينة في إطار سياسة تصعيد الموقف في الخليج للضغط على إيران وإجبارها على التخلي عن مشروعها النووي والعودة الى مائدة المفاوضات .
وهي عقوبات اعتمدتها واشنطن منذ أكثر من عام للتأثير على قدرات ايران المالية حيث تصدر إيران يوميا 5ز2 مليون برميل من النفط أضافه إلى كونها ثاني مصدر للغاز الطبيعي بعد روسيا وقد ضغطت الاداره الامريكيه على شركاء إيران النفطيين للحصول على النفط من مصادر أخرى من بينها العربية ألسعوديه والعراق اللذان يمتلكان اكبر احتياطي في العالم وفيما تعدت الرياض بسد النقص في إمدادات النفط الإيراني لايمتلك العراق مرونة في زياده صادراته حاليا .وقد أقنعت واشنطن الهند بتنويع سله مستورداتها النفطية وتقليل الاعتماد على النفط الإيراني حيث كانت تستورد 21 مليون طن من النفط الإيراني سنويا فيما هددت باقي المشترين بوضعهم في ألقائمه السوداء.
قد يفسر هذا رد فعل الصين المتحفظ على العقوبات الاوروبيه على طهران باعتبارها من اكبر المنتفعين من النفط الايراني 20% تليها اليابان 17% ثم الهند 16% ايطاليا 10% كوريا الجنوبية 9% وباقي الدول 28% حيث ان 20%من النفط الإيراني يصل أسواق دول الاتحاد الأوروبي التي تواجه جميعا ألان ارمه اقتصاديه خطيرة تتعلق بتضخم الديون السيادية التي تجاوزت كما هو الحال في اليونان واسبانيا والبرتغال قيمه الناتج المحلي الإجمالي في ظل حاله الركود التضخمي التي دخلت مرحلتها الثانية بعد اندلاعها عام 2008 م كانعكاس لازمه الاقتصاد الأمريكي فيما تتعرض العملة الاوروبيه الموحدة لضغوط شديدة.
كاترين اشتون ممثله الاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والأمن بررت هذه العقوبات بأنها تهدف على إجبار إيران للعودة مجددا لمائدة المفاوضات حول ملفها النووي دون أن تتطرق الى الانعكاسات السلبية لهذا القرار على اقتصاديات دول الاتحاد التي تعتبر من كبار الشركاء التجاريين لإيران في وقت وصلت فيه حامله الطائرات ابراهام لنكولن الى عرض الخليج ترافقها فرقاطه بريطانيه وسفينة فرنسيه فيما كان الرد الإيراني هو التهديد مجددا بإغلاق مضيق هرمز الاستراتيجي، والذي يعني وقف تدفقات نفطية يومية، قدرها أكثر من 18 مليون برميل، اي حرمان الاقتصاد الدولي من حوالي 22 % من موارده النفطية اليومية وهو ما سيدفع واشنطن في حال نفذت ايران تهديدها للتعاون مع حلفائها، من الفرنسيين، والبريطانيين، والألمانيين وغيرهم، للقيام في مواجهة عسكرية ضد إيران لن تقف روسيا والصين حيالها مكتوفة الأيدي سواء في مجلس الأمن او في مياه الخليج وهو ما سيشعل المنطقة التي أنهكتها الحروب منذ ثلاثين عاما وسيمتد نطاق الحرب ليشمل دائرة بعيده لن تكون إسرائيل او باقي دول الخليج العربية وحتى تركيا بمنأى عنها وفق هذا السيناريو الأكثر سوداويه.
