After the Events at the Embassy

<--

بعد أحداث السفارة

تعاطي الحكومة مع الحركات الراديكالية محدد للعلاقات مع أمريكا

والمدرسة الأمريكية يوم الجمعة، ستدفع الحكومة التونسية فاتورته كما هو معروف في القانون الدولي» ، واضاف: «ما اقترفه المتطرفون، ستكون تأثيراته وخيمة على حياتكم واقتصادكم، فمن الصعب جداً إقناع الأمريكيين على الاستثمار في دولة غير آمنة.. وضع تونس وصورتها العالمية غير جيد».

 وكانت واشنطن من الداعمين للانتقال الديمقراطي في تونس كما نوهت بانتخابات 23 أكتوبر وهنأت النهضة وبقية الأحزاب بفوزها وأكدت دعمها المادي والسياسي لحكومة حمادي الجبالي خاصة اقتصاديا، لكن بعد أحداث الجمعة قبل الفارطة يبقى السؤال مطروحا بخصوص المسار الذي ستتخذه العلاقات الاقتصادية التونسية الامريكية؟

للتعرف على مختلف الجوانب المحيطة بالمسألة اتصلت «الصباح الأسبوعي» بخبير اقتصادي ومحللين سياسيين.

يقول الدكتور معز الجودي خبير اقتصادي ورئيس جمعية الحوكمة: «في البداية على الجميع ان يعي جيدا ان الحكومة ومنذ جانفي 2012 والى حد الان  بصدد سداد نسب فائدة القروض القديمة بالاضافة الى جرايات موظفي القطاع العمومي وذلك من خلال مساعدات واموال امريكية على غرار القرض الذي منحته إلى بلدنا والمقدر بـ100 مليون دولار وذلك مع بداية العام الجاري (وهو قرض بشروط ميسرة جدا)، لان هذه الحكومة لا تمتلك الاموال للتكفل بهذه المصاريف او غيرها نظرا للعجز الحاصل في ميزانية السنة الحالية والتي من الممكن ان تصل اواخر السنة الى 10 % ناهيك عن ارتفاع نسبة التضخم المالي.

لقد حذرنا كخبراء ومجتمع مدني من خطورة الوضع الاقتصادي الوطني لكن الحكومة ارتأت المواصلة على نفس التمشي حيث لم تكلف نفسها اعداد خطة انقاذ وطني، وما زاد الطين بلة هو خفض «سيبر بورص» للترقيم الائتماني لتونس الذي جعل هامش تحركنا ضئيلا في السوق المالية العالمية مع العلم ان ميزانية السنة الحالية قد حددت 4.215 مليون دينار كتمويلات خارجية وهو ما يجعلنا مضطرين الى الاقتراض من الخارج، فكيف السبيل؟».

 ضامن وحيد

 

ويضيف محدثنا: «لتسهيل عملية الاقتراض والتداين الخارجي قدمت امريكا نفسها الضامن لتونس في اي عملية مالية من هذا النوع (التداين والاقتراض الخارجي) مقدمة ضمانا بمليار دولار، لكن وعلى خلفية احداث السفارة حيث اعتبرت واشنطن في تصريح لعدد من مسؤوليها ان تونس اصبحت بلد مخاطر وغير آمن اقتصاديا وماليا فمن الممكن لا قدر الله ان تسحب ضمانها وبالتالي فان بلدنا سيدخل في حالة افلاس.

قطاعات اخرى يمكن ان تتضرر في حال عدل الطرف الامريكي عن مساعدتنا وتتمثل في امكانية سحب التوكيلات من الشركات التونسية لعدد من الماركات مثل <مايكروسفت> التي ساهمت في جملة من المشاريع التنموية ببلادنا وقدمت مساعدات، وشركات سيارات <فورد> و>شيفرولي> وغيرهما وشركة <بفايزر> للادوية التي اعطت حق التصنيع لشركات تونسية وغيرها من المؤسسات الاقتصادية التي تساهم بشكل فعال في الاقصاد الوطني وفي حال خروجهم من تونس فتلك الطامة الكبرى. وللتذكير فان للولايات المتحدة شركاء اقتصاديين وإن سحب رجال اعمالها شركاتهم فان الشركاء الآخرين من الاوروبيين سيسيرون على نفس المنوال وبالتالي سيزداد اقتصادنا وهنا على وهن».

