Inspired by the US Presidential Debates!

<--

من وحي مناظرات الرئاسة الأمريكية!

تاريخ النشر :٢٨ أكتوبر ٢٠١٢

إبراهيم الشيخ

تتقاطر الإيحاءات والرسائل خلال متابعة المناظرات الرئاسية الأمريكية، لأنّها تعرض جوانب كثيرة لا يمكن تجاهلها.

مناظرات الرئاسة، فرصة جيدة لأيّ شعب يحتكم إلى صناديق الاقتراع، لأن يختار من يراه كفؤاً لتقلّد أعلى منصب في البلد.

أوّل مناظرة رئاسية بثّت تلفزيونياً كانت بين ريتشارد نيكسون وجون كينيدي في عام 1961، لتصبح بعدها تلك المناظرات نهجاً متواصلاً لأي انتخابات أمريكية.

في الوقت الذي يستمتع به المرء بمتابعة تلك الحالة الديمقراطية، يستغرب من حالة الكذب والخداع والدّجل الدائر فيها، حيث تحوّلت من أرض لإثبات حقيقة المواقف، إلى ساحة للكذب والخداع، وإخفاء المواقف خوفاً من تأثيرها السلبي على النّاخبين.

أوباما سعى إلى إخفاء جميع إخفاقاته خلال الأربع سنوات الفائتة، بينما رومني حاول إخفاء تبنيّه سياسات سوف تقصم ظهر الفقراء كما فعل سلفه جورج بوش الصغير، كما حاول إخفاء منهجه المتطرف في السياسات الخارجية، الذي يسير بنفس العقلية التي كان يسير عليها بوش.

الأمر الأهم الذي لا تخطئه عين، أنّ المرشحين أوباما ورومني، يشتركان في خطوط عامة وتفاصيل دقيقة كثيرة جدا، فالرئيس الأمريكي لديه الحرية في جرّ السياسات نحو جوانب معيّنة، لكنّه لا يستطيع مخالفة السياسات الأمريكية العامّة، التي يظنّون أنّها تحمي أمريكا من أعدائها!

عموما، تبقى دولنا العربية وقضايانا هي مركز ومحور تلك الخطوط العامّة التي يتاجرون بها لكسب الناخبين!

أوباما ارتكز على ثلاث قضايا رئيسية في معركته مع رومني، الأولى كانت قتل أسامة بن لادن، والثانية كانت إنهاء الحرب في العراق والانسحاب منه، أمّا الثالثة فكانت التخلّص من نظام القذافي!

القضيتان الأولى والثانية كانتا أفكارا أمريكية لصنع أعداء وهميين يرهبون بهما الشّعب، ويحقّقون بهما المزيد من الاستحواذ على ثروات بلادنا، كما يحقّقون بهما مزيداً من سطوة (الاستعمار الناعم) ضدّ دولنا، بينما الثالثة دخلت فيها أمريكا في محاولة بائسة لقطف ثمارها وقضم جزء من الكعكة، كما تفعل عادة!

في القضايا الثلاث، وصلت أعداد الضحايا المسلمين فيها إلى أكثر من مليوني نفس بشرية، هذا غير الأسرى والجرحى والمشردين! كما لا يمكن أيضاً نسيان قضايا الانتهاك الإنساني والأخلاقي التي لم تتوقف في أفغانستان والعراق! ولكن لا يمكن حتى لرومني أن ينتقد أوباما ولا بوش في تلك السياسات الإجرامية، لأنّه لو كان مكانهما لفعل أكثر من ذلك!

قضايا الاغتصاب في أبوغريب، وضحايا الأسلحة الكيماوية في الفلوجة، ومجزرة قلعة «جانغي» في أفغانستان، هذا غير مئات الآلاف الذي قضوا بسبب القصف الأمريكي العشوائي على المدنيين، كلّها قضايا ليست ذات أهمية بالنسبة للحضارة الغربية! لأنّ من شابَه أباهُ فما ظلم!

إنّهم يرسّخون الانحطاط والدناءة وانعدام الإنسانية في حضارتهم، لذلك تبقى تلك المناظرات الرئاسية، شبيهة بعملية تجميل قبيحة، لامرأة تجاوز عمرها المائة سنة.

About this publication