سخونة التصريحات المختلفة، على خطوط العلاقات الأمريكية – الإيرانية، بعد انتهاء المناورات العسكرية الإيرانية الأخيرة ارتفعت مع تأكيدات إيرانية على القيام بمناورات عسكرية أخرى، في مضيق هرمز الاستراتيجي الشهر القادم –وتشير بعض المعلومات المنشورة، بأنّ واشنطن قد بعثت برسالة سريّة إلى إيران بواسطة تركيا وصفت فيها قيام إيران بإغلاق مضيق هرمز، بأنّه عمل غير مقبول ويهدد السلام والاستقرار العالمي، مع تأكيد واشنطن في رسالتها تلك، بأنّها لا ترغب في الدخول في مواجهة عسكرية مع طهران وضدّها هذا التهديد المبطن جعل الإيرانيين يستعدون لمواجهه عسكريه باتت أكثر احتمالا اكثر من أي وقت مضى رغم ان الأمريكيين ابلغوا الإيرانيين أنهم يمارسون ضغوطا قويه على تل أبيب لكي لا تتورط في شن غارات جوية على المواقع النووية الايرانيه الهامة ومن بينها 30 موقعا استراتيجيا.
ويرى البعض ان السلوك الإسرائيلي هذه المرة يوحي بنقص الجدية في القصة كلها، ويدخلها في عداد الحروب النفسية لا التحركات الفعلية، صحيح أن رغبة إسرائيل أكيدة في الهجوم على إيران لكن كبار قاده أجهزه الاستخبارات في تل ابيب لديهم معلومات عن تسرب سلاح نووي لإيران وإنها احصلت عام 2005 من السوق السوداء على 18 صاروخا نوويا من اوكرانيا و3-5 قنابل نووية من بيلوروسيا.
حيث كشف موقع دبيكا الإسرائيلي قبل ثلاثة أشهر إنه في 18 مارس 2005 أعلنت “BCC” البريطانية نقلا عن مصادر في مكتب الادعاء الأوكراني العام “Ukraine’s prosecutor-general” أنه تم تهريب سلاح نووي أوكراني الى إيران والحديث يدور عن صواريخ “Kh-55”, والمعروفة ايضا باسم “X-55s”, ومداها 2500 كم يمكن لاي طائرة إيرانية عسكرية أن تطلقه علما أن المسافة من أطرف الأراضي الايرانية لفلسطين هي 1200 كم فقط . حيث ان هذه الصواريخ تستطيع أن تحمل 200 كيلو طن
قد تكون لدى أوباما إغراءات بخوض المغامرة أو المقامرة العسكرية في هذه اللحظة الحاسمة بالنسبة له و تكريس هيمنه بلاده على العالم وقد يتخذ القرار بإقلاع 450 طائرة أمريكية لضرب إيران، من فوق حاملات طائراته الضخمة في الخليج والقواعد الأخرى المحيطة بإيران، وربما يقلل انسحاب قواته من العراق من الخسائر التي كان يمكن ان تواجهها ، ولكن هل يمكن تجنب رد فعل الإيرانيين الانتحاري حين يصل الأمر إلى نقطه اللاعوده؟؟
يرى البعض من الأمريكيين ان هذه المحاولة تختلف كليا عن احتلال العراق وافغانستان وان أوباما لو اتخذ قرار الحرب ضد ايران قد حفر لنفسه قبرا، وأودى بالاحتمالات الضعيفة لإعادة انتخابه رئيسا لأمريكا، ولن تنفعه وقتها قوة اللوبي اليهودي المستعدة للتحول ضده، والمشي في جنازة رئاسته الأولى والأخيرة . وقد خسر من قبله بوش الأب بعد انتصاره في عاصفة الصحراء
ويرى خبراء إستراتيجيون ان نجاح واشنطن وحلفاءها في توجيه ضربه قويه لإيران وتدمير بعض قدراتها النووية والعسكرية التي استنزفت موازنتها منذ أكثر من عشرين عاما وتازيم الأوضاع ألاقتصاديه فيها ستحرك الشارع الإيراني والمعارضة مما قد يمهد لإسقاط نظام الآيات في تزامن مع أزاحه الأسد في دمشق والذي يعني في المحصلة هيمنه الولايات المتحدة على أهم منابع الطاقة في العالم وهي على وشك استنفاذ احتياطياتها من النفط مما يعني ترك الصين واليابان والهند ونمور أسيا والاتحاد الأوربي الذين يعتمدون على الطاقة المستوردة بيد البيت الأبيض المتحكم الأكبر بصنابير النفط العالمية وأسعارها من الخليج العربي الى بحر قزوين واسيا الوسطى. وربما يفسر هذا التصريحات والتحركات الروسية التي سارعت الى رفض ألمقاطعه الاوروبيه للنفط الإيراني ورفض التدخل الخارجي في سوريا لأدراك الكرملين ان التحرك الغربي صوب دمشق وطهران ينطلق من أجنده واحده .
