The US in the Syrian Bazaar

 .
Posted on March 3, 2012.

<--

أميركا في البازار السوري

ساطع نور الدين

أسوأ ما في مؤتمر تونس لأصدقاء الشعب السوري أنه مسعى لاستدعاء دور اميركي ضائع، لمعالجة الأزمة السورية، يفترض أن يزيح العرب بعيدا وينحّي الأوروبيين جانبا، ويضع سوريا رهينة المنامات التي تراود المسؤولين الأميركيين والجمهور الأميركي، والتي لا يمكن لأحد التكهن بتقلّباتها وتحديد مخاطرها.

مؤتمر تونس كان إعلانا عن أن الوساطة العربية قد انتهت وتمّ تفويض الأميركيين بحل الأزمة في سوريا. يمكن لأنصار النظام السوري من الان فصاعدا أن يضعوا ذلك التفويض في سياق البرهان على صحة نظريتهم الثابتة، عن أن الحركة الشعبية المعارضة والمستمرة منذ نحو عام ليست سوى مؤامرة أميركية خفية هدفها الخيار السياسي المقاوم والممانع.

الدخول الأميركي على الأزمة السورية حصل للتو. طوال الأشهر الماضية ظلت إدارة الرئيس باراك أوباما تتعاطى مع تلك الأزمة باعتبارها مشكلة اجتماعية او اقتصادية، قبل أن تعترف بطابعها السياسي ثم تحيلها على الفور الى تركيا التي قامت بجهود دبلوماسية امتدت ثمانية اشهر قبل ان تتلقى النصيحة من واشنطن بترك الامر للجامعة العربية واختبار قدرتها على اجتراح حل من داخل البيت العربي يقوم على المراقبة ثم المصالحة، وهو ما فشل في تحقيق اي تقدم فكانت خطة تنحي الرئيس الأسد لمصلحة نائبه الاول فاروق الشرع، التي ردّ عليها النظام بعنف لم يسبق له مثيل.

حتى الان كانت واشنطن حائرة ومترددة، برغم نداءات الاستغاثة التي كانت تتلقاها من دول الخليج العربية، ودعوات التحرك التي كانت تصلها من الاتراك والأوروبيين. وكانت هذه الحيرة سببا في اندفاع روسيا والصين وقبلهما الهند والبرازيل وجنوب افريقيا، نحو توفير شبكة أمان للنظام السوري باعتبارها مقدمة لإحداث توازن في النظام الاقليمي والعالمي يفرض على اميركا والغرب عامة الى الاعتراف بالمصالح الحيوية الروسية والصينية.

لم يكن الموقف الاسرائيلي المتريّث هو الدافع الوحيد الى مثل هذا التردد الأميركي، الذي يمكن ان يجد تفسيره في التجربة الليبية التي أدى فيها الأميركيون دورا هامشيا بالمقارنة مع الدور الأوروبي الفاعل. العامل الداخلي هو الحاسم في بلورة سياسة النأي بالنفس التي اعتمدتها إدارة أوباما، والمكلفة اساسا من قبل الناخبين الاميركيين بإخراج اميركا واقتصادها من المغامرات العسكرية.

ثمة من يعتقد أن مؤتمر تونس هو مجرد اختبار لمدى استعداد اميركا للتخلي عن ترددها والتدخل المباشر في الأزمة السورية. المؤشر لن يكون في القرارات الختامية للمؤتمر… بل في الموقف التركي الذي التزم حتى الان النصيحة الاميركية في التوسط اولا ثم في التريث ثم الترقب للحل العربي، مع البقاء في حالة الاستعداد لتعديل موازين القوى السورية؟

ليست بشرى سارة أبدا ان يتقدم الأميركيون الى الصف الأمامي، لاسيما اذا كان الدافع الأبرز هو الرد على الروس والصينيين… لأن ذلك يعني أن واشنطن قررت الدخول الى البازار الذي فتحته موسكو وبكين حول سوريا، وفق حسابات سياسية وتقلّبات انتخابية، لا يمكن ان تطمئن اي سوري، مواليا كان ام معارضا.

About this publication