The Arab Mood and the American Election

Edited by Gillian Palmer

 

<--

خمسة أَسابيع وتنتظم انتخابات الرئاسة الأميركية، الأَهم بشأْنها أَننا، نحن العرب، نخباً وجمهوراً عاماً، لا نبدو مكترثين بها، ولسنا مشغولين بمن الأَفضل لنا، باراك أوباما أَو ميت رومني، على غير ما كان الحال لمّا كان مزاجنا العام، قبل أَربع سنوات، مع أوباما، بحماسٍ ربما، ضد منافسِه جون ماكين. وفي البال، أَيضاً، أَننا كنا مع فوز جورج بوش الإبن ضد منافسِه آل غور، لمجرد أَن الأخير اختار يهودياً نائباً له، ولما بدأَ بوش ولايته الثانية كان شعورنا أَنه أَسوأُ رؤساء أَميركا طرّاً. ولما كانت، في مثل هذه المواسم، مواقف المرشحين بشأن القضية الفلسطينية، خصوصاً، تحدد “ميولنا” تجاههم، فإِن هذا الأمر بصدد أوباما الثاني ورومني ليس حاضراً في تفضيل أَحدِهما على الآخر، ما لا يعودُ إِلى أَنَّ قناعاتنا يتوطَّن فيها أَنَّ أَياً من شهاب الدين أَو أَخيه لن ينصُرَنا في شيء، بل هو التحولُ الواسع الذي يعرفه العالم العربي منذ عامين لا يجعلنا شغوفين بالتنجيم، ما إِذا أوباما في ولاية ثانية سيكون أَقلَّ تخففاً من إِسناد إِسرائيل أَم سيظلُّ على ضعفِه المجرَّب قدامها، ولا يجعلنا، أَيضاً، في وارد قياس منسوب الهوس اليمينيِّ لدى رومني.

لا شططَ في الزَّعم أَنَّ إِهمالنا، في الشارع العربي، مباراةِ رومني وأوباما، من مظاهر روحٍ استجدَّت في الجسد العربي، فقد باتت انتخاباتٌ نيابيةٌ في ليبيا أَوْلى بالتفات عموم العرب من مفاضلةٍ بين جمهوريٍّ أَو ديمقراطيٍّ في البيت الأبيض. وقد شهدنا، قبل شهورٍ في مصر، انتخاباتِ رئاسةٍ ليست معلومةَ النتائج مسبقاً، كما كان معهوداً في الانتخابات والاستفتاءات إِياها منذ ستين عاما، وصرفوا ملايين العرب ساعةً من الانشدادِ بالغة الإثارةِ أَمام شاشات التلفزيون للاستماع إِلى مسؤولٍ قضائيٍّ مصريٍّ، قبل أَنْ يُشْهرَ اسم رئيس مصر الحالي. صارت صناديق الاقتراع لأي انتخابات، في الأردن والمغرب ومصر واليمن وتونس، أَجدر بانتباهنا، سواءً كنا في الرصيفة أَو مكناس أَو مصراتة، إِلى أَوراق الاقتراع فيها من حواسيب إيوا وكاليفورنيا وبنسلفانيا، حين تحسم ساكن البيت الأبيض. يُشار إِلى هذا، فيما لا أَوهام لدينا في أَنَّ انتخاباتنا العربية صارت في سويّة الممارسات الانتخابية في بريطانيا وبلجيكا، ولسنا مغفلين حتى نظنَّ أَنَّ مواسم التصويت في انتخاباتٍ نيابيةٍ أَو رئاسيةٍ في بلدان التحول الديمقراطي العربي الجاري ستنقل هذه البلدان إِلى مرتبة هولندا أَو إيطاليا في التنمية وفي النهوض الصناعي والفلاحي والخدماتي، غير أَنَّ نهراً بدأَت مياهُه تمضي إِلى مصبٍّ نقيٍّ، وإِن طال مسار جريان وصوله.

إِن كانت قضايا الاقتصاد والضرائب والتأمينات والرفاه هي التي تُوجِّه الناخب الأَميركي في اختيارِه رومني أَو أوباما، كما أَنَّ وعود الأَخير في شأنها هي التي جاءَت به رئيساً قبل أَربع سنوات، وإِن كانت مسائلنا العربية، الفلسطينية وغيرُها، غائبةً إِلى حدٍّ مدهش، في بازار المهرجاناتِ والتظاهراتِ الدعائية بين الاثنين وحزبيْهما، يصيرُ طبيعياً أَنْ لا تنصرفَ أَفهامنا ومداركنا إِلى التشاغل بأَفضليّةِ أَيٍّ منهما فيما يخصُّنا، سيما وأَنَّ مزايداتهما المولعة بإسرائيل على أَشدِّهما، في مشهدٍ تقليديٍّ طالما أَلفناه في المواسمِ الأَميركية الدورية كل أربع سنوات. بإيجاز، صارت لانتخاباتِنا العربية قيمتُها، وصار في وسعِها أَنْ لا تجعلنا ننتظر أوباما ثانياً، وهذا منجزٌ كبيرٌ في فضاءاتنا العربية، والتحولات النشطة فيها، على ما فيها وما لها وعليها.

About this publication