عندما صعدت حركة حماس في عام 2006 وفازت في الانتخابات الفلسطينية وقامت بتشكيل الحكومة،رفضت الولايات المتحدة الأمريكية الاعتراف بحكومة الحركة وجرت وراءها العالم كله لكي يرفض التعامل مع حماس ويرفض دعمها بأي شكل من الأشكال.
ولم يقف الأمر عند مقاطعة حماس ورفض التعامل ولكن تطور الأمر إلى فرض حصار اقتصادي عليها والضغط على الدنيا كلها لكي تحذو حذوها في التضييق على الفلسطينيين ودق آلاف الأسافيين بين الفصيلين الفلسطينيين الرئيسيين،فتح وحماس.
وكانت النتيجة انشقاقا فلسطينيا نتج عنه استقلال حركة حماس بقطاع غزة،وانشقاقا عربيا بين مؤيدي الحركتين الفلسطينيتين.
ومارست الولايات المتحدة ضغوطها على الدول العربية وأولها مصر لمنع المصالحة بين الحركتين،وقامت إسرائيل بما قامت به من مذابح وتدمير بحجة الصورايخ الكرتونية الفلسطينية.
فلماذا أصبح الموقف الأمريكي مختلفا عندما صعد الاخوان المسلمون في مصر،رغم أن أيدولوجية الاخوان هي نفسها أيدولوجية حماس،ورغم أن الرؤية الاستراتيجية لحماس والاخوان رؤية واحدة ومواقفهما من القضايا الدولية والاقليمية متطابقة،ورغم أن الاخوان المسلمين في مصر قد حققوا الشعبية التي دعمتهم وأوصلتهم للحكم من خلال شعاراتهم المعادية لأمريكا وإسرائيل.
الأمر لم يتوقف بالنسبة للادارة الأمريكية على الترحيب بالانتقال الديمقراطي للسلطة في مصر،ولكنه امتد إلى التأييد والدعم المباشر من أجل فوز مرشح الاخوان المسلمين بمنصب الرئاسة في مصر،وعندما تأخرت اللجنة المسئولة عن إعلان نتائج الانتخابات في مصر في إعلان النتائج،كانت التصريحات الأمريكية تضغط بلهجة قوية من أجل إعلان النتائج.
ووصل الأمر بوزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلنتون إلى حد المطالبة بعودة مجلس الشعب المصري الذي تهيمن عليه جماعة الاخوان المسلمين والذي قامت بحله أعلى سلطة قضائية في مصر وهي المحكمة الدستورية العليا المشهود لها بالنزاهة من قبل الأمم المتحدة،فما هذا الكرم الكبير الذي تغدقه الولايات المتحدة على الاخوان؟
وزيرة الخارجية تريد مخالفة حكم محكمة لها سلطتها ومكانتها واعتبارها خدمة للإخوان المسلمين،فسبحان مغير الأحوال!
هل تغيرت الولايات المتحدة أم تغير الإخوان،أم تغيرت المصالح،أم تغيرت التكتيكات الأمريكية تجاه الاسلام والمسلمين؟
الثابت أن الولايات المتحدة تعمل من أجل مصالحها،والمصالح قد تتغير من وقت لآخر،فهل أصبح للولايات المتحدة مصالح مع الإخوان المسلمين؟ام أن هناك جديدا في استراتيجية التعامل الأمريكية للتعامل مع المنطقة في السنوات القادمة.
هناك من يفسر المواقف الأمريكية بأن الولايات المتحدة تخطط لحرب طائفية شاملة في المنطقة بين السنة والشيعة،خاصة بعد أن يسقط النظام السوري ويأتي بدلا منه حكما سنيا يتعاون مع النظام المصري المتمثل في الاخوان المسلمين لتكوين جبهة سنية مع بقية الدول السنية لتدشين حرب طائفية تمهيدا لضرب الاسلام كله حسبما يرى مؤيدو هذا التفسير الكابوسي،وهناك من يقول أن أمريكا أتت بالاخوان لكي توجه ضربة قاصمة للمشروع الاسلامي من خلال إفشال هذا المشروع في أكبر دولة عربية ومحاصرته والقضاء عليه للأبد.
الذي يشجع على هذه التفسيرات التناقضات الكثيرة التي تقع فيها السياسة الأمريكية خاصة في المنطقة العربية،فهي تدعم الحركات الاحتجاجية الطائفية في البحرين وهي تعلم علم اليقين أنها حركات تعمل بتوجيه من إيران.
Leave a Reply
You must be logged in to post a comment.