America’s Rights

 .
Posted on June 18, 2012.

<--

ما يحق لأمريكا

:الأربعاء ,13/06/2012

الولايات المتحدة، باعتبارها ولي أمر العالم، تقيم قواعد في كل مكان وتشن غارات على أي مكان . هي صاحبة الحق الحصري في قطع المحيطات والبحار والصحارى لمحاربة “الإرهاب” الذي تملك وحدها حق تحديده وتمييزه عن عمليات “الدفاع المشروع عن النفس” كالذي تقوم به “إسرائيل” ضد “إرهاب” الأطفال الفلسطينيين والعرب ورعاة الغنم في الصومال وباكستان وأفغانستان واليمن .

الولايات المتحدة وحدها مسموح لها أن تعلن قصف مجموعة من البشر باعتبارهم “إرهابيين” ثم حين يتبين أنها قصفت حفل زفاف، تنهي الأمر ب “آسفين على الإزعاج” . هي لا تعتمد على القدرات المحلّية للدول، فتنوب عنها وترسل طائراتها لتستبيح سماءها، وبوارجها لتمخر بحارها، وجواسيسها لتعبث بخصوصيات أبنائها ورصد فصائلهم السياسية وفصائل دمهم ونبضات قلوبهم ومقاسات أقدامهم . وهي تستطيع أن تعطي خمسين درساً في الليل عن حقوق الإنسان والحريات العامة، ثم تنقضّ على “وول ستريت” في النهار وتنهال على المتظاهرين بالهراوات ورذاذ الفلفل، وتعبئهم كأكياس البصل في شاحنات .

أمريكا وحدها يحق لها أن تصدر شهادات الإرهاب وحسن السلوك، وتمنح الشرعية لأنظمة الحكم وأنظمة المرور والدفاع المدني، وعدد الوزارات في السلطات وكمية الملح في السَّلَطات . هي وحدها من يعطى “إسرائيل” قنابل “ذكيّة” و”باتريوت” غبيّة، وغطاء ل “غموضها النووي البناء” رغم مرور ربع قرن على انهيار هذا الغموض بفعل هزّة إعلامية بلغت مئتي رأس نووي على مقياس مردخاي فعنونو . وأمريكا وحدها صاحبة الحق في تقييم أدائها في معتقلي أبو غريب وغوانتانامو والعشرات من سجون ال “سي آي إيه” السرية في أوروبا، وأن تتغاضى، والشيء بالشيء يذكر، عن القمع المنهجي للمعتقلين الفلسطينيين في معتقلات “إسرائيل” .

الولايات المتحدة تعترف أنها تستخدم طائرات من دون طيار انطلاقاً من إثيوبيا في إطار ما تعتبرها حملة مكافحة الإرهاب في القرن الإفريقي، لكنها تحاول التقليل من شأن الاعتراف والسلوك بتخريجة لا تقنع إلا صانعيها، كأن “يوضّح” المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية، متناقضاً مع أقوال مسؤولين آخرين، أن الطائرات ليست مسلّحة ولا تشن غارات إنما فقط “تراقب” . طوال عمرنا نسمع ونتعلّم أن “من راقب الناس مات هماً”، لكن لأن كل شيء قابل للتحديث فإن أمريكا تراقب والناس يموتون . وعلينا أن نصدّق أمريكا دائماً . عندما تتباهى بقدراتها العلمية الخارقة، وبقدرة طائراتها من دون طيارين على الرصد الدقيق لدبيب النمل في الربع الخالي، لا يجب أن نشكّك . وحين تقتل هذه الطائرات أماً وأطفالها ورعاة ومدعوين لحفل زفاف، ويفسّر البيت الأبيض ما جرى بأنه خطأ “أبيض”، أيضاً علينا أن نصدّق وعلى قادة الدول التي تتعرض للاستباحة الجوية أن يقتنعوا وأن لا يطالبوا بتحقيق جنائي دولي أو حتى وقف الغارات المميتة .

من حق قيادات الدول التي يفترض أنها “حليفة” للولايات المتحدة، أن تضيق ذرعاً بهذا “الحليف” الذي يحرجها أمام شعبها لكثرة عمليات القصف التي وصل عدد ضحاياها للمئات من البشر، والتي تنتهي

باعتراف عابر بأنها كانت “خطأ”، وبالتماس أعذار أقبح من ذنوب .

لا يستطيع الإنسان أن يمر على قتل أم وأولادها، كما حصل في أفغانستان، وأن يصل إلى شواطئ نسيان جريمة بهذا الحجم على جسر من “الأسف”، ذلك أن كل الأنظمة التي تقتل الأبرياء وتستخف بأرواح

البشر، البشر، مجرمة وتعيش خارج التاريخ والحضارة البشرية، أياً كان القناع الذي ترتديه .

About this publication