Israel’s Resemblance to America

<--

إسرائيل على نهج أمريكا

سلامة أحمد سلامة

أضف تعليقكتعليقات : 11 آخر تحديث: السبت 17 مارس 2012 – 9:35 ص بتوقيت القاهرة

هناك أطراف عديدة فى الغرب ــ بل وفى العالم العربى ــ تتخذ موقف المتفرج من الغارات الوحشية التى بدأت تشنها إسرائيل على قطاع غزة، وعلى رأس هذه الأطراف الولايات المتحدة الأمريكية التى تتزعم الدعوة إلى حقوق الإنسان وتحرير الشعوب، وتتصدر الجهود الدولية لإسقاط نظام الحكم السورى، فى ضوء المذابح والوسائل القمعية التى ينتهجها النظام السورى ضد شعبه. وفى آخر تصريحات لها بعد اجتماع عقدته مع السفراء الأمريكيين فى الشرق الأوسط أعادت تأكيد موقف واشنطن من دعم المنظمات التى تناضل من أجل الحريات فى المنطقة!

فى الغارات الجوية التى شنتها إسرائيل أخيرا على غزة بلغ عدد الضحايا من المدنيين نتيجة القصف الجوى الإسرائيلى ما يزيد على 50 مدنيا. ولم يصدر عن واشنطن أو الرباعية الدولية أى ردود فعل بالإدانة أو الاستنكار. ولا تبقى غير مصر بمحاولاتها الخجولة للتهدئة واقناع إسرائيل بوقف غاراتها على غزة.

هذا السلوك البربرى الذى تسكت عليه دول الغرب يبدو طبيعيا حين نقارنه بما حدث فى أفغانستان من مذابح. إذ يخرج الجندى الأمريكى من معسكره محملا بأسلحته وبنادقه الآلية ومدافعه الرشاشة إلى أقرب قرية أفغانية، ليقتل دون سبب ظاهر 16 من الرجال والنساء والأطفال فى حفلة رعب مدوية، ليس لها من مبرر إلا أنها تستجيب لغرائز وحشية مدمرة، وطبقا لما رواه المسئولون الأفغان، فقد جاب الجندى المخبول ثلاث قرى أمطرها بوابل من الرصاص ليقتل من قتل ومن بينهم 9 أطفال فى منطقة قندهار، وتقول صحيفة التايمز أن الجندى الأمريكى متزوج وله طفلان وسبقت له الخدمة فى العراق مرتين.

لا يخجل المسئولون الأمريكيون من الاعتراف بفظاعة الحادث. إذ يبدو وكأن الحروب الأمريكية خلقت جيلا من الأمريكيين بالغ القسوة والفظاظة. وفى كل مرة وقعت مثل هذه الحوادث وهى كثيرا ما تحدث، ينسبها المسئولون إلى عمل فردى أو نوبة جنون مفاجئة.

وخلال الفترة الأخيرة وقعت مذابح وحوادث أثبتت فشل الإدارة الأمريكية فى تنفيذ مخططاتها للانسحاب مع نهاية 2014 بعد انجاز اتفاق أمنى مع طالبان.

وفى وقت سابق قام عدد من الجنود الأمريكيين بحرق عدد من المصاحف، وجرى تداول شريط فيديو يحمل صور المارينز وهم يتبولون على جثث بعض الموتى من طالبان فى إحدى المعارك.

ومن المعروف أن للولايات المتحدة ما يقرب من 90 ألف جندى فضلا عن قوات الأطلنطى التى يبلغ مجموعها 130 ألفا. وقد ظلت حجة أمريكا والغرب من احتلال أفغانستان هو ألا تصبح نقطة انطلاق لعمليات إرهابية تقوم بها طالبان وتنظيم القاعدة. غير أن ما تزرعه الفظائع الأمريكية فى نفوس الشعب الأفغانى، تجنيه القوات الأمريكية مزيدا من الكراهية والرغبة فى الانتقام.

لم تكن تجربة احتلال أفغانستان بكل ما خلفته من مرارات وخذلان وضحايا، غير تكرار لنفس الأخطاء التى ارتكبتها القوات الأمريكية فى العراق وذهب ضحيتها عشرات الآلاف من العراقيين وبضعة آلاف من الجنود الأمريكيين. ولم تستطع أمريكا حتى الآن أن تخرج من الوحل الذى غرقت فيه فى العراق ومن حالة الفوضى والانقسام الطائفى الذى صنعته. تتكرر نفس المأساة الآن فى أفغانستان. فلن تستطيع أمريكا الخروج منها قبل أن تدفع ثمنا باهظا، بدأت تسدد أقساطه بالفعل من خلال العمليات الانتحارية التى يقوم بها فدائيو طالبان ضد قوات الأطلنطى.

من الواضح أن إسرائيل تسير على نفس النهج الاستعمارى الأمريكى فى احتلالها للأراضى الفلسطينية واستخدام القوة المفرطة فى قمع الفلسطينيين وقصف المدنيين فى غزة كلما لاحت بوادر تهدئة يلتقط فيها الفلسطينيون أنفاسهم.

ومن هنا فليس مستغربا أن تواجه السياسات الأمريكية فى الشرق الأوسط، وبالذات إزاء الأزمة الناشبة فى سوريا بكثير من الريبة والشك. ففى كل قضية عربية تدخلت أمريكا فيها كان تدخلها إما لحساب القوى الصهيونية المهيمنة على مقدرات أمريكا، أو لحساب الاحتكارات العالمية والاستئثار بثروات البلاد التى تحتلها سواء فى العراق أو أفغانستان.

لقد فقدت أمريكا مصداقيتها خلال العقود الأخيرة، ولم تعد مبادئ الحرية والعدالة التى نادت بها تغنى أو تسمن من جوع!

مقالات أخرى للكاتب عودة إلى سلامة أحمد سلامة

About this publication