A Veto War Rages Between the East and West

<--

حرب الفيتو تشتعل بين الغرب والشرق

2012-01-25

مرة أخرى تثبت الدول العظمى أن منطق المصالح والقوة، هو القانون الذي تسير عليه البشرية اليوم فقط، والكلام عن التطور البشري ومواثيق حقوق الانسان وميثاق الأمم المتحدة كلها صياغات كلامية جهنمية تفتقت بها أذهان دهاقنة الساسة ورجال القانون في الدول العظمى لتضمن لنفسها الغطاء القانوني والأخلاقي عندما تفترس الشعوب الضعيفة وتنهب ثرواتها ونفطها وخيراتها، هذه الشعوب غير القادرة على الدفاع عن نفسها كما تفترس الضباع الشاة الصغيرة .

فللمرة الاولى بالتاريخ يشهد مجلس الامن الدولي استخدام دولتين روسيا والصين الفيتو لصالح سورية دفعة واحدة. مع الاستمرار باللويح بنفس الفيتو لاجهاض اي تدخل غربي بما يجري في سورية وتحويله لمصلحة الغرب واسرائيل.

عملياً، تجلس روسيا والصين في الخندق نفسه مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية و ‘حزب الله’ في تحالفهما مع دمشق. وعملياً، اختارت الهند والبرازيل وجنوب أفريقيا الجلوس قرب ذلك الخندق لأسباب مختلفة. إنما ما يجمع بين أسباب الدول الثلاث هذه، طموحاتها بمقعد دائم في مجلس الأمن، الأمر الذي جعلها تعتقد أن من المفيد لها قيادة مجموعة الدول المحرومة والغاضبة من استعمار الغرب المزمن، والتي تكن العداء للولايات المتحدة.

بينما ترى دول الغرب صاحبة الفيتو الشرس الدائم ان هذه القوى تتحداها بالفعل، دون ان يكون لهذه الدول القوة الكافية سياسيا او اقتصاديا ان ترشي او تركع تلك الدول الناشئة، كما جرت العادة، سواء في ضرب العراق او ليبيا او تقسيم السودان، وهنا بدأ العالم يشهد نوعا من توازن الرعب الهش يعيد سيناريو الحرب الباردة، لكن هذه المرة من اقطاب قوية وليس من قطبين فقط.

فغضب روسيا الأساسي نابع من عدم استشارتها أو الأخذ برأيها كشريك في المستوى نفسه من المكانة الدولية، وذلك في مختلف الملفات من ليبيا إلى السودان الى اليمن الى ساحل العاج إلى سورية.

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أبلغ أكثر من وزير تحدث معه على هامش الجمعة العامة للأمم المتحدة أنه ثائر على اتخاذ الدول الأوروبية قرار فرض عقوبات أوروبية على سورية من دون إحاطته علماً أو استشارته أو حتى إبلاغه أو الأخذ برأيه.

فيما اقامت امريكا والغرب الدنيا ولم تقعدها اعتراضا على موقف روسيا والصين من استخدام الفيتو في مواجهة القرار الغربي ما جعلها تتراجع عن خيار التدخل مباشرة او عبر دعم تركيا لقيادة التدخل.. وحديثي هنا ليس دفاعا عما يجري في سورية، لكنها دعوة لامريكا وحلفائها لتطبيق هذا الحديث الرائع على ممارسات اسرائيل في مواجهة الشعب الفلسطيني واستخدام الفيتو الامريكي القاتل لمساعدة اسرائيل ومساندتها في قهر الشعب الفلسطيني وتدمير غزة ولبنان وتفتيت ليبيا والعراق التي تمنع مجلس الامن من مجرد توجيه اللوم للمعتدي، بل تساوي بين المعتدي والمعتدى عليه.. ألم تهدد امريكا باستخدام الفيتو ضد انضمام فلسطين الى الامم المتحدة منذ اسابيع فقط؟ ألا يعد ذلك كيلا بمكيالين؟ ألم تهدد اليونسكو بوقف التمويل اعتراضا على قبول المنظمة لفلسطين كعضو بها؟

مندوبة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة قالت عقب الفيتو الصيني – الروسي: ‘اليوم يرى الشعب السوري الشجاع من في هذا المجلس يدعم رغبته في الحرية وحقوق الانسان، ومن لا يدعم’، في اشارة مبطنة الى موسكو وبكين .

لذا فان على الولايات المتحدة أن تتذكر كلام مندوبتها رايس هذا، عندما ستستخدم الفيتو لأحباط قبول عضوية دولة فلسطين في الأمم المتحدة، لأنه حينها ‘سيرى الشعب الفلسطيني الشجاع من في هذا المجلس يدعم رغبته في الحرية وحقوق الانسان، ومن المنافق الكاذب الاشر الذي لا يدعم’ . كما سترى البشرية أنها ما زالت تحتكم الى قانون الغاب، بالرغم من كل قوانين ومواثيق حقوق الأنسان التي يأكل بموجبها القوي الضعيف عندما تواتيه الفرصة.

أمريكا تضع فيتو على كل القرارات، التي تدين إسرائيل منذ إنشاء إسرائيل حتى اليوم، ولم نسمع شجب الوطنيين العرب والخليجيين والمدونين لهذه الفيتوهات، ولا عقدت فضائياتهم حلقات يومية لاستنكار هذه الفيتوهات!

الآن تبكون ضياع الحرية للشعب السوري، ولم يمض على ربيعهم سوى أشهر وهم سيحصلون بجهودهم على تحقيق مطالبهم، بينما الشعب الفلسطيني ما زال ينتظر هذه العدالة منذ سنة 1948 ويذبح ويقتل وتهدم البيوت على رؤوس أصحابها وتقتل أسر بكاملها في غزة ولم نسمع ربع كلمة.

مروان الحجلي

About this publication