الفتنة المذهبية صناعة أميركية بامتياز، عملت على ايقاظها في العراق الشقيق، كوسيلة قذرة لضرب المقاومة، بعد ضرب وحدة القطر الشقيق.. للسيطرة على الأوضاع المتفجرة في وجه الاحتلال البغيض حينذاك، فعملت على ايقاظ الفتنة، واشعال النزاع بين السنة والشيعة، من خلال اعتداءات ممنهجة ومبرمجة على الطرفين، وبالذات على التجمعات السكنية، ما أدى الى اشعال حرب أهلية، كادت ولا تزال تهدد وحدة الشعب الشقيق، وتحويله الى دويلات متناحرة متنازعة.لقد أسس الاحتلال الاميركي لهذه الفتنة، وأسس لضمان استمرارها وديمومتها، من خلال دستور بريمر.. فهذا الدستور، هدم وحدة العراق، ووحدة شعبه، وأقام كيانا قائما على الكونفدرالية والمحاصصة المذهبية والطائفية. لم يقف الأمر عند حدود العراق، فانتشرت عدوى النزاع المذهبي في المنطقة كلها من افغانستان وباكستان وحتى شواطئ المتوسط، وتحول النزاع من خلاف فكري، الى صراع اشبه ما يكون بالحروب الاهلية، في العديد من الاقطار الاسلامية.. فالتفجيرات بين الطائفتين في الباكستان وافغانستان مثلا، وصلت الى المساجد، وأصبح هذا الصراع، عنوانا لما يجري في لبنان، وقد انقسم المسلمون الى طائفتين: سنة وشيعة، زعامة الاولى ونقصد الحريري، تحالف واشنطن، والثانية الحليفة الاوثق لايران في المنطقة، وامتدت هذا الانقسام عموديا الى سوريا: علويين وسنة، واصبح الهلال الشيعي واقعا يمتد من ايران الى لبنان.. من قزوين الى المتوسط.. وتموضع الصراع على الارض بسبب تداعيات الربيع العربي.. ليصبح واضحا بين الهلال الشيعي والدول السنية، وهو ما مهدت له واشنطن، لتقوم باستغلاله وتوظيفه لخدمة مصالحها الاستراتجية، واقامة شرق اوسط جديد، واجهاض الثورات العربية، والتي تشكل خطرا استراتيجيا عليها، وعلى حليفها العدو الصهيوني.
ينسى كثيرون في غمرة الصراع، أن الخلافات المذهبية قديمة قدم التاريخ الاسلامي، وانها طفت على السطح بعد مقتل امير المؤمنين الامام علي بن ابي طالب كرم الله وجهه، حيث انتشرت الفرق الدينية والمذهبية والفلسفية “الكلامية”، ولكن لم يشهد التاريخ الاسلامي وعلى مدى أكثر من اربعة عشر قرنا، قتالا بين السنة والشيعة، بالمعنى الذي يجري اليوم، ولم يبلغ النزاع حد العدواة والتكفير،.. وكانت الدولة الاسلامية في كافة مراحلها، هي دولة سنية. من الملاحظ مما اسلفنا أن أميركا قامت بتضخيم هذه الخلافات، وصب الزيت عليها، لضرب وحدة الشعب الشقيق، والسيطرة عليه، ومع الاسف، لم ينتبه الطرفان للمؤامرة الاميركية، والتي لم تكتمل فصولها بعد، وقد اتخذت من هذه الخلاف وسيلة للسيطرة على المنطقة ونهب ثرواتها، وطلاق يد العدو الصهيوني فيها. باختصار.. الطريق الوحيد لصد المؤامرات الاميركية الصهيونية، وحماية الثورات العربية، لا يكون الا باطفاء لهيب النزاعات المذهبية والطائفية، والعودة الى نبع الاسلام الصافي “ان هذه أمتكم امة واحدة، وانا ربكم فاعبدون” كسبيل وحيد للخروج من المحرقة، التي تستهدف العرب والمسلمين جميها. والله المنقذ.
Leave a Reply
You must be logged in to post a comment.