الحل.. سياسي

 وعند سؤال الدكتور معز الجزدي عن الحلول الاقتصادية لتفادي اي سيناريو مفاجئ فقد اكد لنا ان الحلول الاقتصادية غير موجودة لان الحل سياسي بامتياز وهو مرتبط  بتوفير الامن والاستقرار في البلاد.

بدوره يقول الحقوقي والمحلل السياسي صلاح الدين الجورشي: «هناك ثلاث نتائج سياسية ترتبت عن احداث السفارة اولها اضرار هذه الهجمة بصورة تونس على الصعيد الدولي وهو ما سيقلل من حضورها دوليا، اما ثاني النتائج فهي الضربة الموجعة التي وجهتها امريكا الى تونس بتسويتها بالسودان من حيث غياب الامن وهي صفعة ستهز من صورة بلدنا في الخارج حيث سيصبح المستثمرون والحكومات الغربية حذرين مع الوضع التونسي ولا يتعاملون معه بنفس الثقة التي اعتمدوها في التعامل معه سابقا، وثالث النتائج فاعتقد ان ادارة اوباما لا تزال مصرة على دعم الانتقال الديمقراطي في تونس لكنها اصبحت تطالب حكومة حمادي الجبالي بنتائج ملموسة بخصوص حماية مصالحها الاساسية وتامين ممثليها وسفارتها بشكل ملحوظ، وبالتالي تصبح  كيفية ادارة الحكومة لملف الجماعات الراديكالية احد اهم مواضيع العلاقة التونسية الامريكية».

وحلول أخرى..

 من جهته يؤكد السياسي والوزير الاسبق حمودة بن سلامة ان قرار الخارجية الامريكية بحشر تونس مع السودان في نفس الوضع كنظامين غير قادرين على احلال الامن والمحافظة على المقرات الرسمية والبعثات الدبلوماسية يكتنفه شيء من الغلو. كما شدد على انه مجرد انذار لحث السلطة الحاكمة على تدارك الامر ومراجعة استراتيجيتها من الناحية الامنية في التعامل مع التظاهرات.

ويقول في هذا الصدد: «يتعين على الطبقة السياسية بشقيها (الحاكم والمعارض) ان تجد ارضية للتوافق لحل كل الملفات العالقة والمشاكل والظواهر التي تمس من امن البلاد وحرمته. كما انه على النهضة ان تجازف ان صح التعبير بفتح الباب امام باقي المجتمع السياسي للتشارك والحوار للعبور إلى انهاء المرحلة الانتقالية بسلام، وبخصوص التظاهرات والمظاهرات والانفلاتات فعلى الحكومة ان تحسن التعامل معها بشكل تجعل المتتبعين للشان التونسي قادرين على الوثوق في بلد قادر على السيطرة على تجاوزات تحدث في شارعه لانه لا نريد ان يتمرد هذا الشارع على الدولة وبالتالي استعادة ثقة الدول الغربية على غرار الولايات المتحدة الامريكية، وعلى الحكومة ان تبين للجميع انها قادرة على حماية المكتسبات وكل البعثات الدبلوماسية، كما انه على الاسلاميين ان يظهروا قدرتهم على انهم اصحاب سلطة في دولة عصرية ديمقراطية وهو غير جلي للعيان الآن. عموما اعتقد ان لواشنطن مصلحة في انجاح التجربة التونسية بالاسلاميين او بغيرهم وهو الاهم».

 تبقى العلاقة الاقتصادية التونسية الامريكية بعد احداث السفارة رهينة حل سياسي تثبت من خلاله الحكومة هيبتها بالتعامل الحازم مع كل متجاوز للقانون مهما كان طيفه ولونه السياسي لانه في النهاية سيكون القانون هو الفيصل بين الجميع. كما ان هذه الحكومة مطالبة ببعث رسائل طمأنة للداخل اي للرأي العام التونسي عبر الحسم في أغلب الملفات العالقة.

 

About this publication