Mitt Romney and the Prophet Joseph

Edited by Laurence Bouvard

<--

قد تكون ثمة تساؤلات كثيرة رافقت ترشيح باراك أوباما أول مرة، ودارت حول القبول بالأفارقة لرئاسة بلد تأخر كثيرا قبل عتق السود، وكذلك حول دين الرجل، رغم أنها لم تكن، أي ديانته الرسمية موضع شك، بل هي محاولات للانتصار النفسي عند الشرقيين، رغم ان هذا النصر لم يتحقق إلا في المخيلة فقط.

لكن المرشح الجمهوري ميت رومني، هو أحد المؤمنين بنبي اسمه جوزيف، وهو ليس يوسف النبي صاحب القصة المشهورة، بل هو نبي الأميركيتين – بحسب معتقد المورمونية – صاحبة كنيسة يسوع المسيح لقديسي الأيام الأخيرة. المرشح الجمهوري انشغل فترة بالتبشير لهذا المعتقد عندما ذهب الى فرنسا، وهي مسألة تدعو للتفكير بشكل جدي حول شكل ومضمون ما ستكون عليه أميركا اذا ما وصل السيد الى البيت الأبيض، فهو سيتفوق على كل من سبقه ممن أقدموا على خطوات خارج حدود الولايات المتحدة بحجة الإيحاء الرباني.

رومني مؤمن بجوزيف سميث المقتول بدعوته وهو في نهايات الثلاثينيات من عمره عام 1844. قصة النبوة وتسلم الألواح الجديدة للوصول الى ألف عام من الرخاء وعودة المسيح والحد من حركة الشيطان ثم القيامة، هذه بسرعة هي ركائز عقيدة مرشح الرئاسة الأميركية، وكلها تنبع من عقيدة الخلاص، لكنها مهما اتسعت في التفاصيل وتحررت من التوقيتات، فإنها تنهار إذا ما كانت من إنتاج الفكر البشري المحض، وليس من الهامات ووعود الذات الربانية، والإسلام قد تطرق وعالج هذا المنعطف المستقبلي بشكل يستند الى الفصل بين القدرية الإلهية اللاشرائكية، وبشرية الأنبياء وإنسانيتهم، وختامة النبوة، حتى المذاهب المسيحية المعروفة لم تتجاوز مرحلة الصلب والقيامة والصعود.

لكن أليس من الغريب ليس فقط ادعاء مجيء نبوي للأميركيتين في القرن التاسع عشر، وهو فعل مهما شكلت حاجة الانسان لإذكائه للاتصال بالسماء والانتصاف ممن في الأرض، فهي قضية حسمت حتى بحسب الفكر المسيحي الذي اختتمه المسيح، في السردين الإسلامي والمسيحي، الغريب ان المورمونية هي ليست تكملة للمسيحية، فهي بحسب كتابها، آخر قوافل اليهودية المهاجرة وخاتمة التكميل التبشيري لما بعد أكثر من الف عام على ختام الوحي في الإسلام.

المسألة التي توجب الانتباه هي ان العقائدية السلفية وغيرها لم تخمد لا هنا ولا هناك، والأصولية هي في أحيان كثيرة خير وسيلة لغلق الفكر واحكام الفعل الموجه، على الصعد الشخصية او العامة، فالانسان محكوم بالحاجة للتوازن الروحي، يأخذ منه، ويصدر عنه، وهو مجبول على الخوف والفزع من أسئلة حول العالم الآخر.

أقول هنا إننا نتعرض لكثير من السخرية والتكفير لطقوس لنا لم تنكر نبوة أحد ولم ترتق بأحد لشركة الإرادة الربانية، ولم تزيف تاريخ ميلاد أو وفاة أو دورا او رسالة نبي، وهذه الحملات الموجهة، هي داخلية قبل أن تكون خارجية، نبتت جراء استقطاب بين مجتمع آثر الاستمرار بالاسلام وفق رؤية ما قبله، وفريق أسس للمسيرة الإسلامية بشكل يطمح للتكامل. فإن كتب لنا اننا نتفوق بهذه على الغرب من اننا، ولأسباب سياسية، وسعيا وراء مجتمع تعرض للمؤامرة التاريخية وغلبت فيه العصبية على وصايا النبي، فانتصر الفعل البشري وقتيا ثم تهاوى، الا عن ثوابت لم يكن ثمة مجال للطعن فيها، والا ظهرت كل عيوب دولة ختام الوحي هزيلة، بسبب انها لم تعدو عن زعامة قبلية ملطخة الدماء، دماء المصلحين والثوار، لتأتي بعد ذلك حقب الخلاص التي أجمع عليها المعترفون بالرسالات ومواقيتها القديمة.

لكننا الآن أمام رجل “مؤمن” بنبي وكتاب، وهذا النبي – بحسب المعتقد – تلقى الألواح الذهبية المخفية التي تكمل ديانة وتتجاوز على الفصل الزمني لديانة أخرى.

وكأن أبناء إسماعيل لم يكتب لهم أن يكون منهم الرجل الذي أوحي له ما أوحي، (النبي جوزيف) له صور وتماثيل، وبحسب المعتقد ايضا فهو نبي القرن التاسع عشر الأميركي.

أعتقد أن مصطلح صراع الحضارات هي كلمة مؤدبة جدا، بل خجولة، لا تعترف بصراع ما بعد الأديان، وإلا كيف يمكن أن يدار حوار بين شخصين، يعترف الأول فيهما للآخر بدينه في وقت لا يعترف فيه الآخر ليس بدين مقابله بل بدينه هو نفسه.

وترى كيف سيتم التعامل بين زعامات، بينهم الأقوى على الأرض، لكنه كان مبشرا وما زال لنبي اسمه جوزيف سميث يحكم وفق كتاب مقدس عنده اسمه المورمون؟.

About this publication