التقارب الكبير وفق استطلاعات الرأي العام في شعبية المرشحين للانتخابات الاميركية باراك اوباما مرشح الحزب الديمقراطي, وميت رومني مرشح الحزب الجمهوري تجسد حقيقة تجلت واضحة في الحياة السياسية الاميركية في السنوات الاخيرة وهي الانقسام الكبير بين الأميركيين باللونين الأحمر والأزرق . وقد كانت بداية ذلك خلال انتخابات العام 2000 التي تنافس فيها على الرئاسة جورج دبليو . بوش وآل غور, نائب الرئيس, آنذاك, واختُلف حول نتائجها . فقد أمضى الأميركيون أسابيع ينظرون إلى خرائط تظهر الولايات التي صوتت لمرشح الحزب الجمهوري ملونة باللون الأحمر وتلك التي صوتت لصالح المرشح الديمقراطي ملونة باللون الأزرق . ومنذ ذلك الحين أصبح تعريف الآراء السياسية بأنها “حمراء” (جمهورية) أو “زرقاء” (ديمقراطية) أمراً مألوفاً هناك .
وهذه الظاهرة غالبا ما تولد ما يعرف بالإدارة المنقسمة كما هو حادث الآن وهذه الظاهرة لها الكثير من المشكلات وبعض الفوائد . فبالنسبة للمشكلات فإن الإدارة المنقسمة قد تواجه صعوبات في حل المشاكل طويلة الأمد المتعلقة بالسياسات الداخلية بسبب صعوبة التوصل إلى اتفاقات توافقية . كما أن “القطبية الحزبية” تجعل من الصعب بكثير اعتماد سياسة خارجية مستديمة, وعندما يختلف الحزبان يصبح من الصعب إرسال رسالة دولية واضحة . أما بالنسبة إى الفوائد فإن كان الحزب نفسه يسيطر على السلطتين التنفيذية والتشريعية في حقبة تناقض في المواقف, يصبح إشراف الكونغرس على السلطة التنفيذية محدوداً, مما يؤثر في مساءلة ومحاسبة الحكومة . علاوة على ذلك, عندما يكون هناك تناقض أكبر في المواقف بين الحزبين, تقدم للناخبين “خيارات أوضح” . وفي فترات القطبية السياسية يدرك الأميركيون أنهم إن انتخبوا جمهورياً فإنهم سيحصلون على نوع مختلف من السياسة الخارجية وتركيز مختلف على القضايا الاجتماعية مما كانوا سيحصلون عليه لو قاموا بانتخاب ديمقراطي . ومن فوائد الانقسام الحزبي أن السياسة أصبحت أكثر وضوحاً بالنسبة للمواطن الأميركي العادي نظراً إلى كون الخيارات أصبحت أكثر وضوحاً, وفي هذا السياق يستشهد بعض المحللين الأميركيين بدراسات تم إجراؤها في السنوات العشر الأخيرة وأظهرت أن فهم الأميركيين للسياسة آخذ في التحسن . بالاضافة الى ان في أوقات الإجماع السياسي قد لا يتم الإصغاء لآراء أولئك الذين لا يشاركون الأغلبية رأيها . وعندما تنتهي تلك الحقب تظهر فرصة لتمثيل الآراء السياسية الجديدة . ومما لا شك فيه أن ظروف الولايات المتحدة الصعبة تجعل أضرار الحكومة المنقسمة أكبر من نفعها . وينعكس هذا الاستقطاب بدوره على الناخبين, جاذباً الكثيرين منهم إلى حلبته.. وهناك جدال يتعلق بمن هو الرئيس الذي كان له دور محوري في زيادة الاستقطاب السياسي الأميركي حيث يرى الديمقراطيون إن الرئيس السابق بوش , كان له دور محوري في زيادة حدة الاستقطاب السياسي , واجتذاب أعداد أكبر من الناخبين. في حين يرى الجمهوريون وعمودهم الفقري ” حزب الشاي” ان اوباما هو سيد الاستقطاب بلا منازع وانه تحول من كونه ليبرالياً موحداً لصفوف عامة الأميركيين, إلى شخصية استقطابية تسهم في شق الصفوف وتوسيع انقسامات في الشارع الأميركي.
خبير في الشؤون السياسية والستراتيجية
mahmoudhanafia@gmail.com
Leave a Reply
You must be logged in to post a comment.