أن طول الطريق البحري الذي تمر به ناقلات النفط في هرمز لا يتجاوز ميلين بحريين وهو ما يجعل من إغلاقه مسالة غير صعبه في حال قررت إيران ذلك حيث أن لديها في جزيرة فشم القريبة من عنق مضيق هرمز 50 سفينة حربيه سريعة وصواريخ (سلك روم وصواريخ – سي 802 نوع نور وقادر سيرسوكر وصياد واحد) أضافه إلى ثلاثة غواصات في بندر عباس وطائرات هليكوبتر ومحطات رادار متطورة .
ويكمل رأس المثلث الإيراني وسط مضيق هرمز قاعدة جزيرة لأراك حيث توجد العشرات من الزوارق الحربية السريعة المجهزة بطوربيدات سريعه ومنصات الصواريخ ارض –بحر أضافه لباقي القواعد البحرية الأخرى التي اختبرتها إيران في مناورتها الأولى في هذا المضيق الاستراتيجي وهو ما أكدته ( نيويورك تايمز )مؤخرا حيث ذكرت أن إيران ومن خلال نشر ألاف الألغام البحرية في هذا الممر وبمساعده غواصاتها وطائراتها ستتمكن من غلق المضيق وهو ما لا يترك أي خيار سوى الحرب او التفاهم مع ايران حول نطاق نفوذها في الشرق الاوسط في وقت يتنافس فيه الجمهوريون والديمقراطيون على رئاسة للبيت الأبيض وقد شن مرشحو الحزب الجمهوري هجوما قاسيا على اوباما لانسحابه السريع من العراق والذي كان سيجعل منه أهم قاعدة للرد على إيران.
ان إغلاق مضيق هرمز او التحضير للمواجهة في الخليج سيؤدي حتما إلى ارتفاع أسعار النفط وكذلك الغاز الطبيعي عالميا ربما إلى الضعف غير انه سيكون بإمكان السعودية وروسيا وباقي الدول خارج المضيق القدره على التعويض عن نقص الإمدادات المارة من هناك ولكن بأسعار السوق ألمرتفعه جدا .
وبدون النظر الى نتائج المواجهة العسكرية المحتملة وفق هذا السيناريو التي سيمتد شرارها إلى جميع دول الخليج خاصة تلك التي تتواجد بها قوات امريكيه فان العراق سيخسر حوالي مليون وربع المليون برميل من نفطه المصدر عبر هذا الشريان دون ألقدره على زيادة الضخ عبر تركيا او خط ينبع المتوقف عبر السعودية وستتوقف حركه ألتجاره عبر الخليج وخاصة الاستيرادات الضرورية في بلد يعتمد بصوره شبه كأمله على الاستيراد الخارجي وهو ما سيضع العراق وفق هذا السيناريو في وضع مالي وامني حرج جدا مما يستدعي اهتماما استثنائيا من قبل الحكومة العراقية لبحث جميع البدائل والاحتمالات في حال وقعت المواجهة بين إيران والغرب التي قد تتأخر الى الصيف ونسال الله ان يجنب شعوبنا من شرورها وتداعياتها.
Leave a Reply
You must be logged in to post a comment.