حكاية كل عصر – السياسة الأمريكية لا تتغير في الماضي والمستقبل !!
محيي السمري mehy samry@ rahoo com
الأحد 12 فبراير 2012
السياسة الأمريكية واحدة وثابتة ولم تتغير.. زمان.. والآن.. وأيضاً في المستقبل.. وعندما تكون هي دولة مانحة فإن ذلك لا يكون إلا ولها طلبات وشروط.
نعود إلي عام ..1947 حينما وضع المهندس اليوناني “داينوس” وكان خبيراً بوزارة الري المصرية.. فكرة بناء سد ثاني في أسوان بجانب خزان أسوان.. وبعد قيام ثورة 23 يوليو 1952 شرع مجلس قيادة الثورة في وضع الخطط اللازمة للتنمية الاقتصادية. ومن بينها مشروع سد المهندس اليوناني. المعروف بالسد العالي. وعهدوا بدراسته إلي مجموعة من كبار المهندسين المصريين وأربعة خبراء عالميين. اثنان من أمريكا. وثالث فرنسي. ورابع ألماني.
استغرقت الدراسة عامي 1953 و..1954 ووافقت الحكومة المصرية علي البدء في تنفيذ هذا المشروع.. ولكن هذه الموافقة تلازمت مع أحداث وتغيرات في أوضاع الأمة المصرية ومن بينها زيادة التوتر المسلح علي الحدود المصرية الإسرائيلية.. واشتراك مصر في مجموعة دول عدم الانحياز ومؤتمر باندونج سنة 1955 وإتمام صفقة الأسلحة السوفيتية.
وفي نهاية عام 1955 أعلنت أمريكا وبريطانيا وكذلك البنك الدولي عن استعدادهم لتمويل هذا المشروع بالنقد الأجنبي. وذلك في مرحلته الأولي. وكذلك في مراحله المتتالية.
وكان وعد أمريكا بأنها ستقدم 20 مليون جنيه. وانجلترا وافقت علي تقديم منحة 5 ملايين جنيه. أما البنك الدولي قفإنه قرر تقديم قرض قدره 70 مليون جنيه.. وتتحمل مصر النقد المحلي.
وكانت هذه الوعود قائمة علي أساس اشتراك مصر في حلف الحزام الشمالي الذي عرف فيما بعد بحلف بغداد. ويقول الدكتور عبدالرءوف عمارة في كتابه: “تاريخ العلاقات المصرية الأمريكية” إن جمال عبدالناصر رفض الاشتراك في أي أحلاف غربية.. ورفض عرضاً من الولايات المتحدة الأمريكية أيضاً. بإجراء صلح بين مصر وإسرائيل في محاولة لتسوية النزاع بينهما. وذلك في ضوء قرار تقسيم فلسطين الصادر سنة ..1947 كذلك رفض عبدالناصر عقد اجتماع بينه ورئيس إسرائيل بن جوريون سواء كان الاجتماع في القاهرة أو تل أبيب. وبعد كل هذا الرفض حدث تراجع من أمريكا والغرب عن المساعدة في بناء السد العالي. وجاء إلي القاهرة بوجين بلاك رئيس البنك الدولي في ذلك الوقت وعرض شروطه الجديدة لإتمام قرض بناء السد. ومن هذه الشروط مراقبة ميزانية الدولة وميزان المدفوعات وذلك ليطمئن البنك علي استقرار الاقتصاد المصري.. كما طلب ألا تعمل مصر للحصول علي أي قروض أخري من أي دولة إلا بعد الحصول علي موافقة البنك.
أعلنت أمريكا وبريطانيا عن شروط جديدة لإتمام المنح التي وعدت بتقديمها وهي: أن تعلن مصر رسمياً أنها لن تشتري المزيد من السلاح السوفييتي. وأن يتوسط عبدالناصر لإجراء صلح بين العرب وإسرائيل.
وجاء رفض عبدالناصر قاطعاً لكل هذه الشروط. وأعلن أن مصر لن تركع. ولن تخضع لأي شروط تملي عليها.. وراح عبدالناصر يهاجم سياسة أمريكا تجاه مصر.. ويهاجم ضغطها عليه للانضمام إلي الأحلاف العسكرية. وهكذا انتهت العلاقات المصرية الأمريكية إلي التوتر والتباعد. وتراجعت أمريكا أيضاً في تقديم أي معونة عسكرية أو منح مالية أو حتي غذائية.
وهذه هي أمريكا.. تقدم المنح والمعونات بشرط الخضوع لرغباتها وشروطها. مهما كانت مجحفة.
ومنذ قامت ثورة 25 يناير 2011 وزيادات المسئولين الأمريكيين تتواصل علي مصر.. وفي نهاية كل زيارة تخرج تصريحات وردية بتحقيق مزيد من التعاون وتقديم المساعدات إلي مصر.. ولكن الوعود شيء والتنفيذ شيء آخر.. وخلال الأيام الماضية أفصحت الولايات المتحدة عن إمكانية التراجع في الوعود وعدم تقديم المساعدات لمصر.. خاصة بعد أن اكتشفت مصر وجود جمعيات غير مرخصة تحصل علي أموال غير مشروعة من أمريكا.. وأدان القضاء أعضاء هذه الجمعيات ومن بينهم 19 أمريكياً.. الأمر الذي أثار غضب الولايات المتحدة.. وقال المسئولون المصريون كما قال عبدالناصر زمان : “مصر لن ترجع ولن تخضع لأي شروط تضر بمصالح مصر.. فإذا كانت المساعدات هدفها التدخل في الشئون المصرية.. “فالله الغني” عن هذه المساعدات.
Leave a Reply
You must be logged in to post a comment.