9/11: Lessons from Extremism

<--

كان يوم أمس ذكرى حادثة مشئومة هي عدوان 11 سبتمبر عام 2001م على مبنى التجارة العالمي في نيويورك ووزارة الدفاع الأمريكية ومقتل مدنيين أبرياء، وهي حادثة مشئومة لأنها أشعلت جذوة الكره بين المسلمين والغربيين، حيث استغلتها القوى المتطرفة والحاقدة من الجانبين لتصفية الحسابات التاريخية والمعارضات الفكرية على حساب الأبرياء المسالمين في العالمين الإسلامي والغربي، وعلى الرغم من أن منفذي الهجوم الغادر،

هم في النهاية أفراد يتبعون مجموعة مضلة ظالمة، مهما كان جنسيتها ومخططوها وأدواتها، إلا أن غلاة التطرف الفكري والديني في الغرب استغلوا الحادثة لتصفية حسابات مع المسلمين، وروعوا العالم بإجراءاتهم الأحادية وعسكرة العلاقات الدولية، فيما عرف بحرب الحضارات، واتهام المسلمين بالعنف والتطرف، واتهام الإسلام العظيم بالقسوة والفظاظة، رغم أن مليارا ونصف المليار مسلم في العالم عارضوا الهجوم، وأنكرته الغالبية الساحقة من أئمة المساجد في العالم، وأقر كبار العلماء في العالم الإسلامي بعدم شرعيته واعتباره عدواناً، وأدانه كل زعماء البلدان الإسلامية، إلا أن شهوة الانتقام كانت أكثر طغيانا لدى الغربيين.

على كل فإن الحادثة مضت بكل سوءاتها وسيئاتها وظلامها وظلماتها، ويتعين أن تضع الشعوب هذه الحادثة وراء الظهر، وتعامل على أنها درس في التاريخ، ونموذج حي على ما يتمتع به التطرف، في الجانبين، من قوة دمار هائلة للعلاقات الإنسانية والدولية، إن تمكن المتطرفون من التصرف في قرارات الحرب والسلام والعلاقات الإنسانية،

وهذه الحادثة تتطلب ضرورة أن تتمتع الدول والشعوب بالحكمة في تصرفاتها وردود فعلها، كي لا يتمكن المتطرفون من اختطاف إرادة الشعوب وقوة الدول، ويخضعونها لغاياتهم ويحولونها إلى وسائل انتقام ومحاسبة للتاريخ.

وقد اتسمت السنوات التي أعقبت الهجوم مباشرة بحرب كره علنية بين الأمة الإسلامية والعالم الغربي، لأن المتطرفين، من الجانبين، تمكنوا من زراعة الخوف والشكوك وغياب الثقة، فسيطروا على المشهد ووجهوا الأحداث إلى ما يطمحون إليه، لهذا حدثت مواجهة مؤلمة مجانية لا ضرورة لها، وكان يمكن معاقبة مرتكبي الهجوم دون إشعال حرب بين حضارات وأديان وأمم، ودون اللجوء إلى وسائل العقاب الجماعي، ودون تحويل المتطرفين ومشعلي الكره إلى أبطال أممين.

وبهذه المناسبة فإنه يتعين الإشادة بشجاعة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وحكمته في إدارة الأزمة، والعمل على تهدئة الأوضاع وتجنب ردود الفعل الاستفزازية، وإنقاذ علاقات الصداقة الطويلة الأمد مع الولايات المتحدة من الانهيار، لأن ذلك بالضبط ما كان يطمح إليه المتطرفون في الجانبين. كما تمكن خادم الحرمين الشريفين ـ بمساعدة العقلاء أيضاً في الجانب الأمريكي ـ من تأمين العلاقات وإنقاذها وإعادتها إلى مسارها الصحيح الذي يتسم بالصداقة والثقة والتعاون والاحترام.

About this publication