Maps and Occupation Stories in New York and Washington

<--

حدث ذلك في قلب نيويورك الأمريكية في منتصف تموز الماضي، الأمر الذي يصعب تصديقه أو لا يخطر ببال، فهناك اللوبيات الصهيونية الفاعلة جدا، وهناك المناخ العام الذي نعتقد -ربما على خطأ-، أنه ليس مواتيا لهكذا تظاهرة أمريكية متضامنة مع فلسطين، فالحدث كبير بمضامينه ودلالاته الاعلامية والسيكولوجية والثقافية والتعبوية، فمن الذي قد يخطر بباله مثلا أن يستيقظ ذات صباح ليشاهد قضية فلسطين مختزلة مكثفة معروضة على شكل مجموعة من الخرائط التي تشرحها…؟

فقد استفاق سكّان مدينة نيويورك على لوحات إعلانية كبيرة تنتشر على مداخل نحو50 محطة مترو، طُبعت عليها خرائط فلسطين التي تؤرّخ مراحل قضم الاحتلال الإسرائيلي لأراضيها، وكتبت على هذه اللوحات جملة: “4،7 ملايين فلسطيني تصنّفهم الأمم المتحدة كلاجئين”، وتبين الخرائط التي جاءت باللونين الأبيض والأخضر بوضوح، كيف تقلّص حجم فلسطين جغرافياً، وسُلبت الأراضي على أيدي الإسرائيليين منذ عام 1946 حتى عام 2010، وحسب تقرير لوكالات الانباء، فقد أثارت الحملة الإعلانية الصادمة –كما هو منتظر-جدلاً في الإعلام الأمريكي، الذي نقل امتعاض بعض السكان منها، واستنكار المسؤولين والناشطين اليهود والإسرائيليين لمضمونها.

اما عن الجهة التي تقف وراء هذه الحملة الاعلانية الاعلامية التثقيفية فهو شخص يدعى هنري كليفورد، مدير “لجنة السلام في فلسطين وإسرائيل”، وهذه اللجنة مجموعة ناشطة تهدف إلى “تثقيف العموم-الناس” حول الصراع العربي الإسرائيلي ، وتستخدم الحملات الإعلانية لنشر أفكارها وممارسة الضغط من أجل تحقيق غاياتها وفق ما توضح على مدونتها الإلكترونية، وهي تعلن على المدونة أيضاً أنها تؤمن بفكرة إنشاء الدولتين والانسحاب الإسرائيلي من الأراضي الفلسطينية المحتلة”.

اما عن اللوبيات الصهيونية، فقد تحرّكت المجموعات اليهودية والإسرائيلية الناشطة سريعاً، وطالبت إدارة النقل الرسمية في المدينة بـ”إزالة الإعلانات من مواقعها”، لكن الإدارة ردّت بأنّه “لا يمكنها قانونياً منع نشر إعلان بسبب ما يعبّر عنه، أو بسبب الاختلاف في وجهات النظر حوله”، وتابعت:”لا نؤيد ما جاء في الإعلان حول فلسطين، كما لا نتبنى مضامين كل الإعلانات التي وافقنا على نشرها مسبقاً، لكنّ الإعلانات ستبقى في أماكنها”

والحصيلة أن الإعلان نجح-وفق التقرير- على الأقلّ في إثارة فضول بعض المواطنين الذين سيصادفون فلسطين المحتلة على طرقاتهم على مدى 30 يوماً… فهل تنجح هذه الحملة في اختراق ــ ولو قليلاً ــ الخطاب الإعلامي السائد في أمريكا عن الصراع العربي الإسرائيلي؟

سؤال كبير مهم جدا للفلسطينيين والعرب، فهناك ليس فقط في نيويورك، وانما في كل المدن الامريكية، لا يقرأ ولا يشاهد المواطن الامريكي بشكل عام، الا ما تقدمه له وسائل الاعلام المختلفة، التي يسيطر اليهود على نحو 96% منها.

الى ذلك، ولكن هناك في واشنطن، فقد شهدت عروض لمسرحية “قصص تحت الاحتلال”، كان قدمها مسرح القصبة في الولايات المتحدة الأمريكية، على مدار يومين، إقبالاً كبيراً من الجمهور الأمريكي والعربي الأمريكي، وجرى بيع تذاكر العروض بالكامل قبل انطلاق المهرجان بأسابيع، وبعد ثلاثة عروض للمسرحية دارت حلقات نقاش مطولة حول المسرحية بشكل خاص والأوضاع الفلسطينية في ظل الاحتلال بشكل عام .

وكما هو متوقع ايضا، فقد أثارت المسرحية جدلاً واسعاً في أعقاب اعتراض جماعات صهيونية أمريكية على دعوة مركز كنيدي للمسرحية بدعوى أنها ذات طابع سياسي، مطالبين بعرض وجهة النظر الإسرائيلية لخلق نوع من الحياد والتوازن حسب ادعائهم، وفي تصريحاته للصحافيين، علق مدير مركز كنيدي مايكل كايزر على عرض مسرحية “قصص تحت الاحتلال” في المهرجان قائلاً: ‘”يهدف المهرجان إلى عكس الحياة كما يراها المواطن في الدول العربية، ولأن السياسة جزء لا يتجزأ من حياة الناس فإن بعض الأعمال التي تعرض في المهرجان تتحدث عن السياسة”.

الى كل ذلك، هناك حملة امريكية واسعة النطاق تقودها هيئات ولجان اهلية متنوعة كلها تنشط لشرح قضية فلسطين ومعاناة الشعب الفلسطيني في ظل الاحتلال الصهيوني.

نعرب عن تقديرنا واحترامنا البالغ لكل اولئك الذين ينشطون ويكافحون هناك على امتداد الساحة الامريكية، اعلاميا وثقافيا وفنيا وتربويا وسياسيا، من اجل شرح القضية الفلسطينية من الفها الى يائها للرأي العام الامريكي، الذي نجحت وسائل الاعلام الصهيونية بالسطو على وعيه وذاكرته على مدى العقود الماضية

وهذه مسؤولية وطنية وقومية عروبية، منوطة بالمنظمات والهيئات واللجان المدنية الفلسطينية والعربية بالتعاون من نظيرتها الامريكية…! .

About this publication